«نزوح جماعي» بعد هجوم لـ«داعش» في محافظة ديالى العراقية
9 من الضحايا قضوا نحراً بالسكاكين… والكاظمي يتعهد القصاصالخميس – 22 شهر ربيع الأول 1443 هـ – 28 أكتوبر 2021 مـ رقم العدد [ 15675]
آلية لقوات الأمن العراقية أمس قرب موقع هجوم «داعش» في قضاء المقدادية (رويترز)بغداد: «الشرق الأوسط»
سلطت مذبحة مروعة ارتكبها تنظيم «داعش»، أول من أمس، في محافظة ديالى شرق بغداد، الضوء على التهديد الذي تشكله فلول هذا التنظيم الذي من المفترض أنه هُزم منذ نهاية عام 2017 عندما طُرد من مدينة الموصل؛ معقله الأساسي في العراق. وأشارت تقارير، أمس، إلى أن قرى نهر الإمام شمال شرقي بعقوبة بمحافظة ديالى شهدت في الساعات الماضية نزوحاً جماعياً للأهالي باتجاه البساتين والمناطق القريبة عقب هجوم «داعش» بعد تقارير عن عمليات انتقامية يقوم بها ذوو الضحايا.
وأوضح مصدر أمني أن هجوماً عنيفاً شنه «داعش» على قرية الرشاد في منطقة المقدادية بمحافظة ديالى (65 كيلومتراً شرق بغداد) تسبب في مقتل وجرح عشرات المدنيين من عشيرة «بنو تميم» الشيعية. وأضاف أن الهجوم وقع فجر أول من أمس على القرية الواقعة على أطراف قضاء المقدادية. وقال المصدر لوسائل إعلام محلية إن مقاتلين من «داعش» خطفوا في وقت سابق 3 مدنيين من منطقة الرشاد وطالبوا بفدية لإطلاق سراحهم وحددوا مكان تسلّم الفدية وإطلاق المخطوفين على أطراف القرية. وتابع: «أثناء ذهاب ذوي المخطوفين لتسلم أبنائهم مقابل فدية مالية فتح عناصر (داعش) النار؛ ما سبب هلعاً للأهالي وهبّوا إلى مكان الحادث حيث سقطوا في كمين النيران الكثيفة لعناصر التنظيم، ما خلّف أكثر من 30 ضحية بين قتيل وجريح».
وأفادت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر سياسي بأن العديد من المواطنين قُتلوا عن طريق إطلاق النار، ولكن 9 من بين الضحايا «نُحروا بالسكاكين» على أيدي عناصر التنظيم. وأوضح هذا المصدر أنه «بالقياس إلى كل العمليات السابقة التي كان يقوم بها التنظيم الإرهابي في مناطق هذه المحافظة؛ فإن هذه العملية تعد الأعنف والأقسى والأكثر وحشية». وأشارت تقارير أمس إلى أن عشائر شيعية قامت بعمليات انتقامية ضد قرى سنيّة في شمال شرقي بعقوبة. وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت سقوط 11 ضحية جراء الهجوم المسلح الذي شنه «داعش» بمحافظة ديالى مساء الثلاثاء، في وقت توعد فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي بالقصاص من المهاجمين. وأصدر الكاظمي عقب الحادث توجيهات إلى الأجهزة الأمنية التي تمسك تلك المنطقة، وقال في تغريدة عبر حسابه على موقع «تويتر»: «سنطارد الإرهابيين أينما فرّوا، داخل العراق وخارجه؛ وجريمة المقدادية بحق شعبنا لن تمر من دون قصاص». وأضاف: «كلما أوغلوا في دماء الأبرياء نزداد إصراراً بأن ننهي أي أثر لهم في أرض الرافدين». كذلك قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، إن «توجيهات صدرت من القائد العام للقوات المسلحة بملاحقة بقايا عصابات (داعش) الإرهابية، وتكثيف الجهد الاستخباري لمنع تكرار أي خرق أمني»، مشيراً إلى أن «جريمة المقدادية بحق شعبنا لن تمر من دون قصاص». ولفت إلى أن «وفداً أمنياً مشتركاً زار مكان الجريمة في المقدادية وعقد اجتماعاً مع الأجهزة الأمنية لوضع خطط أمنية محكمة وتعزيز الانتشار للقطعات الأمنية». ودعا الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر مساء الثلاثاء إلى عدم التغافل عن الإرهاب وجرائمه.
وقال الصدر في تغريدة على «تويتر» تعليقاً على هجوم «داعش» في ديالى: «لا ينبغي التغافل عن الإرهاب وجرائمه، ولا ينبغي التلهي بالصراعات السياسية ونسيان الإرهاب». وأضاف: «ها هي قرية من قرى منطقة المقدادية يعصف بها الإرهاب في خضم الصراع السياسي، وما زال الإرهاب يتربص بالعراقيين».
في السياق نفسه، أدان التحالف الدولي الذي يشارك في محاربة الإرهاب بالعراق عملية المقدادية. وقال بيان مقتضب للتحالف: «نقدم تعازينا للضحايا وعائلاتهم».
وفي هذا السياق، قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور معتز محيي الدين رئيس «المركز الجمهوري للدراسات السياسية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية دائماً ما تكون بعيدة عن القرى والأماكن النائية؛ الأمر الذي يقوم (داعش) باستغلاله للقيام بعمليات إرهابية». وأضاف أن «العمليات هناك متنوعة، مثل الخطف والقتل وسواهما من العمليات. وأحياناً تستعين الأجهزة الأمنية بجماعات محلية مثل أبناء العشائر وغيرها لأنهم من أبناء المنطقة ويعرفون تضاريسها وأجواءها حيث تصعب السيطرة على المناطق النائية دون الاستعانة بأبنائها». ولفت إلى أن «مشكلة الأهالي في تلك المناطق وفي سواها من المناطق التي تنشط فيها مثل هذه الجماعات بمحافظات أخرى أن أبناء المناطق أحياناً يتصرفون بنوع من الازدواجية؛ حيث يكتمون المعلومات عن المسلحين بسبب وجود ارتباطات عشائرية مثلاً، وأحياناً يكتمون المعلومات عن القوات الأمنية ويمررونها للمسلحين خوفاً أو تردداً خشية كشفهم». وتابع أن «هناك مشكلة أخرى؛ هي أن الأجهزة الأمنية غالباً ما يكون عملها تقليدياً وقاصراً على جمع المعلومات الاستخبارية اللازمة عن المسلحين الذين يأتون من مناطق قريبة، مثل جبال مكحول وحمرين، فضلاً عن هذا المثلث الساخن الممتد من جنوب الحويجة (كركوك) إلى مناطق الثرثار (صلاح الدين)، وكذلك مناطق الأنبار وغيرها». وقال: «من المؤسف حقاً أن القوات الأمنية لا تبدو مهتمة كثيراً بتطوير عملها الأمني ووجودها المستمر في هذه المناطق. التضاريس معروفة بالنسبة للقوات الأمنية، لكنها في الغالب تبقى فيها فترات قصيرة ثم تنسحب إلى مقراتها».