انعكاسات انتخاب رئيسي على لبنان… استمرار الهيمنة الإيرانية وتعزيز قوة “حزب الله”
24-06-2021 | 07:50 المصدر: النهار العربي
نصرالله ورئيسي
A+A-لا تبشر القراءات التحليلية الجيوسياسية بتغير إيجابي للهيمنة الإيرانية في عهد رئيسها الجديد إبراهيم رئيسي، لا سيما لناحية تمددها في المناطق الساخنة في كل من سوريا والعراق واليمن وزيادة سيطرة “حزب الله” على لبنان البلد المغلوب على أمره. تناول موقع “النهار العربي” مع كل من الباحث في العلاقات الإيرانية – اللبنانية الدكتور خالد الحاج والكاتب والباحث في العلاقات الدولية المحامي زكريا الغول تداعيات انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي على الساحة المحلية اللبنانية لا سيما في زيادة سيطرة “حزب الله” على الحكم في لبنان. في تعليقه السريع على إنتخاب رئيسي، أكد الحاج أن الأمر لم يكن مفاجئاً بل كان متوقعاً، مشيراً الى “أن الحدث الذي انتظره المراقبون، كان نسبة المشاركة أولاً، وثانياً نسبة الأصوات للمرشح”. برأيه، “نحن اليوم أمام حدث استثنائي في إيران والمنطقة. المرشد الأعلى علي خامنئي يدرك اليوم وهو على اعتاب تقدم مرضه وسنّه، أن ما يشغله هو تأمين شخصية ظل لترثه في مركز المرشد، ومواصفات رئيسي هي الأقرب اليوم لهذا الدور مع فوزه بأكثر من 60 في المئة من الأصوات”. وعن قراءته لوصول رجل متشدد الى السلطة قال: “يمكن قراءة واقع وصول رجل دين متشدد الى السلطة بالعودة التاريخية إلى المسار الذي سلكه رئيسي وتقاطع التوجهات مع التصور الذي رسمه السيد خامنئي”، مشيراً الى أنه “في خطاب ألقاه في 11 شباط (فبراير) 2019، أعلن عن حاجة النظام الإيراني للعودة الى مبادئ الثورة، في وقت كان رئيسي تلميذ المرشد في الحوزة العلمية، وهو شخصية عُرف عنه، تشدده في الانتماء لمفاهيم الثورة الإسلامية، ونبذه للغرب، إضافة الى انصهاره مع المرشد”. ولفت الى أنه “يبدو طبيعياً الوصف، الذي أطلقه عليه السيد علي خامنئي، الولاء الثوري” مشيراً الى أنه “عملياً نحن اليوم أمام صفحة جديدة في الشرق الأوسط مع وصول رئيسي الى السلطة…”. واعتبر أن “المشهد اليوم مع التفاهم الكلي بين رئيسي وخامنئي يشير إلى أن الساحة اليمنية ستشهد تطورات إيجابية لناحية وقف القتال في حال توصل الإيرانيون والسعوديون الى اتفاق ينهي الأعمال العسكرية، وفي المقابل الأمر يبدو أكثر تعقيداً في سوريا والعراق في ظل وجود الأميركيين والأتراك والروس”. وانتقل في تحليله عن تداعيات فوز رئيسي على كل من لبنان و”حزب الله” الذي هو اليوم أكثر الأطراف استفادة، مشيراً الى أن “البعد الإيدولوجي، الذي يجمع الطرفين أكثر عمقاً مع وجود شخصية دينية محافظة”. وقال: “مما لا شك فيه، أن المرشد ورئيسي يجتمعان على حماية اقوى ورقة لإيران وهو “الحزب”. والوصول اليوم الى اتفاق نووي وإعادة فتح الاقتصاد الإيراني على العالم، سينعكس الأمر في شكل إيجابي على “حزب الله” بحصوله على أموال ودعم أكبر، بخاصة مع وجود جسر بري بين طهران وبيروت”. أما على الصعيد الحزبي، فقد رأى أنه “مع انتعاش الوضع الاقتصادي للحزب المترافق مع حملات تطعيم المراكز السياسية في النظام الإيراني بشخصيات ثورية شابة، الأمر الذي سينعكس بطريقة او بأخرى على “حزب الله”، من ناحية شد أكثر للعصب الحزبي والولاء للولي الفقيه والثورة الإيرانية”. اما من الناحية السياسية وفقاً له، ” ففي حال نجحت إيران بانتزاع اتفاق بعيداً من ادخال الحزب في المفاوضات، فيكون العصر الأقوى له”. وعن لبنان قال: “الخوف هو زوال الكيان، وفيما “حزب الله” اليوم هو الأقوى في المنطقة، تبقى الساحة اللبنانية الأضعف”. برأيه، “مع وصول رئيسي إلى الحكم في إيران، فالاعتقاد الأكبر، بأن يتطور وجود “حزب الله” في البلدان المجاورة حتى ولو وصلت بعض الساحات الى اتفاقيت ربط نزاع”. تمدد سياسة “حزب الله”أما الغول، فأكد أن لبنان يعتبر “مركز ثقل في السياسة الخارجية الإيرانية”، مشيراً الى أن إيران استطاعت عبر نفوذها في لبنان أن تحقق حلمها التاريخي المتمثل بالوصول الى مياه البحر المتوسط”. ولفت الى أن “توسع النفوذ الإيراني في شرق المتوسط عبر أحد أقوى حلفائها والأمين على سياسة “الحرس الثوري” الإيراني التوسعية والمقصود به “حزب الله” في لبنان، الذي تمدد في سياسته الإقليمية”، مشيراً الى أنه “أضحى اللاعب الأقوى في منطقة الشرق الأوسط، من اليمن مروراً بالعراق وصولاً الى سوريا، ويبقى لبنان وساحته نقطة الإرتكاز الأساسية في سياسة إيران الخارجية التوسعية بنفس إمبراطوري”. بالعودة الى العلاقات مع إيران، رأى أن “النفوذ الإيراني في لبنان يعتبر من أهم مشكلاتها مع جيرانها، بخاصة أن المعسكر المحافظ الذي ينتمي إليه رئيسي هو الممسك بقرار إيران الخارجي بتوجيه من المرشد ومتابعة من الحرس الثوري الإيراني”، وقال إن “العلاقة مع لبنان أو بمعنى أدق توجهات السياسة الإيرانية تجاه لبنان لن تتغير بتغير الرئيس الإيراني أياً كان اسمه، كون الملفات الخارجية ومنها لبنان تحديداً وبالتحديد أكثر حزب الله هي نقطة الثقل في توجهات إيران. ويتبين أن الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً هو من المتشددين في الحياة السياسية الإيرانية ويرتبط بعلاقة متميزة مع المرشد وطبعاً بالحرس الثوري”. وعن تأثير هذا الانتخاب على لبنان قال: “إن لبنان الغارق في أزماته والذي خسر كل مقومات تمايزه التاريخية، وخسر بالفعل علاقاته مع محيطه العربي جراء سياسته الخارجية وفساد طبقته السياسية، ومع تحوله الى منطقة نفوذ إيرانية متقدمة، قد لا يشهد أي تبدل في علاقته مع إيران بالنظر الى إمساك “حزب الله” بالحياة السياسية اللبنانية بقبضة حديدية وتسليم أكثرية القوى السياسية الفاعلة بذلك”. وبرأيه، “إن القول بالاعتماد على إيران للخلاص من الأزمات الاقتصادية قد يكون ضرباً من ضروب المزايدات السياسية ليس إلا، فإيران غارقة في أزماتها الاقتصادية وهي تنتظر رفع العقوبات عنها في حال تمت العودة الى الاتفاق النووي في مفاوضات فيينا أو غيرها، وكيف والحالة هذه قد تتمكن من مساعدة لبنان؟ والمفارقة أن كل الدول التي تدور في الفلك الإيراني تتشابه في الأزمات الإقتصادية من شح العملة الأجنبية الى طوابير السيارات أمام محطات الوقود وغيرها من الأزمات”. وخلص الى أنه “من مصلحة لبنان أن يؤدي دوره التاريخي باعتباره دولة محورية بعيدة من سياسة الأحلاف، في تكرار لتجربة الرئيس فؤاد شهاب الخارجية، كي لا يقع بالمحظور الذي يشابه ما حدث في عام 1958 عندما انضم الى محاور أقليمية ودولية وحاول لعب أدوار تفوق حجمه ودوره الطبيعي والتاريخي”، مشيراً الىى أن “على اللبنانيين عدم المراهنة على تغيير في السياسة الإيرانية تجاه بلادهم وعليهم توقع المزيد من الانهيارات، كون لبنان قد خسر بالفعل أدواره التاريخية”.