1

ماذا يعني اتفاق رفع سقف الدين الأميركي؟

توقعات بمقاومة جمهورية محدودة والأسواق تترقب تمرير الصفقة قبل حلول الخامس من يونيو المقبل

عبد العظيم الأموي خبير اقتصادي 

ثغرة دستورية كانت تمنح بايدن مفتاح تجاوز الأزمة من دون اللجوء إلى الكونغرس (أ ف ب)
 

في وقت متأخر السبت الماضي توصل الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي إلى اتفاق مبادئ من شأنه رفع سقف الدين وخفض الإنفاق، وهي القضية التي كانت محل اهتمام الإعلام خلال الأشهر الماضية خشية تخلف أميركا عن سداد التزاماتها داخلياً وخارجياً.

وتابعت الأسواق المالية التجاذبات السياسية والخلافات حول الرؤى الاقتصادية بين الحزبين في شأن المالية العامة وبنود صرف الموازنة الفيدرالية، وخشيت أن تستمر الخلافات وتتأخر واشنطن في رفع سقف الدين قبل الموعد المحدد الذي أشارت إليه وزارة الخزانة.

وبعد الاتفاق قال الجمهوري كيفن مكارثي إن “الاتفاق المبدئي مرض للطرفين ولم نتحصل فيه على كل شيء”، ولكنه يتوقع أن يجد الترحيب والدعم من حزبه.

وأشاد بالرئيس جو بايدن وفريقه وقال “إنهم كانوا محترفين وأذكياء”، في حين قال الرئيس بايدن إن الاتفاق يمثل حلاً وسطاً وأن الطرفين لم يحققوا كل أهدافهم، ولكنها جيدة وتحفظ أميركا، وحث مجلسي النواب والشيوخ لتمرير الخطة لتفادي تخلف كارثي عن السداد، على حد وصفه.

مدة عامين

ويقضي الاتفاق برفع سقف الدين بأربعة تريليونات دولار لمدة عامين، واشتمل على سقف في زيادة الإنفاق السنوي بواحد في المئة لمدة ستة أعوام، ويشمل الاتفاق التمويل الكامل للرعاية الصحية لقدامى المحاربين وبعض الإصلاحات في مجال الطاقة، في حين لا تشتمل الصفقة على ضرائب جديدة، وتشملها زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 900 مليار دولار وهو ما طلبه الرئيس بايدن في موازنة عام 2024.

ويشمل الاتفاق خفض الإنفاق بـ 131 مليار دولار العام المقبل، واسترداد موارد مخصصة لمجابهة كورونا تقدر بـ 50 مليار دولار، مع بلوغ الإنفاق 638 مليار دولار للعام المالي 2024، وزيادته واحداً في المئة لعام 2025، بشكل يمكن فيه القول إن الحزبين نجحا في تفادي دخول هذه القضية السباق الانتخابي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. 

الحكومة المسرفة

ويعتقد كيفن مكارثي أن الحكومة المسرفة لا تستطيع أن تحقق النمو في الاقتصاد، واستدل بمقولة الرئيس رونالد ريغان قال فيها “عندما تنفق الشركة أكثر من إيراداتها فأنها تفلس، ولكن عندما تفعل الحكومة ذلك ترسل الفاتورة للمواطنين”.

وقال، “قطعنا وعداً بأن يوقف الإنفاق التضخمي الذي يضر ببلادنا وأن التوسع في الإنفاق تسبب في موجة تضخم دفعت أسعار الفائدة للارتفاع، وهذا بدوره تسبب في ثلاثة من أكبر حالات إفلاس البنوك في التاريخ خلال الأشهر الماضية”.

وحذر من خطورة التوسع في الاستدانة من الخارج، وذكر أن إجمال الديون التي تدين بها أميركا لدول أخرى هي 7.3 تريليون دولار، ومن المنتظر أن يواجه مكارثي مقاومة داخل حزبه لتمرير هذا الاتفاق مع تصويت مضاد من قبل بعض الجمهوريين.

المادة الرابعة

وخلال الأيام الماضية دار جدل كثيف ركز على قدرة الرئيس جو بايدن على تجاوز الكونغرس ورفع سقف الدين استناداً إلى المادة الرابعة من التعديل الـ 14 للدستوري الأميركي الصادر في 1866 بعد الحرب الأهلية، وأضيفت تعديلات كجزء من إعادة الإعمار وتعزيز ضمان الحقوق المدنية والقانونية المتساوية للمواطنين، والمادة الرابعة من هذه التعديلات كانت خاصة بالدين العام الأميركي وتحصينه من التخلف عن السداد، وكان القصد في ذلك الوقت هو ضمان التزام الولايات الجنوبية بتحمل كلفة ديون فترة الحرب الأهلية.

ورأى عدد من نواب الحزب الديمقراطي في الكونغرس وجوب استخدام الرئيس بايدن هذا الخيار الدستوري، وأن يفعّل المادة الرابعة من التعديل الـ 14 ورفع السقف من دون الرضوخ لشروط الجمهوريين، ومن بين هؤلاء السيناتور الديمقراطي بيرني ساندر عن ولاية فيرمونت، إذ يرى أن تفعيل هذا التعديل أفضل من القبول باتفاق سيئ في سقف الدين.

خيار قانوني غير مستحب

بعض القانونيين في واشنطن يرون أن هذا الخيار قد تترتب عليه كثير من التعقيدات القانونية، وأنه يقوض ميزة فصل السلطات ويطلق يد الرئيس ويتجاوز الجهاز التشريعي، ولا يفضلون أن يكون هذا الخيار أحد الخيارات المطروحة على الطاولة، وقد أثير الجدل نفسه عام 2011 حول إمكان لجوء الرئيس أوباما إلى تفعيل هذا التعديل وتجاوز الكونغرس ولكنه لم يحدث، وهذه المرة أيضاً لم يحدث ويبدو أن التلويح به هو ضمن أدوات التفاوض وورقة ضغط يرفعها الرئيس في وجه الكونغرس لتسهيل الوصول إلى اتفاق في شأن رفع سقف الدين.

والآن يتعين على قادة الحزبين دعم تمرير الصفقة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وأن يتم تمرير الاتفاق في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون قبل الخامس من يونيو (حزيران) المقبل، فيما ستترقب الأسواق هذا الأمر خلال يومي الأربعاء والخميس من هذا الأسبوع.

التعليقات معطلة.