استمرار القتال في أوكرانيا رغم دخول وقف إطلاق النار الروسي حيز التنفيذ
كييف – موسكو: «الشرق الأوسط»
تواصل القصف المدفعي الجمعة على جانبي الجبهة في باخموت، مركز المعارك في شرق أوكرانيا، رغم دخول الهدنة التي أعلنتها روسيا من جانب واحد حيز التنفيذ. وقال مراسلون إنهم سمعوا دوي قصف من الجانبين الروسي والأوكراني بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في هذه المدينة التي دمرت شوارعها إلى حد كبير جراء المعارك التي تراجعت حدتها مقارنة مع الأيام السابقة. وكان عشرات المدنيين مجتمعين في مبنى يُستخدم لتوزيع المساعدات الإنسانية حيث نظم متطوعون احتفالًا بعيد الميلاد ووزّعوا فاكهة وبسكويت قبل ساعة من دخول الهدنة الروسية حيز التنفيذ. وأكّد الشرطي بافلو دياتشينكو في باخموت أن الهدنة «استفزاز» روسي لن يساعد المدنيين في المدينة. وقال «قصفوا ليل نهار وكل يوم تقريبًا هناك قتلى». وإذا تم الالتزام بوقف إطلاق النار، فإنه سيكون أول هدنة واسعة النطاق في أوكرانيا منذ بدء الاجتياح الروسي في فبراير (شباط). وكان تم وقف المعارك أحيانا لفترات وجيزة في السابق في بعض المناطق، لإجلاء المدنيين على سبيل المثال من مصنع أزوفستال في ماريوبول (جنوب شرقي) في نيسان (أبريل).
ودخل وقفٌ لإطلاق النار في أوكرانيا أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جانب واحد حيز التنفيذ ظهر أمس الجمعة، إلا أن الساعات التي سبقته شهدت استمرارا للقتال وسط رفض كييف لهذه الخطوة التي وصفتها بالخدعة.
قال التلفزيون الرسمي الروسي إن وقفا لإطلاق النار أعلنته روسيا من جانب واحد بأوامر من الرئيس فلاديمير بوتين دخل حيز التنفيذ على طول الجبهة ابتداء من الظهر الجمعة بتوقيت موسكو. وأضافت القناة الأولى الروسية «ابتداء من ظهر اليوم، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ على طول خط التماس… سيستمر حتى نهاية 7 يناير».
وأعلن نائب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية كيريلو تيموشنكو أن الجيش الروسي قصف الجمعة مرّتين مدينة كراماتورسك في شرق أوكرانيا، بعد بدء سريان وقف إطلاق نار أعلنته موسكو. وكتب تيموشنكو على تلغرام أن «المحتلين ضربوا المدينة بصواريخ مرّتين. أُصيب مبنى سكني خاص. بحسب المعلومات الأولية، ليس هناك ضحايا». ورغم دوي تحذيرات من غارات جوية في عدة مناطق، لم يتحدث مسؤولون أوكرانيون عن وقوع ضربات جوية كبيرة منذ موعد سريان وقف إطلاق النار.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها بدأت وقفا لإطلاق النار من ظهر اليوم بتوقيت موسكو «على طول خطوط التماس»، لكنها أشارت إلى أن أوكرانيا واصلت قصف المناطق التي يسكنها الروس ومواقع عسكرية. وأعلن رئيس مدينة كراماتورسك الأوكرانية القريبة من خط المواجهة في شرق البلاد سقوط صواريخ على مبنى سكني في المدينة خلال الساعات التي سبقت وقف إطلاق النار، مما ألحق أضرارا بنحو 14 منزلا دون وقوع ضحايا. ووفقا لوكالة تاس الروسية للأنباء فقد اتهم مسؤولون مدعومون من روسيا أوكرانيا بقصف دونيتسك بالمدفعية بعد وقت قصير من الموعد الذي كان من المفترض دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فيه.
وأعلن بوتين أمس الخميس وقفا مفاجئا لإطلاق النار لمدة 36 ساعة، تستمر حتى انتهاء احتفالات المسيحيين الأرثوذكس في روسيا بعيد الميلاد اليوم السبت. لكن أوكرانيا وحلفاءها الغربيين رفضوا دعوته، واعتبروها خدعة تهدف إلى منح موسكو بعض الوقت لتعزيز قواتها ومعداتها بعد تكبدها خسائر فادحة في منطقة دونيتسك الصناعية حيث تقع كراماتورسك.
وانتقد الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف أمس الجمعة الساسة الأوكرانيين لرفضهم وقف إطلاق النار. وقال ميدفيديف، الذي يشغل حاليا منصب رئيس مجلس الأمن الروسي، عبر قناته بتطبيق تيلغرام «الخنازير عديمة الإيمان وليس لديها أي إحساس فطري بالامتنان… إنهم لايفهمون سوى لغة القوة الوحشية ويطلبون الطعام بالصراخ من أسيادهم».
لكن أوكرانيا اعتبرت هذه المبادرة «ضربا دعائيا». وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن قرار بوتين يشكل «حجّة هدفها وقف تقدّم جنودنا في دونباس وتوفير العتاد والذخائر وتقريب جنود من مواقعنا (..) ما الحصيلة؟ مزيد من القتلى». ويصر زيلينسكي على انسحاب كامل للقوات الروسية من بلده بما يشمل القرم قبل أي حوار مع موسكو. وفي حال لم يحصل ذلك، تعهد زيلينسكي استعادة الأراضي الأوكرانية المحتلة بالقوة.
وأتى إعلان الهدنة من جانب روسيا بعد أقل من أسبوع على ضربة نفّذها الجيش الأوكراني ليلة رأس السنة أدت إلى مقتل 89 عسكريا روسيا على الأقل في ماكيفكا في شرق أوكرانيا. وفي خطوة نادرة، اعترف الجيش الروسي بحدوث القصف الدامي الذي أثار انتقادات في روسيا للقيادة العسكرية.