1

الرياضة والسياسة و”الخساسة”

الانتقائية التي مارسها الإعلام الغربي ضد الدوحة أثناء كأس العالم ودبي في تنظيم “إكسبو” منافقة وتوقيتها انتهازي كريه

سعد بن طفلة العجمي وزير الإعلام السابق في الكويت 

يظهر شعار حملة “لا مجال للعنصرية” قبل مباراة كرة قدم في الدوري الإنجليزي الممتاز (أ ف ب)

المكان العاصمة القطرية الدوحة، والزمان الـ 18 من ديسمبر (كانون الأول) 2022 اليوم الذي توج فيه الفريق الوطني الأرجنتيني بطلاً لكأس العالم للمرة الأولى منذ عام 1986، والأسطورة الكروي ليونيل ميسي يقود الفريق نحو الفوز التاريخي على فرنسا، ويلبسه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بشتاً أسود كرمزية ثقافية معنوية بتكريمه بهذا الرداء العربي الشهير.

كان يوماً تاريخياً ليس بفوز الأرجنتين بكأس العالم وحسب، لكنه اليوم الذي انتهت فيه انتهاكات حقوق الإنسان في قطر وتوقف الإعلام الغربي عن نشر أي تقارير لانتهاكات حقوق الإنسان وحقوق العمال الوافدين وحقوق المثليين في قطر، وهو ما يعني أحد أمرين، إما أن تلك الانتهاكات قد توقفت بالفعل وانتهت تماماً، وهو الأمر الذي تنفيه قطر بتواضع، وتقرر أن الأخطاء والانتهاكات تحصل في كل دول العالم بما فيها قطر، أو أن تلك الانتهاكات كانت تنفخ نفخاً في التقارير الإعلامية الغربية لأسباب لا علاقة لها بحقوق الإنسان، وأن “وراء الأكمة ما وراءها”.

الأمر نفسه ينسحب على التقارير الغربية الإعلامية حول حقوق العمال في دبي قبل تنظيم “إكسبو دبي 2020″، فقد توقفت تلك التقارير أو تلاشت بمجرد انتهاء تنظيم الـ “إكسبو” مثلما توقفت عن قطر بانتهاء كأس العالم.

نظمت دبي والدوحة تظاهرتين عالميتين مبهرتين شهد لنجاحهما القاصي والداني، وكان المبدأ الذي ينادي به الاتحاد الدولي لكرة القدم هو عدم خلط الرياضة بالسياسة، إذ ينص نظامه على عدم جواز الإشارة إلى أي توجه “سياسي أو ديني”، وكان الاتحاد الإنجليزي غرم المدرب بيب غوارديولا مدرب فريق مانشستر سيتي الإنجليزي، 28 ألف دولار عام 2018، لأنه كان يلبس شريطاً أصفر خلال المباريات تعبيراً عن تضامنه مع قادة إقليم كتالونيا الإسباني المطالبين بانفصاله والقابعين بالسجون الإسبانية لتنظيمهم استفتاء “غير دستوري” حول انفصال الإقليم واستقلاله.

غزت روسيا أوكرانيا العام الماضي فتوشحت الملاعب الأوروبية باللونين الأصفر والأزرق (لونا العلم الأوكراني) تضامناً مع أوكرانيا، ووقفت الجماهير تصفق للاعبي أوكرانيا ومنع الرياضيون الروس من المشاركة في الألعاب والمنافسات الدولية، بما في ذلك كأس العالم تعبيراً عن التضامن السياسي والعسكري والاقتصادي والدعائي والرياضي الغربي مع أوكرانيا ضد روسيا الاتحادية.

تعتبر الرياضة واحدة من الساحات التي تقرب الشعوب وجسراً من جسور التواصل وحمامة للسلام والتعايش بين دول العالم، وهكذا يرى الرياضيون الذين يتمتعون بروح رياضية، وهكذا هي الرسالة المعلنة للاتحادات الرياضية المختلفة في شتى دول العالم.

صحيح أن القول شيء والفعل شيء آخر، لكن التشديد العلني على نبذ العنصرية مثلاً مسألة لا تقبل الجدل بين جميع الاتحادات الرياضية في العالم، وهي رسالة مساواة وتعايش وسلام، لكنها أيضاً رسالة سياسية لا يختلف عليها اثنان، وهنا يمكن للواحد أن يستخلص أن السياسة والرياضة متصلتان دوماً، ولا بأس في ذلك إن كنا سنأخذ بهذا المبدأ بعمومية، لكن الانتقائية التي مارسها الإعلام الغربي بالنقد البنّاء أحياناً والتجني أحياناً أكثر على مسائل حقوق الإنسان كان ازدواجية وقتية تلاشت بتلاشي الحدث الذي حاولوا تخريبه، أي كأس العالم، مثلما حاولوا إفشال “إكسبو 2020″، وهي انتقائية منافقة وتوقيت انتهازي كريه.

التعليقات معطلة.