حلب “مدينة منكوبة”… تاريخ صعب للزلازل في سوريا

1

وفاة 1700 شخص و3750 مصاباً وعائلات بكاملها تحت الأنقاض ونقص بمعدات الإنقاذ

مصطفى رستم صحافي 

تختنق الدموع في مقل الناجين من #الزلزال_المدمر الذي حول مدناً سورية إلى #مناطق_منكوبة في #حلب وحماة واللاذقية وإدلب، فالأبنية التي لم تسقط من فعل #الكارثة تصدعت وباتت آيلة للسقوط، في حين قضى الناس ليلتهم الأولى في الساحات العامة، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وسط طقس شديد البرودة.

على وقع هطول زخات المطر الغزيرة انتشلت فرق الإغاثة في المدن المنكوبة جثثاً لعائلات دفنت بالكامل تحت الركام، ولعل الحصيلة الأولية سجلت وفاة 1932 شخصاً وما زال العدد معرضاً للارتفاع، بينما وصل عدد المصابين إلى قرابة 3750 في حين تتضاءل جهود إنقاذ الأرواح مع مرور وقت يزيد على 24 ساعة، ويأتي كل ذلك وسط معاناة شديدة في تأمين المعدات والآلات الثقيلة الضرورية لتلبية نداءات الاستغاثة من عدد الأبنية المنهارة.

مسؤول في إحدى الفرق الإغاثية أكد وجود نقص بالمعدات التي لا تتناسب مع حجم الأضرار المتزايدة وقال إن حلب باتت مدينة منكوبة إذ سجل فيها لوحدها 52 بناء مهدماً، لافتاً إلى سقوط بناء تأثر بالزلزال سابقاً، علاوة عن إخلاء أبراج ظهرت عليها آثار التصدع، بينما في اللاذقية أكثر من 20 بناء مهدماً.

طائرات المساعدات

في المقابل وصلت طائرات تحمل مساعدات إنسانية وفرقاً إغاثية من دول مجاورة كالعراق ولبنان، وحطت في مطار حلب طائرة تونسية وأخرى جزائرية، بينما هبطت ثالثة روسية في مطار اللاذقية.

3_(25).jpg

تاريخياً شهدت سوريا كثيراً من الهزات (اندبندنت عربية)

وأعربت دول عربية وأجنبية عن تضامنها مع سوريا وسط مناشدات أطلقها رئيس الهلال الأحمر السوري خالد حبوباتي عن الحاجة الملحة إلى معدات ثقيلة وسيارات إسعاف وإطفاء لمواصلة عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض.

حبوباتي قال خلال مؤتمر صحافي إن عمليات الإنقاذ تتطلب رفع العقوبات عن سوريا في أسرع وقت، مشيراً إلى أن عدد الضحايا مرشح للارتفاع وأن هناك عدداً من الأبنية ما زال مهدداً بالانهيار ومضيفاً “نتائج الزلزال كارثية ومتطوعو المنظمة في حال جاهزية، لكن نفتقد المعدات”.

تاريخ الزلازل الصعب

تقع مدينة حلب في الجزء الشمالي من صدع البحر الميت الذي يمثل فلقاً طبيعياً يفصل بين الصفيحتين التكتونية العربية ونظيرتها الأفريقية من طبقات القشرة الأرضية، ويعتبره الجيولوجيون من أكثر الصدوع الزلزالية حركة وتوليداً للزلازل.

تاريخياً شهدت سوريا كثيراً من الهزات، واعتبر المؤرخ السوري علاء السيد في حديث إلى “اندبندنت عربية” أن زلزال مدينة حلب عام 1822 كان الأكبر والأشد خطورة، وقدرته مصادر تاريخية وقتها بسبع درجات على مقياس ريختر، وقال “اللافت في ما يتعلق بذلك الزلزال أن هزاته الارتدادية استمرت لمدة عامين وأن عدد الوفيات تراوح بين 20 ألفاً و60 ألفاً”.

لكن بالعودة إلى مصادر تاريخية، يرى مؤرخون أن زلزال حلب عام 1138 يعد الأخطر، إذ إن قوته وصلت إلى 8.5 درجة على مقياس ريختر وصنف من أقوى الزلازل في العالم وثالث أكثر الزلازل دموية وتدميراً.

بينما يشير المؤرخ عمر تدمري، وفق كتابه عن تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، إلى أن “الزلزال العظيم” وقع في مدينة حماة بوسط سوريا عام 1157 حيث راح ضحيته عشرات الآلاف.

أما الزلزال المغرق في القدم الذي استطاع المؤرخون توثيقه، فكان زلزال دمشق عام 847 وضرب دمشق وأنطاكية ووصل إلى الموصل وناهز عدد الوفيات الـ20 ألفاً، ويعتقد بأنه أقوى الزلازل على طول صدع البحر الميت.

الهزات الارتدادية

بالعودة إلى الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا في ساعة مبكرة الإثنين، فبلغت قوته 7.9 درجة على مقياس ريختر وشعر به سكان قبرص ولبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر، وكان المركز العالمي للزلازل حذر بتغريدة له في 30 يناير (كانون الثاني) عن احتمال كبير بحدوث نشاط زلزالي قوي.

ويجمع علماء عالميون متخصصون في الزلازل على أن زلزال تركيا وسوريا يعد الأكثر تسبباً بوقوع ضحايا خلال العقد الأخير، بحيث أدى إلى صدع يمتد طوله لما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة العربية والأناضولية.

الأبنية القابلة للسقوط

أعلن المعهد العالي للبحوث والزلازل وقوع 250 هزة ارتدادية لاحقة للزلزال الرئيس وهي دون شدته التي سجلت 7.8 درجة في اليوم الأول، بينما انخفض عددها إلى مستوى أقل بكثير من دون أن تتوقف، وكانت ذروة الهزات في حلب وحماة وإدلب واللاذقية حيث هرع الأهالي إلى الشوارع فجر الثلاثاء بعد إحساسهم بتمايل البيوت.

وبينما تسببت الكارثة في سقوط عشرات الأبنية على ساكنيها وما زال عدد كبير من المفقودين تحت الأنقاض، أفاد مصدر حكومي بأن أسطولاً من الآليات تحركت من العاصمة دمشق إلى حلب وحماة واللاذقية للمساعدة في أعمال رفع الركام وانتشال الجثث وإنقاذ المتضررين.

ورصدت “اندبندنت عربية” هلع الأهالي الذين افترشوا الطرقات، وعند محاولة العودة لبيوتهم تفاجأوا بتصدعات وتشققات جراء قوة الزلزل، وتفيد المعلومات الواردة من لجان السلامة العامة بوجود أكثر من 2000 بناء متصدع.

1_(27).jpg

يرى مؤرخون أن زلزال حلب عام 1138 يعد الأخطر (اندبندنت عربية) 

كما أخلت اللجان ذاتها أبراج عالية لتصدعها وهيأت مراكز إيواء في الملاعب والمدن الرياضية والمدارس، علاوة عن استقبال الكنائس والأديرة والمساجد المتضررين والنازحين مع إعلان أرقام هواتف في حال الشك بأية تصدعات.

كذلك تعرضت قلعة حلب التي تعد أكبر قلاع العالم لأضرار طفيفة ومتوسطة منها سقوط أجزاء من الطاحونة العثمانية وحدوث تشقق وتصدع وانهيار أجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية، وسقوط أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، كما تضرر مدخل القلعة وسقطت أجزاء من الحجارة ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، إضافة إلى تعرض واجهة التكية العثمانية لأضرار.

وتسجل الأحياء الشرقية من حلب حركة نزوح كثيفة خوفاً من الهزات الارتدادية المتلاحقة التي شهدتها، كما توقفت مصفاة بانياس أكبر مصفاة لتكرير النفط في سوريا عن العمل موقتاً جراء الأضرار التي لحقت بها.

من جانبه أعلنت “الخوذ البيضاء” التي تعمل في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة شمال غربي سوريا منطقة منكوبة بالكامل من جراء الزلزال، داعية جميع الجهات المحلية والقوى المدنية إلى استنفار كوادرها إزاء هذه الكارثة المفجعة واتخاذ إجراءات طارئة تحول دون تفاقم الوضع.

في المقابل، أكد رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري حبوباتي أنه لا فرق بين أي مواطن وآخر، “نحن مستعدون لإرسال قافلة مساعدات إلى داخل إدلب، المواطنون هناك أهلنا والهلال الأحمر السوري لكل المواطنين، ونناشد المجتمع المدني بوقف الحصار ورفع العقوبات عن سوريا”.

التعليقات معطلة.