تحذير جديد من فضيحة قد تصيب الخدمات الصحية في بريطانيا
المفوضة الحكومية “رسالتي للقادة واضحة ومفادها ألا تدعوا ذلك يحدث على مرأى ومسمع منكم”
ريبيكا توماس مراسلة الشؤون الصحية
ما لم يضع قادة المرافق الصحية هدفاً استراتيجياً للاستماع للمرضى والتصرف بناء على ذلك، فإننا نتجه مباشرة إلى فضيحة جديدة وما يترتب عنها من أضرار جسيمة ووفيات (رويترز)
حذرت أول مفوضة حكومية مكلفة بسلامة المرضى في #المملكة_المتحدة من أن هيئة “#الخدمات_الصحية_الوطنية” (أن إتش أس) NHS تتجه نحو #فضيحة_صحية كبرى أخرى، إذا لم يتم تحسين الرعاية على نحو عاجل.
وترى الدكتورة هنرييت هيوز أن القيمين على قطاع الرعاية الصحية يركزون أكثر مما ينبغي على “التمكن المالي” و”الإنتاجية”، بدلاً من الانتباه للاهتمامات الحقيقية للأفراد الذين هم تحت رعايتهم. ونبهت إلى أنه في حال لم تتغير الأمور، فستكون مواجهة “أن إتش أس” لكارثة صحية أخرى في مجال الرعاية الصحية، ليست سوى مسألة وقت.
هذا التحذير يأتي في وقت تواجه فيه مرافق “الخدمات الصحية الوطنية” مصاعب في التعامل مع إضراب واسع النطاق من جانب الممرضات في القطاع والمسعفين والعاملين في خدمة مكالمات خط الطوارئ 999.
وقد أدت الضغوط في الأسابيع الأخيرة، المرتبطة بأوقات الانتظار في أقسام “الحوادث والطوارئ” A&E إلى تأخير المرضى لأيام، قبل أن يقوم متخصصون بفحصهم، وأدى التأخير في بعض الحالات إلى وفاة أشخاص قبل وصول سيارات الإسعاف إليهم.
تجدر الإشارة إلى أن “اندبندنت” كانت قد كشفت عن قائمة من الإخفاقات في وحدات الولادة في مستشفيات “شروزبري”، و”إيست كينت”، و”نوتينغهام”، إضافة إلى قصور أنظمة في مجال رعاية الصحة العقلية.
الدكتورة هيوز أجرت، في أول تقرير تضعه منذ تعيينها في المنصب العام الماضي، مقارنة مباشرة مع الإخفاقات في الرعاية التي حدثت في “مستشفى ميد ستافوردشير” Mid Staffordshire NHS Foundation Trust في العقد الأول من القرن الـ21، عندما توفي 1,200 شخص بسبب سوء رعاية المرضى. وتعد تلك إحدى أكبر فضائح الرعاية الصحية على الإطلاق في المملكة المتحدة، ورمزاً للإهمال في مرافق “أن إتش أس”.
واعتبرت مفوضة الحكومة البريطانية أنه “ما لم يضع قادة المرافق الصحية هدفاً استراتيجياً للاستماع للمرضى والتصرف بناء على ذلك، فإننا نتجه مباشرة إلى أيام فضيحة “مستشفى ميد ستافوردشير” وغيرها من الفضائح الصحية الأخرى، وما يترتب عنها من أضرار جسيمة ووفيات. إن رسالتي للقادة واضحة ومفادها ألا تدعوا هذا يحدث على مرأى ومسمع منكم”.
وكان قد تم تعيين الدكتورة هيوز في استجابة من الحكومة البريطانية لـ “مراجعة كامبرليغ” Cumberlege Review التي أجريت في عام 2020 وسلطت الضوء على ثلاثة مجالات للقلق الطبي السريري، وهي الأدوية المستخدمة في معالجة الصرع، والشبكة الجراحية للقاع الحوضي، واختبارات الحمل الهرمونية.
نحن بحاجة إلى تغيير جذري في الطريقة التي يتم من خلالها الاستماع لصوت المرضى وعائلاتهم. وهذا يتطلب إحداث تغييرات في التشريعات والقوانين والسياسات، وتكليفات العمل، والتعليم، والمهنية، والمواقف، والسلوكيات والثقافة
الدكتورة هنرييت هيوز، المفوضة الحكومية المكلفة بسلامة المرضى
وكانت هيوز في السابق الوصية على حرية التعبير الوطنية في هيئة “الخدمات الصحية الوطنية”، وتولت مسؤولية الإشراف على خدمات الإبلاغ عن المخالفات الوطنية (يوجد في المملكة المتحدة قرابة 800 من “الأوصياء على حرية التحدث” Freedom to Speak Up Guardians في مرافق “أن إتش أس” وغيرها من مؤسسات القطاع الخاص).
يجدر التذكير هنا بأن عشرات الآلاف من النساء قد تضررن من الشبكيات الجراحية للقاع الحوضي التي من المفترض أن تساعد في التحكم بسلس البول، في وقت أعطي فيه آلاف الأطفال دواء فالبروات الصوديوم، وهو علاج للصرع.
وأوضحت الدكتورة هيوز في تقريرها أن مريضات تحدثن عن فترات انتظار طويلة للوصول إلى المراكز المتخصصة بشبكة الحوض، وعانين آلاماً، ولقين معاملة اتسمت “بعدم الاحترام” من جانب الخدمات الصحية.
وتشير تقديرات إلى أن 100 ألف شخص، معظمهم من النساء، أجريت لهن الشبكية الجراحية للحوض في العقدين الماضيين، وعانت قرابة 10 في المئة منهنّ من مضاعفات صحية خطرة طويلة الأمد بعد العملية. وفي أعقاب “مراجعة كامبرليغ”، أنشأت هيئة “أن إتش أس” مراكز متخصصة للمريضات المتضررات من تلك الإجراءات.
إلا أن مفوضة سلامة المرضى أعربت عن “عدم ثقتها” من أن هذه المراكز قد تم تطويرها بمشاركة المرضى، بعدما تم الإبلاغ عن تأخيرات طويلة، وعن صعوبات في الوصول إلى الخدمات.
وعلى رغم ما تم الكشف عنه في “مراجعة كامبرليغ” عن دواء فالبروات الصوديوم الذي تسبب في حدوث تشوهات عند الأطفال بعدما تناولته نساء أثناء فترة الحمل، قالت الدكتورة هيوز إنه ما زال هناك ثلاثة أطفال يولدون شهرياً بعد تعرضهم للدواء.
واستنتجت أن المخاوف في شأن الضرر الذي طاول المرضى – التي أدت إلى المراجعة – ما زالت قائمة اليوم وتتعين إزالتها.
وتابعت الدكتورة هيوز: “تبين لي أننا بحاجة إلى تغيير جذري في الطريقة التي يتم من خلالها الاستماع لصوت المرضى وعائلاتهم. وهذا يتطلب إحداث تغييرات في التشريعات والقوانين والسياسات، وتكليفات العمل، والتعليم، والمهنية، والمواقف، والسلوكيات والثقافة. وفي الأساس، كل ما نقوم به كنظام رعاية صحية، لأن جل ما نقوم به يتعلق بالمرضى”.
ودعت مفوضة السلامة الهيئات الوطنية والجهات المنظمة والهيئات المهنية والعاملين الصحيين على الخطوط الأمامية ومجموعات المرضى، إلى التعاون وإظهار التزامهم سلامة المرضى، قائلة “أعي تماماً أن الخدمات الصحية تتعرض لضغوط شديدة، لكن عندما تكون سلامة الناس في صميم كل ما نقوم به، فإننا سنعمل على الحد من الضرر الذي يلحق بالمرضى الذي يمكن تجنبه”.
في المقابل، حضت الدكتورة هيوز قادة الصحة على إشراك المرضى في عضوية مجالس إداراتهم، معتبرة أنه “ما لم يتم الإصغاء لما يقوله المرضى والعمل بناء على ذلك، فسيستمر تعريض سلامة الأفراد للخطر، وستتواصل معاناة المرضى وأسرهم، من عواقب الضرر الذي يلحق بهم”.
وفي تعليق على ما تقدم قال متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية إن “المرضى هم في صلب اهتماماتنا. وقد قمنا بتعيين أول مفوضة لسلامة المرضى على الإطلاق، للإصغاء أكثر لمطالب المرضى واحتياجاتهم، وتقديم الدعم اللازم لهم”.
وأضاف “نعمل على نطاق أوسع على تحسين سلامة الرعاية الصحية، من خلال تعزيز الشفافية، ومطالبة المستشفيات بإبلاغ المرضى في حال تم تعريض سلامتهم للخطر، ووضع تدابير الحماية القانونية للأفراد المبلغين عن المخالفات، إضافة إلى وضع أول استراتيجية لسلامة المرضى لهيئة الخدمات الصحية الوطنية قيد التنفيذ، من أجل إرساء ثقافة آمنة للتعلم عبر مرافق ’أن إتش أس‘”.
وخلص المتحدث الرسمي إلى القول “سننشئ هذه السنة أيضاً هيئة مستقلة جديدة هي هيئة تحقيقات السلامة في الخدمات الصحية Health Services Safety Investigations Body، للتدقيق في الحوادث الخطرة المتعلقة بسلامة المرضى في إنجلترا. وسنواصل العمل عن كثب مع الدكتورة هيوز كي نتمكن من تقديم رعاية آمنة تركز بشكل أفضل على المرضى”.