نواف الزرو
ما كانت كشفت عنه صحيفة “الجارديان” البريطانية من قيام وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بإرسال خبير أمريكي-الكولونيل جيمز ستيل-كان له دور في “الحروب القذرة” التي شنتها الولايات المتحدة في أمريكا الوسطى، للاشراف على وحدات قيادية خاصة في العراق وتنفيذ عمليات اعتقال سرية، وإقامة مراكز تعذيب لانتزاع معلومات من المتمردين، وأن مراكز التعذيب استخدمت أساليب تعد الأسوأ منذ شن الحرب الأمريكية على العراق، والذي كان له دور في دفع البلاد إلى الانزلاق في حرب أهلية واسعة النطاق”،
انماأضاف في حينه اعترافا جديدا ووثيقة جديدة لكم هائل من الاعترافات والوثائق التي تتحدث عن الفظائع والجرائم الامريكية البريطانية البشعة التي اقترفت ضد العرالق والشعب العراقي.
فجرائم الاحتلال الامريكي هناك كما وثقناها وكتبنا عنها وذكرنا ونذكر بها، واسعة شاملة اقترفت على مدار الساعة بلا توقف ضد كل شيء عراقي.. وعلى نحو حصري اجرامي سافر ضد نساء واطفال وشيوخ العراق، وضد المجتمع المدني العراقي برمته، وأعمال قوات الاحتلال هناك كانت واضحة ملموسة مبثوثة في معظمها بثا حيا ومباشرا الى حد كبير، طافحة بالمجازر الدموية الجماعية والفردية بحيث ان القتل بات هناك بالجملة، وبصورة يومية وفي كل انحاء العراق، وممارسات قوات الاحتلال هناك على ارض بلاد الرافدين، لم تترك مجالا من مجالات الحياة العراقية الا والحقت به الأذى والخراب والدمار، ولم تترك بيتا الا والحقت به الضرر، ولم تترك أسرة عراقية الا ونكلت بافرادها قتلا واعتقالا وتعذيبا، ولم تترك ايضا لا الشجر ولا الحجر، اذ قامت آلة الحرب الامريكية بالتدمير الشامل ضد المدن والقرى والمؤسسات والبنى التحتية المدنية من مصانع ومنشآت وغيرها، في الوقت الذي قامت فيه بالتجريف والتدمير الشامل لبيارات ومزروعات العراق، واعمال قوات الاحتلال هناك فرضت العقوبات الجماعية على الشعب العراقي، وحولت مدنهم وقراهم الى معسكرات اعتقال وارهاب جماعية، تماما كما تفعل قوات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة.
وفي العراق ايضا تكرست وتبلورت جرائم الحرب الامريكية اليومية لتغدوعقلية ونمطية يومية هيمنت على جنرالات وجنود الاحتلال هناك، بالضبط كما هي مهيمنة على جنرالات وجنود الاحتلال الصهيوني.
الجميع في العراق كانوا على علم بالأمر حسب التحقيقيقات والشهادات، بدءا من القيادات العليا مرورا بالاستخبارات العسكرية ووكالة التحقيقات المركزية، وصولا الى مقترفي اعمال التعذيب..
غير ان الجميع في العراق ايضا بدءا من القيادات العليا وكبار الجنرالات وصولا الى جنود المارينز قاموا بأعمال وممارسات تعتبر انتهاكا سافرا لاتفاقيات جنيف ولكل المواثيق والمرجعيات الدولية لاي احتلال اجنبي.. والجميع بالتالي اقترفوا هناك جرائم حرب بشعة ضد الشعب العراقي.
الجميع علم (والتزم الصمت)، بان قصة وحقيقة فظائع المحرقة في الفلوجة ليست في الحقيقة سوى غيض قليل من فيض هائل ومرعب من المقارفات وجرائم الحرب الامريكية/ البريطانية ضد الشعب العراقي.. فالجريمة تحولت هناك الى عقلية ونمطية.. والى تطبيقات ارهابية دموية تدميرية مروعة ضد كل مكونات الوطن العراقي…؟!
ونستحضر في هذا الصدد ملف ال400 ألف وثيقة ويكيليكسية سرية تتعلق بالحرب في العراق، تغطي الفترة بين الأعوام 2004 و2009، تتهم واشنطن وحلفائها صراحة باقتراف جرائم حرب لا حصر لها ضد الشعب العراقي،
وقد نزلت الوثائق كالصاعقة على رؤوس كل الاطراف والقوى المجرمة التي لم تتوقف على مدار سنوات الاحتلال عن اقتراف الجرائم، لتشرح للعالم كله معنى حصاد الفجر الجديد بالارقام والمعطيات والشهادات الدامغة التي من شأنها كلها مجتمعة ان تقدم جنرالات الاجرام الى محكمة الجنايات الدولية لو ان العالم جد جده وتحمل مسؤولياته الاممية الاخلاقية…!.
تقول بعض التعليقات ان الوثائق كشفت عن”فضيحة العصر وعار الولايات المتحدة الأميركية”، واعتبرت “اكبر تسريب في التاريخ لوثائق سرية عن حرب ما زالت رحاها تدور… وتواطؤ شامل ما بين الداخل والخارج”، ونائب رئيس الوزراء البريطاني نك كليج ، يصفها ب”أنها خطيرة جدا ، موضحا في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية: “اعتقد ان مضمونها خطير جدا”.
فما فعلته وثائق ويكيليكس كما يقال انها “كشفت المستور” من المحارق والمجازر الهولوكوستية التي اقترفتها القوات الامريكية البريطانية الغازية وحلفاؤها بحق العراق شعبا وحضارة وتاريخا وعروبة وحاضرا ومستقبلا..!.
ولكن، ما فعلته الوثائق ايضا على اهميته وابعاده القانونية والاخلاقية اقل بكثير من الحقيقة الصارخة التي تخيم على المشهد العراقي برمته في كافة مدنه وبلداته وقراه ..وعلى كل بيت وكل عائلة عراقية، فالمخفي والمسكوت عنه هناك على امتداد المساحة العراقية اعظم واخطر….!
فنحن امام نحو خمسة عشر عاما من الغزو والمحارق والدمار والخراب والتهجير والتفكيك والشطب والالغاء توجوها بما أطلقوا عليه”الفجر الجديد” في العراق…، وما يجري في هذه الاوقات في العراق انما هو استمرار بشكل من الاشكال للاحتلال الامريكي، لا بل هو صناعة امريكية كاملة الدسم….!
لا يجوز ان تطوى صفحة الغزو الامريكي-البريطاني للعراق ابدا، ولا يجوز ان يغلق ملف الجرائم الامريكية البريطانية ضد العراق والشعب العراقي ابدا، ولا يجوز ان ينسى العراقيون والعرب معهم هذا الغزو وهذه الجرائم الهولوكوستية المروعة ابدا…