1

الإجراءات الأمنية تخنق حزام بغداد… “معتقل” يضيق على السكان

29 يوليو 2021ا

وسّعت القوات العراقية نطاق انتشارها في الطارمية (أحمد الربيعي/

تشهد مناطق حزام العاصمة العراقية بغداد، للأسبوع الثاني على التوالي، انتشاراً أمنياً واسعاً وخاصة في بلدات الطارمية، والمشاهدة، والتاجي، ومناطق أخرى غرب العاصمة وشمالها، حيث تم نصب حواجز أمنية إضافية، وسط عمليات تفتيش للمنازل والمباني والبساتين والمزارع الخاصة، تسببت بتضييق كبير على الحياة العامة في تلك المناطق وتعطل أعمال المواطنين فيها، خاصة بعد فرض ما يعرف بـ”نظام الكفيل” على الداخلين للمنطقة من غير سكانها. ويشترط هذا النظام أن يكفل الداخلَ لتلك المناطق أحد السكان، مع ترك أوراق تعريفية عنه لدى حواجز التفتيش المنتشرة على المداخل، بينما تتصاعد شكاوى الفلاحيين من تعثر بيع منتجاتهم وإيصالها إلى أسواق الجملة داخل العاصمة وفي المحافظات الأخرى.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أصدرت السلطات الأمنية في العاصمة بغداد، أوامر تقضي بتشديد الإجراءات الأمنية في مناطق حزام بغداد، تحسباً لاعتداءات وتفجيرات جديدة، إذ تعتقد الجهات الأمنية أنّ مناطق محيط العاصمة مصدر للاعتداءات الأخيرة في بغداد، وآخرها التفجير الذي استهدف سوقاً شعبياً في مدينة الصدر، شرقي العاصمة، وراح ضحيته 30 مدنياً بينهم أطفال، فضلاً عن أكثر من 50 جريحاً. لكن هذا الأمر تستبعده قوى سياسية وزعماء قبائل في تلك المناطق، وتعتبر أنّ مناطقها مطوقة بالكامل وخروج هجمات منها إن حصل فعلاً، فهو دليل على تقصير من قبل قوات الأمن وإدانة لها في الوقت ذاته.

تم فرض ما يعرف بـ”نظام الكفيل” على الداخلين للمنطقة من غير سكانها

ووفقاً لمصادر محلية في قضاء الطارمية (25 كيلو متراً شمالي بغداد)، تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإنّ القوات العراقية وسّعت نطاق انتشارها في المنطقة خلال الأيام الأخيرة، وفرضت إجراءات تفتيش دقيقة على السيارات والأشخاص، مع نشر وحدات إضافية من الجيش. وأكدت المصادر أنه على الرغم من الارتياح الذي قوبلت به خطوة نشر قوات إضافية من الجيش العراقي، لقطع الطريق أمام محاولات فصائل مسلحة لتوسيع حضورها في هذه المناطق، إلا أنّ أغلب مدن وبلدات حزام بغداد باتت تعيش في أجواء تحشيد عسكري، أثّر على حياة السكان.

ويبلغ تعداد سكان بلدات أبو غريب والطارمية والتاجي واليوسفية والمحمودية واللطيفية وبلدات أخرى شمال وغرب وجنوب بغداد، قرابة مليوني نسمة، من أصل نحو 9 ملايين نسمة، هو عدد سكان محافظة بغداد الإجمالي، موزعين على 15 قضاءً إدارياً.تقارير عربية

كردستان العراق: استنفار في صفوف “الكردستاني” وحزب بارزاني يتوعد

في السياق، قال زعيم قبلي بارز في منطقة حزام بغداد، يدعى محمد المشهداني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنّ “السكان يرحبون بجهود القوات العراقية في حفظ الأمن وملاحقة أي مشتبه بهم، لكن يجب ألا تتحوّل المنطقة إلى معتقل كبير يعاقب به السكان على الشبهة من دون دليل”، متحدثاً عن “إجراءات تفتيش متواصلة ومتكررة وتدقيق أمني أكثر من مرة على الأشخاص والسيارات والمنازل والمزارع، من دون العثور على شيء”. وأشار إلى أن “الإجراءات المتواصلة، ضيّقت على حياة السكان، مع انقطاع الماء والكهرباء في ظلّ درجات حرارة مرتفعة، وهو ما أحال الحياة هذه الأيام إلى ما يشبه الصراع”. واعتبر المشهداني أنّ “عدم دخول السياسيين للترويج لحملاتهم الانتخابية في مناطق حزام بغداد، ليس بسبب التشديد الأمني، بل لقناعتهم بأنّ أمزجة الناس وأعصابها هنا لا تحتمل كلاماً إنشائياً مكرراً كل أربع سنوات”.

أغلب مدن وبلدات حزام بغداد باتت تعيش في أجواء تحشيد عسكري، أثّر على حياة السكان

بدوره، اعتبر عضو البرلمان العراقي، أحمد مظهر الجبوري، أنّ “مواجهة التحديات الأمنية لا يكون بالتضييق على السكان، كما يحصل في الطارمية الآن”، موضحاً في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “التهديدات الإرهابية تمثل خطراً مباشراً على مختلف مدن العراق وهناك أجندات خارجية تريد توتير المشهد الأمني في البلاد مجدداً من أجل حسابات خاصة بها”. وأكد أنّ “التحديات الأمنية ليست مقتصرة على مناطق حزام بغداد، بل هي موجودة في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك ومناطق أخرى”.

وعبّر الجبوري عن رفضه لـ”الاتهامات بالإرهاب التي تروّج لها وسائل إعلام مرتبطة بمليشيات وقوى سياسية حليفة لطهران، ضد مدن محددة، بعد كل اعتداء ينفذه تنظيم داعش”. وشدد على أن “الإرهاب لا يتمثل بداعش فقط، إذ إنه يشمل أيضاً المتآمرين على العراق بالاتفاق مع دول أخرى، والعابثين بأمن البلاد الذين يعملون من أجل عدم الاستقرار على مختلف المستويات”.تقارير عربية

الحوار الأميركي العراقي: تغيير التسميات لإبقاء التواجد العسكري

من جانبه، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، أرشد الصالحي، إن “التشديد الأمني في مناطق حزام بغداد، ناتج عن التفجيرات التي شهدتها العاصمة خلال الفترة الأخيرة”، داعياً في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “يكون لسكان المناطق المحيطة ببغداد، دور في حفظ الأمن في مناطقهم”. وبشأن الحديث عن تنفيذ اعتقالات في مناطق حزام بغداد، قال الصالحي “ليس من الإنصاف تنفيذ اعتقالات عشوائية في حال حدوث أي تفجير، ينبغي أن يتم ذلك وفقاً لمعلومات أمنية تقدمها جهات استخبارية”.

وأطلق عدد من قادة المليشيات العراقية الحليفة لطهران في الأيام الأخيرة، سلسلة من خطابات التحريض ضد بعض مناطق حزام بغداد، مطالبين بتوسيع صلاحيات “الحشد الشعبي”، للسيطرة على تلك المناطق، بدلاً من الجيش والشرطة، وذلك خلال تعليقهم على الاعتداء الذي طاول مدينة الصدر شرقي بغداد أخيراً.

الفصائل المسلحة الطرف الأكثر محاولة لاستغلال التفجيرات الإرهابية

وحول ذلك، قال الخبير في الشأن الأمني والسياسي العراقي، محمد التميمي، إنّ “القوات الأمنية تتجه الآن نحو معادلة أوسع في مناطق حزام بغداد، قائمة على تعاون أمني واستخباري مع السكان، وهذا هو التعامل الصحيح، والانتشار الأمني الحالي قد يكون نافعاً للأهالي، كونه منع أو قطع الطريق على المليشيات للدخول أو التصرف أمنياً في تلك المناطق”. ورجح التميمي أن “يكون الانتشار الأمني الحالي مؤقتاً، خاصة مع وجود تهديدات حقيقية على العاصمة من قبل خلايا داعش، وحالة الاستنفار واضحة حتى على مستوى أحياء ومناطق وسط بغداد”.

وأشار التميمي، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “معادلة الانتشار العسكري والتفتيش والاعتقالات العشوائية أثبتت فشلها سابقاً؛ سواء في بغداد أو المحافظات الأخرى، ولا سبيل من أجل تحقيق نتائج، إلا من خلال وجود منظومة معلومات محلية شعبية تتعاون مع القوات الأمنية، وهو ما تقتنع به حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي”. ووصف التميمي الفصائل المسلحة بأنها “الطرف الأكثر محاولة لاستغلال التفجيرات الإرهابية، عبر دعواتها لمد سيطرتها إلى مناطق ومدن معينة، إذ بات انتشارها في أي منطقة يعني تأمين مصادر تمويل جديدة لها، وتنفيذ أجندات سياسية خاصة بها”.

التعليقات معطلة.