Share on TwitterShare on WhatsAppالعراق
“المحتوى الهابط” في العراق.. مخاوف من استخدام “تعابير مطاطية” لـ “تكميم الأفواه”
الحرة – واشنطن
أرسلت السلطات العراقية، الأربعاء، اثنين من صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى السجن بتهمة “نشر أفلام وفيديوهات تتضمن أقوالا فاحشة ومخلة بالحياء والآداب العامة وعرضها على الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي”، وفقا لبيان مجلس القضاء الأعلى العراقي.
وصدر حكم بسجن “محمد عبد الكريم حسين الباوي الملقب حسن صجمة” عامين، كما قرر القضاء العراقي سجن غفران مهدي سوادي المدعوة بـ”أم فهد”، ستة أشهر.
واشتهر “حسن صجمة” بتصوير لقاءات مع فتيات في الغالب وسؤالهن عن مواضيع مختلفة، وتثير فيديوهاته الكثير من الجدل بسبب طبيعة الأسئلة والأجوبة.
بينما تعرّف “أم فهد” نفسها على أنها صانعة محتوى وخبيرة تجميل، وتتباهى أحيانا بـ”علاقاتها” النافذة.
لكن “لا شيء مما سجله الاثنان ونشراه يعتبر مصداقا للمادة 403 التي حكما على أساسها”، كما يقول المحامي العراقي، حسان الزبيدي.
ويعتقد الزبيدي، الذي تكلم لموقع “الحرة” إن “المحكمة تسرعت في قراراتها لأن “الإخلال بالآداب العامة” مفهوم يحتمل أكثر من تفسير، وكان يجب عرض مواد الاتهام على لجنة متخصصة لبيان رأيها”.
ويتوقع الزبيدي أن تقوم محكمة التمييز بنقض الحكم وتخفيفه.
ويأتي الحكم بعد قرار من مجلس القضاء الأعلى يطلب من المحاكم العراقية “اتخاذ الإجراءات المشددة” بحق من يرتكب “جرائم نشر محتويات تسيء للذوق العام وتشكل ممارسات غير أخلاقية إضافة إلى الإساءة المتعمدة وبما يخالف القانون للمواطنين ومؤسسات الدولة”.
ووقع القرار رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، وهو أيضا رئيس محكمة التمييز الاتحادية التي تشرف على النظر في أحكام القضاة.
وصدر القرار في اليوم ذاته الذي صدرت فيه الأحكام، مما يجعل “فرص المتهمين بالتمييز ضعيفة”، كما يقول المحامي، سعدون علي.
ويضيف علي لموقع “الحرة” أن “القضاء يبدو عازما على ملاحقة صناع المحتوى المسيء على مواقع التواصل وفقا للمادة 403”.
وتقول المادة 403 من قانون العقوبات العراقي التي صدر على أساسها الحكمان بـ”الحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو استورد أو صدر أو حاز أو أحرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع كتابا أو مطبوعات أو كتابات أخرى أو رسوما أو صورا أو أفلاما أو رموزا أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالحياء أو الآداب العامة”.
كما “يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أعلن عن شيء من ذلك أو عرضه على أنظار الجمهور أو باعه أو أجره أو عرضه للبيع أو الإيجار ولو في غير علانية. وكل من وزعه أو سلمه للتوزيع بأي وسيلة كانت”.
ويقول المحامي سعدون علي إنه على نطاق واسع كانت هذه المادة تفهم على أنها وسيلة لمحاربة المحتوى الإباحي أو صنع مواد إباحية، لكن استخدامها لتقييد أفعال تبدو اعتيادية هو أمر “مقلق”.
لكن الخبير القانوني حيان الخياط يقول لموقع “الحرة” إن الأحكام “قانونية، لكونها تستند إلى مواد قانونية سارية المفعول، وفي حال المطالبة بإفساح مجال أكبر لحرية التعبير فيجب تعديل أو إلغاء هذه المواد القانونية”.
ويعترض الخبير القانوني حسين السعدون على مفردة “الإخلال بالحياء أو الآداب العامة”.
ويقول السعدون لموقع “الحرة” إن المحكمة اختارت أشد حكم بإحدى القضيتين مع أن المادة القانونية التي استندت عليها تقول إن العقوبة تعتبر مشددة إذا كانت بقصد “إفساد الأخلاق”.
ويضيف “كيف تمكنت هيئة المحكمة من تقرير أن أفعال أحد المدانين كانت تخل بالحياء والآداب، وكانت بقصد إفساد الأخلاق، دون الاستعانة بآراء خبراء وفي جلسة محاكمة واحدة؟”.
ويضيف “معنى هذا أن المعيار الأهم يعتمد على فهم القاضي لما هو مخل بالأخلاق وما هو غير مخل، وهذا بالتالي يعتمد على الحكم الشخصي، ما دام القانون لا يضع خطوطا واضحة لتعريف الجريمة والفعل الجرمي”.
لكن الخبير حيان الخياط يقول إن “حكم القاضي يدرس من قبل هيئة جزائية مكونة من ثلاثة قضاة تراجع قراره بعد التمييز ويمكن نقضه إذا كان خاطئا”.
ويقول الخبير القانوني، علي التميمي، لموقع “الحرة” إن “العراق بحاجة إلى تشريع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية ليكون حلا لمثل هذه الجرائم الشائعة”.
ويضف في حديث لموقع “الحرة” إن الأمر الثاني المهم هو جهة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي”، ودعا إلى تشكيل لجنة خاصة مرتبطة بهيئة الإعلام والاتصالات للرقابة على تلك الوسائل.
اعتراضات حقوقية
بدأت الحملة على “المحتوى الهابط” كما وصفته وزارة الداخلية العراقية بالتزامن مع حملة أطلقها ناشطون وصحفيون تهدف إلى الحد من المنشورات ذات المستوى “الهابط أخلاقيا”.
لكن أحد مطلقي الحملة، وهو الصحفي محمد الفهد، يقول إن الفكرة كانت “نقد المحتوى كمحتوى”، مضيفا “لن أقبل باستغلال هذه الحملة أو الإجراءات للتضييق على الحريات أو تكميم الأفواه”.
وفي بيان توضيحي بعد إصدار الأحكام القضائية قال الفهد” “وجهة نظري لو أن الإجراء القانوني يبدأ من التحذير، لأن الهدف هو تصحيح السلوك والمحتوى وليس الإقصاء أو التعسف”.
ويقول الناشط حسنين مهنا إن “من السهل جدا استخدام مواد قانونية مطاطية للتضييق على حرية التعبير”.
وقال مهنا لموقع “الحرة” متسائلا: “ما الذي يضمن أن أي نقد للسلطة لن يواجه بالسجن، خاصة وأن تعميم رئيس مجلس القضاء أشار إلى الانتقادات الموجهة للمؤسسات الحكومية أو الأشخاص؟”.
وأضاف “وفقا لفهمي فإن القضاء يستخدم الآن لترهيب منتقدي السلطات أو الشخصيات النافذة”.