العراقي رمزي ناري فنان فوتوغرافي يستجلي بعدسته سحر وجمال المواقع الأثرية في الأردن
تم نشره في الثلاثاء 24 آب / أغسطس 2021. 12:00 صباحاً
خالد سامح
تحت عنوان» القصر الأموي…تاريخ، تراث، وفن» استضافت الجمعية الأردنية للتصوير قبل أيام الفنان الفوتوغرافي العراقي المقيم في عمّان رمزي ناري، وقد تناول فيها تجربته في التوثيق الجمالي للمواقع التاريخية والسياحية في الأردن وبصورة خاصة القصر الأموي أعلى جبل القلعة، والذي نشرت «الدستور» عنه تقريرا الأسبوع الفائت ضمن سلسلة «كنوز فوتوغرافية في مئوية الدولة الأردنية».
مواطن الجمال
وقال ناري: كأعضاء ومصورين في الجمعية الأردنية للتصوير، نبحثُ باستمرار عن مواطن الجمال في مختلف مناطق الأردن، الذي يضمّ في جنباتهِ كنوزًا من المواقع الأثرية، لغرض عرضها وتقديمها للعالم بالصورة التي تليق بتاريخ الأردن وحضارتهِ.
لذا علينا أن نشجّع المصورين، الشباب منهم بشكل خاص، على تنمية ثقافتهم التصويرية والثقافة العامة والاهتمام بزيارة المتاحف والأماكن الأثرية ومعرفة تواريخها والحضارات التي تعاقبت على الأردن، وليس فقط استخدام الكاميرا دون أي خلفية ثقافية.
وتابع ناري مع عرض عبر شاشة كبيرة لأبرز صوره الملتقطة للقصر الأموي :
أتحدث إليكم بشكل خاص عن أحد أبرز المعالم التاريخيّة في العاصمة عمّان وهو القصر الأموي الكائن في الطرف الشمالي من جبل القلعة، مستعرضًا معكم اليوم مجموعة من الصور لهذا القصر التقطتها في أوقات مختلفة (أكثر من 60 صورة) ويمكن لأي مصور يهتم بتاريخ هذا المعلم الكبير أن يلتقط له المئآت من الصور وبتفاصيل كبيرة وصغيرة في غاية الجمال وعلى امتداد فصول السنة.
والصور التي أقدمها اليوم تبيّن تفاصيل القصر من الداخل والخارج، متنقلاً معكم خطوة بخطوة لكامل المنطقة التي كان فيها هذا المجمّع الكبير أو ما كان يسمى «دار الأمارة» وهي منشآت أموية يعود تاريخ انشائها للنصف الأول من فترة حكم هشام بن عبد الملك (724 – 743 م) لكن تاريخ إنشاء القصر يعود للسنة 730 م تقريبًا، الذي لم يقتصر على البناء الحالي المتبقي من ذلك المجمّع التاريخي، والذي يجهل البعض تاريخه وأقسامه التي كانت تمتد على مساحة كبيرة من المباني أشبه بما يكون مدينة صغيرة، وكانت تشمل قصرالحاكم أو الأمير الذي كان مقرًا لسكنه ولعائلته وحاشيتهِ وحرسهِ، وفيه أيضًا غرفة العرش وقاعة الاستقبال، ومنه يمتد شارع مبلّط يسمى شارع الأعمدة، نسبة إلى الأعمدة التي كانت مقامة على جانبيه، وهي في الأصل من بقايا الأعمدة التي كانت تزيّن المعابد الرومانية التي أقيمت فوقها منشآت القصر الأموي، ولا تزال بقايا منها موجودة حتى اليوم. ويرتبط هذا الشارع بفناء مكشوف وبعده مباشرة البوابة الكبرى وبجوارها موقع الحمّام الذي لا تزال آثاره واضحة من الجهة الشمالية لهذه البوابة، وكان يتألف من مجموعة غرف لتغيير الملابس ولتوزيع المياه الباردة فالدافئة فالحارة.
صور تفصيلية
واستعرض الفنان رمزي ناري صورا والتقاطات عامة للقصر وأخرى تفصيلية تبرز جماليات زخرفته وهندسته، وقال:
بالنسبة للصور التي أستعرضها للقصر من الخارج، فهي لجوانبه الأربعة وقبتهِ المائلة للونين الرصاصي والفضي، مع التركيز على الجانبين الشمالي والجنوبي حيث تقع بوابتا القصر الشمالية والجنوبية وكلاهما تطلان على ساحة مكشوفة. البوابة الأولى تطلّ على ساحة كبيرة والثانية على ساحة مربعة أصغر من الأولى تقع عند المدخل الأمامي للقصر.
ويحيط بالساحة الأمامية من جهتيها الشرقية والغربية بقايا غرف صغيرة كانت تشكّل مجموعة دكاكين أو سوقًا صغيرة لمن كانوا يقيمون في ذلك المجمّع. وعلى منطقة ترتفع قليلاً عن الساحة الأمامية، نرى بعضًا من أعمدة المسجد الأموي الذي كان قائمًا آنذاك، وأيضًا لايزال جانبًا من محرابه واضحًا إلى الآن، ويقع في المنطقة الكائنة حاليًا خلف مبنى متحف الآثار الأردني في جبل القلعة.
وقبل الدخول للمبنى الرئيس للقصر، أستعرض معكم مجموعة من الصور تمثل كل قسم من الأقسام التي كانت تتكون منها هذه المنشأة الأمويّة. ابتداء من البوابة الخارجية المطلّة على الساحة المربعة، فالمنطقة الممتدة من هذه الساحة وعلى امتداد شارع الأعمدة وحتى نهايته؛ إذ نرى من الناحيتين الشرقيّة والغربية ومن الخلف أيضًا بقايا غرفتي العرش وقاعة الاستقبال ومسكن الحاكم لا تزال قائمة.
أعود لأستعرض معكم صورًا من داخل القصر، وكما نرى أنه يتكون من شكل مصلّب كان مسقفًا في الأصل – كما يظهر من صور أثرية قديمة قبل ترميمه، بأنصاف قباب، بينما الجزء الأوسط منه يتوسط قاعتين متصالبتين، يفترض أن يكون فوقه قبّة من الخشب على الأغلب. وقد أنشئت مثل هذه القبّة منذ بضع سنوات فوق هذا الجزء الأوسط، من الخشب المزخرف كما في الصورة التي أعرضها لكم.
وفي القاعة المتصالبة القائمة حتى الآن، آثار من النقوش الفارسية لا تزال قائمة بشكل واضح وتعكس مدى تأثر الفن الإسلامي آنذاك بأساليب الفن الساساني.
إن الموضوع الرئيس لهذه المحاضرة ليس السرد التاريخي المفصّل للقصر الأموي – فمثل هذه التفاصيل يمكننا متابعتها من خلال الكتب والمراجع التاريخية – بقدر ما هو عرض تصويري لجزء من تاريخ وتراث القصر الأموي فوتوغرافيّا وفنيًا من جميع زواياه الخارجية والداخلية وإبراز النواحي الجمالية الكائنة فيه. وهذا هو سبب اهتمامي وإعجابي به؛ إذ جعلني أهتم بتصويره في أوقات مختلفة من السنة وأخصص له جانبًا من نشاطي التصويري. وأخطط مستقبلاً لعمل معرض مخصص لصور القصر الأموي.