ماذا سيعني فوز الصدر بـ«الكتلة الكبرى» في البرلمان العراقي المقبل؟
الأربعاء – 22 صفر 1443 هـ – 29 سبتمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15646]
بغداد: «الشرق الأوسط»
تتحرك الفعاليات الشيعية الأساسية للتحكم بمفاتيح معادلة الحكومة الجديدة، بعد انتخابات 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فيما تبدو مهمة الأجنحة التي تمثل الفصائل المسلحة، الموالية لإيران، صعبة للغاية.
وفي ظل التوقعات بنسبة مشاركة ضعيفة، نظراً لمزاج المقاطعة الشعبية، فإن حدوث مفاجآت كبيرة في النتائج مستبعد كثيراً، فيما تبدو فرصة الثلاثي الشيعي؛ (التيار الصدري، الحكمة، النصر)، في تصدر النتائج مرجحة، قبل نحو أقل من أسبوعين على إجراء الاقتراع.
لكن تحديد السيناريو الذي سيقود إلى تشكيل «الكتلة الكبرى» مرهون، إلى جانب النتائج، بالظروف الإقليمية، والدور الإيراني في مفاوضات تشكيل الحكومة.
واحد من تلك السيناريوهات يفرض نفسه على القراءات المتداولة، وهو أن يحقق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العدد الأكبر من المقاعد، ومن هذه الفرضية يرسم المحللون «خريطة طريق» ما بعد الانتخابات. وتتبع منظومة الصدر الانتخابية ما توصف حزبياً بـ«الخوارزمية التنظيمية» لحساب الجمهور وتقدير مقاعده بنسبة أخطاء أقل. ويقول أحد أعضاء حملة التيار الانتخابية إن «قاعدة بيانات محدثة خلال الشهور الماضية، عبر تطبيقات رقمية، أظهرت تقديرات أولية للمقاعد في عموم البلاد (…) وسنكون في الصدارة».
وفي حال نجحت تكتيكات الصدر الانتخابية، فإن أقرب حلفائه سيكونون الأوفر حظاً لتشكيل الكتلة الكبرى، وحتى الساعة فإن عمار الحكيم وحيدر العبادي سيلتحقان بالصدر في تحالف حكومي واسع، ينتظر الآخرين من القوى السنيّة والكردية الفائزة.
إن تحالفاً مثل هذا، سيشكل المعادلة الأقل توتراً بالنسبة لكثيرين يعارضون صعوداً جديداً لممثلي الفصائل الإيرانية في العراق، كما حدث في انتخابات عام 2018. لكن وجودها خارج السلطة يزيد من مخاطرها.
وبحسب قياديين في تحالف «الفتح»، المظلة السياسية للفصائل، فإن وصول السلطة للصدر وحلفائه سينذر بتغيير في قواعد اللعبة، وسيكون «الحشد الشعبي» في مرمى تغييرات جوهرية، أبرزها الحد من سطوة النفوذ الإيراني عليه. ويقول مصدر سياسي مطلع، إن قيادات مثل هادي العامري ونوري المالكي وقيس الخزعلي تحاول تفادي مواجهة سياسية مع فائز متفوق في الانتخابات، يكون كزعيم التيار الصدري.
حتى بالنسبة للصدريين، فإن هيكلة «الحشد» تبدو طموحاً سهلاً على الورق، والمضي فيه بحاجة إلى تفاوض خاص مع الإيرانيين أنفسهم. فوز الصدر نفسه لن يكون خبراً ساراً في إيران، التي عليها هي الأخرى التكيف مع هذا السيناريو. وسيكون الصدر، في حال فوزه، مسلحاً بتغير النظرة الإقليمية الدولية له. لم يعد رجل الدين المتطرف، المنخرط في أعمال العنف، ذلك أنه تحول بتراكم سياسي، إلى لاعب يجيد التكتيك والمناورة.
ولن يكون التفاوض مع الإيرانيين سهلاً، إلا إذا انطلق الصدر من كونه «نداً» لا مجنداً سياسياً لطهران؛ هذه الأخيرة ستحاول حماية نفوذها مع سلطة عراقية جديدة، من خارج منظومة الفصائل. لكن التكهن بردّ الفعل الإيراني على هذه الفرضية سيكون منافياً للواقع، من دون الاعتبار لطموحات الفصائل العراقية الموالية لها، فمن المرجح أن تكافح لتجنب خسارة أرباح التمدد السياسي والاقتصادي في مؤسسات الدولة.
ويخشى سياسيون عراقيون من أن يتحول فوز الصدر وحلفائه إلى لحظة صدام قد تدوم شهوراً بعد الانتخابات، دون استبعاد توتر أمني بين الخصوم الشيعة، حيث يمكن أن يجبر التوترُ الجميع على حكومة ائتلافية برئاسة مرشح يمكنه السيطرة على التوازنات مع الإيرانيين، ذلك أن سيناريو فوز الصدر لن يشكل نهاية لنفوذ طهران، بل للحد منه.
ولهذا تطرح صالونات الأحزاب الشيعية اسم مصطفى الكاظمي لولاية ثانية، لكنه سيأتي هذه المرة بظهير سياسي قوي يمثله تحالف الصدر، سوى أن بعض القيادات الشيعية التي تحدثت معها «الشرق الأوسط» ترى أن تداول اسم الكاظمي من الآن مجرد اختبار للنوايا، أو حرقاً مبكراً للاسم.
وتقول مصادر مطلعة إن الصدر لديه قائمة تضم 3 أو 4 مرشحين لمنصب رئاسة الوزراء، أقلهم حظاً هو حسن الكعبي، النائب الحالي لرئيس مجلس النواب، نظراً لحاجته لمزيد من الخبرة، وقد يكون مناسباً لدورة تشريعية لاحقة.