تعكس الحرب الكلامية بين إيران والسعودية، خصومة متنامية بين البلدين الخليجيين، لكن مخاطر حدوث صدام مباشر بين الرياض وطهران تبقى محدودة حتى الآن.
لماذا تصاعد التوتر مجدداً؟
قطعت إيران والسعوديةعلاقاتهما الدبلوماسية في 2016 وهما تدعمان في إطار المنافسة الإقليمية بينهما معسكرين متقابلين في لبنان والعراق وسوريا واليمن.
ومنذ الرابع من تشرين الثاني 2017 تأجج التوتر بينهما إثر استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اتهم طهران من الرياض بالتدخل في لبنان من خلال حزب الله.
وزاد مستوى التوتر إثر اتهام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إيران بالعدوان على بلاده من خلال تحميل طهران المسؤولية عن إطلاق المتمردين الحوثيين في اليمن صاروخاً تم اعتراضه قرب الرياض. ونفت طهران أي تورط لها في الأمر وحذرت السعودية من اللعب بالنار ومن “قوة” إيران.
سبب الخصومة الإيرانية السعودية؟
إضافة إلى المنافسة التاريخية بين العرب والفرس، تأججت العداوة بين الرياض وطهران إثر الثورة الإيرانية في 1979 التي حملت رسالة ثورية شعبية معادية لواشنطن، ما اعتبر تهديداً للمملكة السعودية المحافظة الحليفة لواشنطن. وكانت السعودية أحد أبرز ممولي الرئيس الراحل صدام حسين في حربه على إيران (1980-1988).
ومع تراجع قوة العراق بعد حرب الخليج (1991) باتت السعودية وإيران “القوتين الإقليميتين الأساسيتين”، بحسب ما أكد كليمنت تيرم الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي يرى أن المنافسة هي بالأساس “جيو-ستراتيجية”.
وترى الرياض في تنامي تأثير طهران في العراق وسوريا واستمرار إيران في برنامجها الصاروخي، تهديداً لأمنها. أما إيران فتعتبر أن الصواريخ التي تطورها هي محض دفاعية باعتبار أنها محاصرة بقواعد أميركية ومهددة بترسانات أسلحة جيرانها التي يشترونها من واشنطن.
العوامل الظرفية التي تزيد التوتر
يرى تيرم أن “السبب الأول للتوتر الحالي يرتبط بمواجهة بالوكالة بين إيران والسعودية” مشيراً إلى الحروب في العراق وسوريا واليمن. أما ماكس أبراهامز المتخصص في شؤون الأمن الدولي فيقول بأن المنافسة “السعودية الإيرانية باتت أكثر وضوحاً” مع ضعف الجهاديين في العراق وسوريا.
وقال إن هذه المنافسة “باتت الناظم الأساسي للتحالفات في الشرق الأوسط مذكرة بالحرب الباردة التي كانت تقسم الدول إلى معسكرين”.
ورأى تيرم أن “وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة حرر الطاقات المناهضة لإيران في شبه الجزيرة العربية” لأن واشنطن “انحازت تماماً (..) لحليفها السعودي” ضد إيران. وهذا الموقف الأميركي يقطع مع إدارة باراك أوباما (2009-2017) الذي كان وقع اتفاقاً تاريخياً مع إيران حول برنامجها النووي.
دور الخلاف السني الشيعي
ولاحظ تيرم أن التوتر الطائفي “طفا كعامل مهم في الخصومة الإيرانية السعودية” إثر الغزو الأميركي للعراق في 2003 وأدى إلى بروز حكم شيعي في بغداد “لكن خصوصاً بعد الربيع العربي في 2011”. وأضاف أن “الدول العربية بدت هشة وأشير إلى إيران وقتها باعتبارها التهديد الأساسي للاستقرار الإقليمي” في إشارة إلى دعم طهران لمطالب واحتجاجات الأقليات الشيعية في دول الخليج العربية.
كيف يمكن أن تتطور الأزمة؟
وقال المحلل غراهام غريفث إن “السعودية ستحاول استغلال إطلاق الصاروخ (الحوثي) لحشد الدعم من أجل فرض عقوبات إضافية ضد برنامج إيران الصاروخي”.
كما يرى تيرم أن “خطر التصعيد يبدو تراجع بسبب الخوف من اندلاع حرب” مذكراً بأن “إيران لديها خبرة” مؤلمة “من الحرب مع العراق”.
أما السعودية فهي “غارقة في اليمن” منذ آذار 2015 حيث تقود تحالفاً لوقف تقدم الحوثيين.
كما اعتبرت شركة الاستشارات “أوراسيا غروب” أن “الخطاب السعودي لا يعكس بالضرورة سعياً للحرب”. لكن الذريعة “القومية” ضد إيران يمكن توظيفها من ولي العهد الذي يهز حالياً أركان نظام المملكة، من أجل “تدعيم موقعه”.