66 ألف دينار لكل طالب.. رسوم مالية تثير استياءً الطلبة العراقيين عن قرب

2

تصاعدت في الآونة الأخيرة ردود الأفعال الطلابية والشعبية حيال قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية بفرض رسوم على استخدام منصة التعليم العالي الإلكترونية “HEBIQ”، خصوصاً مع بدء العام الدراسي الجديد في البلاد.
وتتباين الآراء بين من يراها خطوة ضرورية في مسار التحول الرقمي، وبين من يعتبرها عبئاً إضافياً على الطلبة يمس مبدأ مجانية التعليم في العراق.
وفي هذا السياق، تنتقد علياء، وهي طالبة في المرحلة الثالثة بإحدى الجامعات الحكومية، قرار فرض الرسوم، قائلة إن “الأوضاع المعيشية القاسية تجعل من الصعب على الكثير من الطلبة دفع أجور لهذه المنصة، لذلك هذا القرار يمثل عبئاً إضافياً على الطلبة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة”.
وتضيف الطالبة لوكالة شفق نيوز أن العديد من زملائها يعجزون عن توفير حتى المتطلبات الأساسية للدراسة، فكيف الحال برسوم تقنية قد لا تكون أولوية في الوقت الحالي.
الرسوم تمس مبدأ مجانية التعليم
من جانبه، يعرب الناشط في قضايا الطلبة، أيوب عبد الحسين، عن قلقه من أن تكون هذه الخطوة بداية لتحميل الطلبة أعباءً مالية جديدة ضمن سياسة “التمويل الذاتي” غير المعلنة.
ويقول عبد الحسين لوكالة شفق نيوز: “إننا نرحب بالتحول الرقمي والأتمتة في الجامعات، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في فرض رسوم تصل إلى 66 ألف دينار سنوياً على جميع الطلبة، في الجامعات الحكومية والأهلية والمعاهد، وحتى على الخريجين الراغبين بالحصول على صحة صدور لوثائقهم”.
وبحسب المتحدث، فإن معظم الخدمات المقدمة عبر المنصة، مثل تسجيل الحضور، الجداول الدراسية، الاطلاع على الدرجات، “هي خدمات أساسية وليست خدمات ثانوية كما تدعي الوزارة”.
ويلفت الانتباه إلى أن “المنصة إلزامية للاستخدام، ولا يمكن للطلبة إتمام إجراءاتهم بدونها، كما أن غالبية الخدمات التي تتحدث عنها الوزارة “غير مفعلة حتى الآن”، على حد قوله.
ويرى أن “ما يجري هو تحميل الطلبة كلفة التحول الرقمي، بينما يُفترض أن تتحمل الدولة تكاليف الأتمتة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية”.
وبناءً على ذلك يقترح الخبير التربوي محمد فخري المولى، إعادة صياغة القرار بما يناسب ظروف الطلبة، قائلاً إن “هناك نحو مليوني طالب وطالبة في الجامعات العراقية وهؤلاء ليس جميعهم من ميسوري الحال”.
ويشدد المولى خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن على وزارة التعليم مراعاة ظروف الطلبة واستثناء الشرائح الفقيرة والمتعففة ومشمولي الرعاية الاجتماعية من الرسوم، وما تبقى من الطلبة تكون الرسوم وفق أقساط مريحة وليس دفعة واحدة.
استضافة الوزير
أما من الجانب الرقابي، يؤكد عضو لجنة التعليم النيابية، فراس المسلماوي، أن اللجنة تابعت موضوع منصة التعليم عن كثب، واستضافت وزير التعليم العالي للوقوف على تفاصيل المشروع.
ويكشف المسلماوي في حديثه لوكالة شفق نيوز أن “الوزير أوضح أن الهدف من المنصة هو تقديم خدمات متكاملة للطلبة والكوادر التدريسية، مثل إصدار الوثائق، والتأييدات، ومتابعة الحضور والغياب، والاطلاع على المحاضرات، بالإضافة إلى توقيع الوثائق إلكترونياً من قبل العمداء والأساتذة”.
ويشير إلى أن وزير التعليم أكد أيضاً وجود تنسيق بين الوزارة والقطاع المصرفي لإتاحة قروض للطلبة لتغطية رسوم المنصة التي تعاقدت عليها وزارة التعليم مع شركة من القطاع الخاص لتنفيذ وتشغيل النظام.
ويعتبر النائب أن “الرسوم المفروضة تعد زهيدة مقارنة بتكاليف إنجاز المعاملات ورقياً، وقد تسهم في تقليل الفساد الإداري وتسريع الإجراءات”.
الرسوم “لا تمس” مجانية التعليم
من جهته، يؤكد المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيدر العبودي، أن المشروع يأتي ضمن مسار التحول الرقمي الشامل في الجامعات، ويهدف إلى تعزيز الحوكمة الذكية وتبسيط الإجراءات الإدارية.
ويوضح العبودي لوكالة شفق نيوز أن “منصة التعليم العالي (HEBIQ) تمثل بوابة الدخول إلى أكثر من 120 نظاماً إلكترونياً متطوراً، وتوفر مساراً متكاملاً للطالب منذ لحظة دخوله الجامعة وحتى ما بعد تخرجه”.
ويشدد على أن هذه الرسوم لا علاقة لها بالأجور الدراسية أو مجانية التعليم، قائلاً إن “التعليم في الجامعات الحكومية مجاني بالكامل بموجب الدستور العراقي، أما الرسوم المرتبطة بالمنصة فهي نظير خدمات تقنية ثانوية مثل إصدار الوثائق الرقمية وتسهيل الإجراءات عن بُعد”.
كما يشير العبودي إلى أن المنصة تتيح توثيقاً رقمياً آمناً للبيانات الأكاديمية، ويُمكن الطالب من إدارة ملفه الأكاديمي الكامل من هاتفه الشخصي.
وخلص المتحدث في النهاية إلى القول إن “جميع الوثائق التي يصدرها النظام مؤمنة ومربوطة مباشرة بوزارة التعليم، ولا تحتاج إلى صحة صدور، مما يسهم في تقليل الروتين وتوفير الوقت والجهد”.

التعليقات معطلة.