هل تتوقف عمليات واشنطن في العراق بعد سحب الكونغرس سلطة إعلان الحرب من البيت الأبيض؟
18:09 07.08.2021
أثار إعلان الإدارة الأمريكية أنها بصدد الموافقة على مشروع قانون مقدم من مجلس الشيوخ، لإلغاء تصاريح 1991 و2002 لاستخدام القوة العسكرية في العراق، الكثير من الجدل حول توقيت القرار في ظل تهديدات تنظيم “داعش” (المحظور في روسيا) والميليشيات للتواجد الأجنبي في البلاد.
لماذا تسير واشنطن في هذا الاتجاه وما هي سيناريوهات التعامل التي قد تستخدمها حال استهدافها في العراق.
© PHOTO / MOHAMED HEMEDAمتحدث الخارجية العراقية يكشف عن استرداد آثار نفيسة من أمريكاأوضحت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الخميس الماضي، أن هذا التحرك يعتبر علامة حديثه على أن المشرعين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي يكتسبون قوة دفع في جهودهم لإعادة تأكيد سلطة الكونغرس الدستورية لإعلان الحرب بعد توقيع عدد من أعضاء الحزبين على مشروع القانون.
ويرى مراقبون أن التفويض الأمريكي لاستخدام القوة في العراق كان مرتبطا بالفترة السابقة ومقيدا بها، وأن تلك المرحلة قد انتهت وانتقل الأمر إلى مظلة التحالف الدولي والذي يعمل بموجب تفويض مطلق من مجلس الأمن الدولي ضمن نطاق مواجهة الإرهاب، وهو ما يعطي شرعية لتواجد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط والمنطقة.
بداية يقول المحلل السياسي العراقي، رعد هاشم، إن التفويضات الأمريكية السابقة للحرب، من المعلوم أنه تم توظيفها لاستهداف العراق في حقبة الحكم الماضية قبل العام 2003 بدعوى أزمة الكويت، ثم تم تعزيز تلك التفويضات بحزمة من العقوبات والتي تعلقت بموضوع التسليح العراقي، الذي تبين فيما بعدها أنها “كذبة وخدعة ” من قبل بوش الابن ووزير دفاعه كولن باول وخدعوا الرأي العام الأمريكي، وللأسف لم تعتبر بها الإدارة الأمريكية، وكان القرار يستهدف القدرات العسكرية الوطنية للدولة وقتها.
توقيت دقيق
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، الغريب أن هذا القانون أو التفويض الأمريكي كان يستخدم ضد قوة وضد دولة ونظام في ذلك الوقت، والآن يعتزمون إلغاء تلك التفويضات في الكونجرس ومن ثم يوقع عليها الرئيس، في الوقت الذي يعتبر فيه العراق والمجتمع الدولي في حاجة لمكافحة الإرهاب والمليشيات التي تستهدف القوات الأمريكية والبعثات الدبلوماسية، فمن الغرابة أن يتم الحديث عن إلغاء تلك التفويضات في هذا الظرف.
© SPUTNIK . PRESS OFFICE OF THE RUSSIAN MINISTRY OF FOREIGN AFFAIRSزاخاروفا تقترح على أمريكا إزالة “آثارها الصغيرة” من العراق وليبيا وأفغانستان وسورياالأخطار القائمة
وتابع المحلل السياسي، إن الأسئلة التي تبحث عن إجابة هى، كيف ستتعاطى الإدارة الأمريكية مع الأخطار القائمة ومع التحرشات والاستفزازات، والتي تعلن كل يوم عن استمراريتها في ظل ما يسمى بالمقاومة العراقية الآن، والتي تتكون من فصائل إيرانية وليس من الضرورة أن تمثل العراق ككل، إنما في الحقيقة هى تمثل أدوات إيران في المنطقة، لذا فنحن لا نعرف كيف ستتعامل واشنطن مع الأهداف التي تمثل تهديدا لها، سواء في الداخل العراقي أو حتى على الحدود مع سوريا، بأي تفويض أو أمر أو قانون سوف يتم هذا، أم أن البديل سيكون في تفويض التحالف الدولي في العراق “لا أحد يعرف”.
وأشار هاشم إلى أنه، بعد الغاء هذا التفويض الأمريكي للجيش، لا أحد يعلم كيف سيكون تعامل واشنطن مع تنظيم داعش “المحظور في روسيا”، أو قيام المليشيات باستهداف البعثات والمستشارين الأمريكان والخبراء، حيث أن الوضع القانوني للتواجد الأمريكي أو حتى الفعاليات، سيكون الأمر بالنسبة لهم وكأنه فاقد للشرعية في النظر الأمريكي نفسه، رغم أن هذا القانون هو أمريكي داخلي لم يحظ بموافقة أو إشراف الأمم المتحدة، أما بالنسبة للتحالف الدولي ففيه شىء من المشروعية لأنه يحظى بغطاء أممي، فهل سوف تستغل واشنطن ما جاء في بيان تأسيس التحالف الدولي في العراق والذي يفوضها هى ودول الناتو في القيام بفعاليات على الأراضي العراقية، وهذه الاستنتاجات سوف تظل معلقة حتى توضح واشنطن تفاصيل تلك العلاقة.
الرد الأمريكي
من جانبه يقول، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، والسفير السابق بالخارجية العراقية، قيس النوري: حتى في حالة إصدار هذا المشروع الأمريكي الذي يقضي بإلغاء التفويض باستخدام القوة العسكرية في العراق، هذا لا يعني بأي حال من الأحوال عدم لجوء القوات الأميركية للرد المحدود في حالة تعرض قواتها لهجوم مسلح.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، التعامل الأميركي الجاري الآن يعتمد اسلوب “القوة الذكية” الذي يزاوج بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، وهو أسلوب يجري العمل به عمليا منذ فترة، كأسلوب للتعامل مع الهجمات المحدودة التي تشنها الميليشيات المسلحة على القواعد والسفارة الأميركية في بغداد، وهي طريقة تعامل أمريكية، الغرض منها عدم اللجوء إلى تصعيد الموقف السياسي والعسكري مع إيران راعية هذه الميليشيات.
© SPUTNIK . سارة نور الدينبغداد: أمريكا تعد بتخصيص 500 مليون دولار لمساعدة مفوضية الانتخابات العراقيةأزمة مستدامة
وتابع النوري، لذلك سوف تعمل إدارة بايدن بالإبقاء على مسالك تعاملها مع إيران، وصولا لصيغ توافقية بشأن الملف العراقي، وهو ما يعمق بقاء العراق في حالة أزمة مستدامة تخدم التوجهات الأميركية والإيرانية معا.
إدارة بايدن
وكانت الخارجية الأمريكية قد أعلنت في وقت سابق أن إدارة الرئيس جو بايدن تؤيد إلغاء قانون تفويض الحرب في العراق لعام 2002.
وقالت ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأمريكي الثلاثاء الماضي، إن إدارة بايدن تؤيد إلغاء القانون لأنه لم يعد ضروريا لحماية المصالح الأمريكية في المستقبل المنظور، وبالنسبة لوزارة الخارجية فإن إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 لن يؤثر على أنشطتنا الدبلوماسية.
وتابعت شرمان بقولها: “الوزارة أوضحت أننا ليس لدينا أنشطة عسكرية جارية تعتمد عليه فقط كما أن إلغاءه سيكون له تأثير ضئيل على العمليات العسكرية”.
من جانبه قال المستشار العام لوزارة الدفاع الأمريكي “البنتاجون” في تصريحات صحفية: إن الوزارة تعتقد بأنه هناك سلطة قانونية داخلية كافية غير التفويض باستخدام القوة العسكرية لمواجهة التهديدات في العراق بسرعة وفاعلية، وأن إلغاء قانون تفويض الحرب في العراق لعام 2002 لن يعيق قدرة أمريكا على مواجهة التهديدات.
وكان مجلس النواب الأمريكي قد صوت في يونيو/حزيران الماضي بأغلبية لصالح إلغاء قانون تفويض استخدام القوة العسكرية ضد العراق لعام 2002.
ومنذ حوالي عقدين من الزمن كان الكونجرس الأمريكي قد مرر قانونا يمنح الرئيس آنذاك جورج دبليو بوش الضوء الأخضر لانطلاق العمليات العسكرية الأمريكية في العراق، حيث كان يعتقد أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يخفي أسلحة دمار شامل.