1

من هو سوار ذهب السودان؟

طارق الحميد

طارق الحميد إعلامي و كاتب سعودي ورئيس تحرير سابق لصحيفة «الشرق الأوسط»

تعليقاً على مقالي السابق «درس السودان»، سألني أحد الأذكياء؛ هل يستطيع الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش أن يكون المشير سوار الذهب؟ وأضيف إلى سؤاله، سوار الذهب الفعال، لا المثالي، وبدعم وغطاء عربي ودولي.
وأضيف إلى السؤال أيضاً سؤالاً آخر؛ هل يستطيع الفريق أول محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، قائد قوات «الدعم السريع» أن يكون سوار الذهب الجديد؟ لكن الميليشيا عادة لا تفعل ذلك، والإشكالية أن الرجلان يخوضان معركة القصر أو القبر.
وعليه، وسط الحديث عن وساطات تجري الآن لإطلاق حوار بين القائدين المتقاتلين، فإن السؤال هو؛ هل يستطيع البرهان أن يعلن أن دوره هو الحسم والقضاء على الميليشيا، ثم تأمين المرحلة الانتقالية؟
هل يعلن البرهان أنه إذا ما استعاد الجيش الأوضاع على الأرض فإنه سيشرع فوراً بالانسحاب من المشهد السياسي، ويضمن له على إثر ذلك سلامته، ويكون سوار الذهب الحقيقي، ويعهد بالحكم لسلطة مدنية؟
قد يبدو هذا الطرح مثالياً، لكنه تفكير بصوت مسموع، ومحاولة فتح آفاق للتفكير حيال هذه الأزمة الخطرة، فهل يستطيع البرهان إعلان ذلك والالتزام به، وبالتالي يسدد ضربة حقيقية لقائد «الدعم السريع» حميدتي من خارج ميدان المواجهة العسكرية؟
هل يقوم البرهان بتسجيل نقطة سياسية سلمية تفوق الانتصار العسكري الميداني، خصوصاً أن بعض النصر يأتي نتاج دهاء سياسي، وليس فقط عبر ألسنة المدافع؟ فهل يفعلها البرهان، ويضع قائد الدعم السريع في حرج دولي؟
هل يفعلها البرهان ليكون المنقذ الحقيقي للدولة، ويعيد الهيبة لجيش الجمهورية، ويضع الكرة في ملعب المجتمع الدولي، وقبله العربي، والمهم والأهم، يطهر الجيش السوداني من خطيئة البشير و«الإخوان المسلمين» ليقول التاريخ إن أهم منقذي الدولة أيضاً عسكر؟
المطلوب اليوم هو انتصار الدولة السودانية، وليس شخص البرهان أو حميدتي، الذي كرر في حواره مع هذه الصحيفة عبارة «فلول النظام البائد» و«القوات الانقلابية»، بإشارة إلى أن الجيش، وتحديداً البرهان، هو امتداد لنظام البشير.
وكما أسلفت، فإن السؤال نفسه قائم لحميدتي، لكن لا نتائج حاسمة على الأرض بالنسبة لـ«الدعم السريع». وإلى الآن، فإن أكثر شيء فعال بالنسبة لرجال حميدتي هو الدعاية واستغلال وسائل التواصل والإعلام لإعلان انتصار «على الهواء».
في مقابلته مع هذه الصحيفة، يقول حميدتي: «ستكون هناك عودة للاتفاق الإطاري بعد سقوط أو استسلام قيادات القوات المسلحة الانقلابيين، وهذا عهد قطعناه أمام شعبنا، ونحن لا نخون العهود».
وأشك في ذلك، ويشك كل متابع لأوضاع السودان، وهذا شك صحافي طبيعي، وشك ينتاب كل من راقب مسار الميليشيات في منطقتنا. ولذلك، فإن السؤال مكرر هنا. وهو؛ هل يستطيع حميدتي أن يتعهد بالانسحاب من المشهد؟ أشك، لأن معركته هي معركة بقاء ميليشيا، لا دولة.
ولذا، فهل ينتصر البرهان للدولة السودانية، ويكون أول العسكر الجادين بعد العسكري الصادق سوار الذهب؟ هل يكسب البرهان الجولة بتعهد واضح، وتكسب السودان أهم خطوة بالمعركة الخطرة هذه، وهو بقاء ما بقي من الدولة؟

التعليقات معطلة.