1

صراع الجهالة

م. هاشم نايل المجالي

الثلاثاء 17 آب / أغسطس 2021.عدد المقالات:

ان أي قراءة مستفيضة للجدل والحوار والاختلاف القائم على كافة المستويات السياسية والثقافية والفكرية والمجتمعية بين العرب والغرب منذ زمن بعيد وحتى يومنا هذا، تكشف لنا ان هناك تيارات فكرية ودينية واكاديمية وبعض من دوائر صنع القرار في الغرب، تعمل على تصدير الصراع وتغذيته باستمرار تحت عنوان الخطر الاسلامي على الحضارة الغربية وانتاج مفاهيم يتم تداولها مثل فوبيا الاسلام والتخلف العربي التطرف والتعصب الديني وهكذا، وحددت مكامن تصديره من العديد من الدول، والكل يعرف ان هناك سوء فهم في محاولة معرفة الآخر بشكل اوضح ومميز، لان الاسلام لا يشكل خطراً على احد وليس مشروعا ارهابيا، ولا يجوز جعل الارهاب صفة ملاحقة للعرب والمسلمين خاصة ان التنظيمات الارهابية المتدينة والمتشددة اصبحت صناعة غربية لخلق بيئة ارهابية، كما هو الحال في العراق وافغانستان عندما يُترك الامر لهم بالتمادي والتوسع ودعمهم بكافة الوسائل المتاحة مادياً وتجهيزات.
وليس العرب مصدر للعنف كما تصدرها بعض مراكز الدراسات الاوروبية، مزورة للبيانات والمعلومات حسب متطلبات الموقف السياسي والعسكري والامني، حيث يجد كثير من هذه المراكز ان العرب والمسلمين لا يقدرون على ممارسة الديمقراطية ولا يستحقون حقوق الانسان كما في الدول المتحضرة، ولا يحق للعرب ابتكار تكنولوجيا حديثة لانها من الممكن ان تستخدم لأغراض ارهابية.
فالحداثة الغربية تقدم رؤية مادية، وان هدف الانسان في الكون هو لتعظيم المنفعة ومتجردة من اي قيم دينية واخلاقية، ممثلة في اتفاقيات متعددة من اجل انحلال المجتمعات وتفكيكها، وان المجتمعات الغربية بما فيها من عادات وتقاليد وممارسات هي المرجعية النهائية لاي مجتمع عربي او اسلامي وهو المعيار الوحيد للتحضر والتطور علماً بان تلك المجتمعات تعاني من تفكك وعنف اسري كبير حيث زادت نسبة من اسلموا في تلك الدول بنسب عالية.
وكأننا في حالة (نزاع الجهالة) من المجتمعات العربية، وكأننا في صدام الحضارات بين القيم الغربية والقيم الاسلامية واستحالة التعايش مع بعضنا البعض، الا اذا كان هناك تبعية لهم وعبودية طوعية في كل شيء وان الاسلام وراء تخلف كل شيء.
وهذا فكر منحرف وظلم كبير يمارسه الاعلام الغربي وان الخطر دوماً من العرب، فكثير من الاحداث مفبركة ومبرمجة لاحياء هذا الفكر، ان ما يجري في فلسطين وغزة لهو اكبر دليل على ذلك، حيث ممارسات اسرائيل على الشعب الفلسطيني وانتزاع حقوقه قسراً ودعم المستوطنين لتملك اراضي ومنازل الشعب الفلسطيني، واستعمال القوة لتدنيس الاراضي المقدسة والمسجد الاقصى والكثير الكثير، حيث كانت تنقل صورة غير حقيقية للغرب على ان كل مسلم في فلسطين متطرف، الى ان جاءها الرد الذي تستحقه على غطرستها العسكرية حيث لم ينفع في حمايتها لا قبة حديدية ولا غيره، واصبحت في مرمى الصواريخ من غزة والمخفي اعظم فلم يعد هناك شيء اسمه البعد الأمني الآمن.
فان الظلم ظلمات كل ذلك بسبب النظرة غير الصحيحة التي تمارسها اسرائيل لدى الاعلام الغربي عن الاسلام والمسلمين، حيث بدت تتغير النظرة السطحية في الغرب بعد ان تكشفت الحقائق لهم، وهنا يجب التركيز على الاعلام العربي الموجه لتوضيح كافة الاسباب والممارسات لذلك العدو على الشعب الفلسطيني وعلى العرب بشكل عام، وليس للاستثمارات اليهودية في الدول العربية المطبعة الا كحصان طروادة للدخول الى عمق تلك الدول ونشر سمومها فيما بعد فكرياً ومجتمعياً وثقافياً.

التعليقات معطلة.