1

The sun sets behind a bridge over the Tigris Rive in Baghdad, Iraq, Saturday, June 19, 2021. (AP Photo/Hadi Mizban)


العراق

الرئيس العراقي يستعرض “فرصة اقتصادية” للتغير المناخي

مصطفى هاشم – واشنطن01 نوفمبر 2021

اعتبر الرئيس العراقي، برهم صالح، الأحد، أن مكافحة التغير المناخي “فرصة لتنويع الاقتصاد”، مشيرا إلى مشاريع يجب أن تركز عليها بلاده في هذا الإطار، لكن خبيرا اقتصاديا أشار إلى صعوبة تحقيق “هذه الخطط الطموحة”. 

وفي مقال في “فاينانشيال تايمز“، قال صالح إن مواجهة تغير المناخ يحب أن تكون “أولوية وطنية ملحة” لبلاده، مضيفا أن “التأثير الاقتصادي والبيئي والاجتماعي المحتمل لتغير المناخ هو إلى حد بعيد أخطر تهديد طويل الأجل يواجه البلاد”. وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، التي أشارت إلى أن العراق هو خامس دولة معرضة للتأثر بالتغيرات المناخية في العالم.

وذكر صالح أن “التصحر يؤثر على 39 في المئة من أراضي العراق، كما أن زيادة الملوحة تهدد الزراعة في 54 في المئة من أراضينا”.

ويشهد العراق جفافا حادا وارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة.

“الماضي الأخضر القريب”

يقترح صالح أن يعود العراق إلى ماضيه “الأخضر” القريب، من خلال إحياء مشاريع وطنية واسعة النطاق لإعادة التشجير في جنوب وغرب البلاد، واستعادة الغابات في المناطق الجبلية والحضرية في كردستان، فضلا عن “أفكار أخرى تشمل تحديث إدارة المياه وزيادة استخدام الطاقة الشمسية”. 

وقدرت الأمم المتحدة مؤخرا أن أكثر من 160 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية في العراق تحولت إلى مناطق جرداء.

وارتفع متوسط درجة حرارة العراق بمقدار 4.1 درجة فهرنهايت منذ نهاية القرن التاسع عشر أي ضعف ما شهدته باقي مناطق العالم، وفقا لمؤسسة “بيركلي إيرث” لعلوم المناخ ومقرها كاليفورنيا.

وجاء نشر مقال صالح، بالتزامن مع انطلاق مؤتمر “كوب 26” حول المناخ، في غلاسكو باستكلندا الأحد. 

ويأخذ مؤتمر الأطراف هدفه من اتفاق باريس التاريخي الذي أبرم في العام 2015 والذي شهد موافقة الدول على وضع حد للاحترار العالمي عند “أقل بكثير” من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي، و1,5 درجة مئوية إذا أمكن.

“تكلفة مرتفعة”

لكن أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني، في حديثه مع موقع “الحرة” اعتبر أن ما ذكره صالح يعد “كلاما نظريا وإنشائيا”، مشيرا إلى أن “التحول من استخدام المصادر النابضة، وهو الاعتماد على النفط كمصدر أساسي إلى الرجوع إلى المصادر الأساسية مثل الزراعة والصناعة وتنشيطها من جديد، برنامج طموح يحتاج إلى تكاليف عالية”. 

ويشير المشهداني إلى الفجوة بين التزامات العراق بشأن الانبعاثات الكربونية التي من المفترض أن تبلغ صفرا في عام 2050، وما بين القدرة الاقتصادية لبلاده لتنفيذ مخططات التحول إلى هذا الهدف.

ويقول إن “إيرادات العراق خلال العشر سنوات المقبلة، تعتمد على تلك المتحصلة من مبيعات النفط والتي ستغطي الحد الأدنى من نفقات الحكومة المتزايدة”.

وفضلا عن العوائق المالية التي قد تواجه العراق، بحسب المشهداني، “عندنا أيضا شح في الموارد المائية”، مشيرا إلى أن “إيران مثلا قطعت عن العراق نحو 40 رافد من التي كانت تصب في نهر دجلة وكانت تشكل مصدرا من مصادر المياه لجنوب ووسط العراق، وكذلك تركيا بعد أن أنجزت مراحل متقدمة من سدود أخرى، ما قلل الحصة المائية إلى أقل من النصف”. 

وأعلنت السلطات العراقية، في 20 أكتوبر، أن الجفاف وشح المياه سيجبران البلاد على تقليص المساحات المزروعة للموسم الزراعي 2021-2022 بمقدار النصف، في حين أشار مسؤول دولي إلى مشاريع لمساعدة المزارعين.

ويكتسي ملف المياه أهمية بالغة بالنسبة للعراق خصوصا بسبب الاحترار المناخي والجفاف المتكرر والقضايا الجيوسياسية المرتبطة بتقاسم مياه نهري دجلة والفرات مع تركيا وسوريا.تقرير: الجفاف في العراق يعكس تهديد المناخ للأمن الغذائيفي دليل واضح على تأثير الطقس القاسي الناجم عن تغير المناخ وانعكاسه على الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، أجبر الجفاف الذي يمتد للعام الثالث على التوالي، العراق، على خفض مساحة محاصيله المزروعة إلى النصف، وفقا لتقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ”.

وذكر صالح بالفعل أن “السدود على منابع وروافد نهري دجلة والفرات التاريخيين، شريان الحياة في بلدنا، أدت إلى انخفاض تدفق المياه”، مشيرا إلى أنه “وفقا لوزارة الموارد المائية العراقية، قد تواجه بلادنا عجزاً يصل إلى 10.8 مليار متر مكعب من المياه سنوياً بحلول عام 2035”. 

إعادة هيكلة الإنفاق

واعتبر صالح أن “فقدان الدخل سيؤدي إلى الهجرة نحو المدن التي أصبحت بنيتها التحتية غير قادرة حتى الآن على دعم السكان الحاليين”، مضيفا أن “هذه الهجرة قد تؤدي إلى التطرف وانعدام الأمن، لأن الشباب غير قادرين على العثور على وظائف توفر لهم مستوى معيشيا لائقا”. 

يشير المشهداني إلى أنه كان يجب أن تتخذ بلاده خطوات في التحول إلى الطاقة النظيفة قبل وقت طويل، ويقول: “منذ 2006 لم يوجه جزء من إيرادات النفط لإنفاقها على أوجه التنمية الحقيقية، 80 في المئة تذهب للنفقات التشغيلية من رواتب وأجور وصيانة مبان وسفر وإفادات ونثريات”. 

وأضاف أن اتفاقية باريس التي انضم إليها العراق “حملت الدول المنتجة للنفط تكاليف تصل إلى مئة مليار دولار لتعويض الدول النامية التي تعتمد على النفط من أجل التحول إلى الطاقة النظيفة، بالتالي العراق سيتحمل جزءاً من هذه التكاليف”. 

ويقول صالح إن مكافحة التغير المناخي يجب أن تكون فرصة للعراق لتنويع اقتصاده من خلال دعم الطاقة المتجددة والنظيفة، ويشير المشهداني إلى أن الحكومة بالفعل تمضي قدما باتجاه التحول نحو برامج الطاقة النظيفة وتعمل على إنشاء محطات كهربائية وتوقيع الكثير من العقود في هذا الإطار. 

لكنه يتساءل عن  “البرنامج الذي ستسير عليه الحكومة بعد خمس سنوات أو عشر، خاصة أن العراق يشكل خامس احتياطي نفطي في العالم، وكيف سيتم التعامل مع هذا المورد النابض، هل سنتحول إلى مصادر أخرى؟”. 

ويضيف المشهداني أن “العراق الآن وفق تصنيفات المنظمات الدولية هو ثالث دولة في حرق الغاز الملوث للبيئة”، متسائلا: “كيف يمكن أن نحقق برنامج البنك الدولي حتى يصل العراق إلى صفر انبعاثات كربونية حتى 2030؟”.

يعتقد الخبير الاقتصادي “أن الخطط التي يتحدث عنها بعض المسؤولين (مخصصة) للتسويق الإعلامي، هذا الكلام نحن غير قادرين على تحقيقه سواء وقع العراق على اتفاقية المناخ أو لم يوقعها”. 

وأكد أنه لتنفيذ الخطط الطموحة لمواجهة التغير المناخي “نحتاج إلى إعادة البنية الاقتصادية من جديد والتذكير بنظام اقتصادي مستنير يمكن تطبيقه”. 

وأضاف “لدينا أيضا تعطيل بالجانب الاستثماري الذي يتحدث عنه رئيس الجمهورية، في مسألة تشجير الغابات وزراعة الصحاري”. 

عوائق سياسية للاستثمارات الأجنبية

وأشار صالح إلى أهمية عمل القطاعين الحكومي والخاص جنبا إلى جنب في هذه القضية، وإحداث تنمية حقيقية، لكن المشهداني يقول إن “البيئة الاستثمارية طاردة للمستثمر المحلي والأجنبي، سواء القوانين والروتين والفساد المستشري في معظم مفاصل الدولة العراقية يعيق عملية استقطاب الاستثمار”. 

وأضاف “البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير مستقرة لاستقطاب الاستثمار أو السماح حتى للمستثمر المحلي أن يقوم بهذا الدور الكبير”. 

وأوضح أن الاعتماد ينصب كليا على الحكومة للقيام بعملية التنمية، بينما الدور الحكومي يركز على تعزيز القدرات الأمنية، ويقول: “54 في المئة من الموازنة العامة تذهب إلى قطاع الأمن مثل الجيش والشرطة والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والقوى الأمنية الأخرى وكل هذه نفقات استهلاكية مهدورة”. مصطفى هاشم – واشنطن

التعليقات معطلة.