تبييض النوع الاجتماعي: سبعة أنواع من النفاق التسويقي حول تمكين المرأة
في الوقت الذي ينصب فيه تركيز العالم على مسألة إعاقة تقدم النساء ومعاملتهن بشكل غير عادل، تُنفق الشركات الملايين لتُطلعنا على الجهود التي تبذلها لتمكين النساء والفتيات. قد يجعلهم هذا الأمر يبدون من أنصار حقوق المرأة مقارنة بما هم عليه بالفعل، إلا أن الاسم الصحيح لهذه الظاهرة هو “تبييض النوع الاجتماعي”.
تتجلى ظاهرة تبييض النوع الاجتماعي في أشكال مختلفة، وقد يكون من السهل تحديد بعضها أكثر من غيرها. ومن أجل المساعدة في التعرف عليها، قد يكون من المفيد النظر إلى عقود من البحث حول ظاهرة “الغسل الأخضر” للشركات – المتغير المعروف على نحو أفضل والمتعلق بتغير المناخ.
متخذةً من ورقةبحثيةنُشرتفيسنة 2015 حول سبعة أنواع مختلفة من ظاهرة الغسل الأخضر مصدر إلهام، نشرتورقةجديدة تصنف سبعة أنواع من ادعاءات الشركات المشكوك فيها بشأن تمكين النساء والفتيات.
1. الكشف الانتقائي
يُعرّف “الكشف الانتقائي” على أنه قيام الشركات بالترويج للتحسينات في تمثيل الإناث في مجالس الإدارة أو سد فجوة الأجور بين الجنسين مثلا، بينما تحذف المعلومات المتناقضة أو غير الملائمة.
فعلى سبيل المثال، تصنف مجموعة “نوفارتيس فارما” بشكل متكرر في القائمة السنوية لمجلة “الأم العاملة” لأفضل 100 شركة صالحة للعمل، من خلال تطبيق يسلط الضوء على التقدم الذي أحرزته الشركة في ممارسات التوظيف تجاه النساء. وتستشهد “نوفارتيس” بفخر بدعمها لمجلة “الأم العاملة”، في التغريدة أدناه. ومع ذلك، حتى سنة 2010، خسرت الشركة أكبر قضية لها على الإطلاق في ذلك الوقت والتي تتعلق بالتفاوت في الأجور بين الجنسين، والترقية، والتمييز بسبب
2. سياسات النوع الاجتماعي الجوفاء
تطلق بعض الشركات مبادرات لتمكين أصوات النساء داخل أسوارها، والتي تُحدث في الواقع تأثيرا ضئيلا. تهدف “الشبكات النسائية”، مثلا، إلى تعزيز ثقة الموظفات ومساعدتهن على بناء مهارات القيادة من خلال التواصل وخطط التوجيه. ولكن النقاد يجادلون بأنه يتم تجاهل مثل هذه الشبكات في كثير من الأحيان، ولا تعالج الأسباب الكامنة وراء التمييز أو يتم إشراك الرجال في الجهود المبذولة لمعالجة التمييز الجنسي المؤسسي.
وقد وجدتإحدىالدراسات التي نُشرت في سنة 2007 أن أعضاء شبكة النساء التابعة لإحدى الشركات يخشين أن يؤدي ذلك بالفعل إلى الإضرار بآفاقهن الوظيفية لأنه في ذلك الوقت كان الزملاء الذكور يسخرون من هذه الشبكة باعتبارها منتدى “لسحق الذكور” وتبادل الوصفات.
3. التصنيف المشبوه
يتمثل المثال الثالث لظاهرة تبييض النوع الاجتماعي في ترويج العلامات التجارية التي تحتوي منتجاتها على مواد مسرطنة معروفة أو مكونات أخرى خطيرة لشريط التوعية بسرطان الثدي الوردي. وتشمل أمثلة أخرى مستحضراتالتجميل والمشروباتالكحوليةوحتىالمبيداتالحشرية.
فضلا عن ذلك، يمكن للشريط الوردي تبييض مسألة تشيئة النساء. فعلى سبيل المثال، قامت سلسلة مطاعم “هوترز” الأمريكية بإنشاء علامتها التجارية بالكامل حول النادلات المثيرات وملابسهن الخليعة. وفي شعار الشركة، استُبدل حرفا O بعيون بومة، وهي ترمز إلى الثديين المراد التحديق فيهما، بعيون واسعة.
مع ذلك، تُستبدل العيون بشرائط وردية اللون مرة واحدة في السنة تزامنا مع شهر التوعية بسرطان الثدي، حيث تدعو “هوترز” العملاء إلى “إعطاء أهمية كبيرة” للتوعية بسرطان الثدي. وهكذا جددت الشركة شعار التحديق باعتباره تجسيدا للتوعية.
4. شراكات مفيدة
يتجلى تبييض النوع النوع الاجتماعي أيضًا في تلميع شركة لصورتها عبر الارتباط بمنظمة نسوية أو معنية بالنساء أو الفتيات من خلال التمويل أو تقديم بعض المساعدات الأخرى. ويتعيّن على الشركة وضع شعارها على المواد التسويقية الخاصة بالمنظمة، مما يصرف انتباهها عن الممارسات المتّبعة في أماكن أخرى.
فعلى سبيل المثال، عقدت “دوف” شراكة مع الرابطة العالمية للمرشدات وفتيات الكشافة بشأن موردتعليمي يهدف إلى مساعدة الفتيات على التشكيك في معايير الجمال السائدة التي تضر بتقديرهن لذواتهن. هذا على الرغم من أن صناعة التجميل – التي تعد “دوف” جزءا منها – تعمل علىإدامةتلكالمعايير لبيع منتجاتها.
5. القواعد الطوعية
عندما تظهر انتهاكات الحقوق في سلاسل التوريد العالمية – التي كثيرا ما تؤثر على العاملات في دول الجنوب – فغالبا ما تكون هناك مطالب بتشديد التنظيم على سلوك الشركات. وتتمثل إحدى الطرق التي يمكن من خلالها للشركات أن تستجيبلهذه المطالب، ومن المحتمل أن تحيد عنها، في وضع قواعد ممارسات طوعية. وتقدّم الشركات طواعية هذه القواعد كدليل على الالتزام بتمكين العمال – وخاصة النساء.
نادرا ما تؤدي القواعد الطوعية إلى تحسينات ذات مغزى. فعندما انهار مصنع “رانا بلازا” للملابس في بنغلاديش في سنة 2013، توفي أكثر من ألف عامل في مصنع الملابس،حوالي 80 بالمئةمنهم من النساء.
في أعقاب ذلك، أُنشئ التحالف التطوعي من أجل سلامة العمال البنغلاديشيين وروّجله تجار التجزئة الغربيين على غرار سلسلة متاجر “وول مارت”، باعتباره تعزيزا للسلامة وتمكينا للعاملات في المصانع. ولكن بشكل حاسم، لم تكن هناك قوانين ملزمةقانونالمنع وقوع كارثة أخرى، كما انتقدالنشطاء والباحثون التحالف في وقت لاحق لعدم عمله على تحسين ظروف العمل بالسرعة الكافية.
6. تغيير السرد
يمكن للشركات تقديم نفسها على أنها رائدة عالميا في القضايا التي تبين أنها تواجه مشاكل فيها. في أواخر التسعينات ومطلع الألفية، واجهتشركة “نايك” مشاكل بسبب مزاعم تتعلق بعمالة الأطفال والاعتداء الجنسي والجسدي بين العاملين في مصانع الموردين، وكان 90 بالمئة منهم من الإناث.
وشملتاستجابة شركة “نايك” إنشاء قسم لمسؤولية الشركات وتأسيس منظمة “نايك”. وكانت “غيرل إيفيكت” من بين الحملات الرئيسية للمنظمة، التي أُطلقت في سنة 2008 لإقناع النخب العالمية بالاستثمار في تعليم الفتيات في دول الجنوب. وسرعان ما ذاع سيط المنظمة، ودخلت في شراكة مع وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة في إطار برامج لتمكين الفتيات في جنوب الكرة الأرضية. وهكذا تحولت شركة “نايك” من علامة تجارية شوهتها اتهامات عمالة الأطفال واستغلالهم إلى شريك موثوق به في الجهود الدولية لتعزيز حقوق الفتيات.
7. طمأنة العلامة التجارية
قد يعطي الشعار الشهير لشركة “تشيكيتا براندز”، “تشيكيتابانانا“، المتسوقين في دول الشمال انطباعا بأنهم يشترون الموز من سيدة لاتينية سعيدة تبيع بضاعتها بمرح. ولكن وثّقالباحثون النسويون التاريخ الطويل لشركة “تشيكيتا” – المعروفة سابقا باسم “شركة الفاكهة المتحدة” – واستغلالها للنساء في مزارع الموز في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. ويشمل ذلك حالات سابقة من التحرشالجنسي، والتمييز، والتعرض للمواد الكيميائية الضارة، وانتهاكاتحقوق رعاية الأطفال والأمومة.
بانانا نيرفانا؟
هل كل هذا مهم؟ إذا كانت الشركات ترغب في تبني قضية المساواة بين الجنسين، فهل هذا الأمر سيء للغاية؟ صحيح أن بعض النساء والفتيات يجدن سُبلا ضمن حملات تبييض النوع الاجتماعي لتحقيق مكاسب، ولكن لا يمكننا إغفال القضيةالرئيسية .
إذا كانت ممارسات التوظيف في شركة أو سلاسل التوريد أو المنتجات مضرة بالنساء والفتيات، وكانت تبيع المزيد من المنتجات بفضل ظاهرة تبييض النوع الاجتماعي، فإن ذلك قد زاد من الضرر الذي لحق بالنساء. لهذا السبب، من المهم تحديد والتنديد بهذه الظاهرة كلما اعترضتنا.