سدود تركيا وإيران تهدّد العراق بالجفاف… وفلاحون يهجرون الريف
17-11-2021 | 07:10 المصدر: النهار العربي
عراقية في أرضها التي شققها الجفاف
A+A-يشعر المزارع هادي عبد الزهرة بالإحباط، نتيجة عدم قدرته على زرع أرضه بسبب شح المياه، وبدأ يفكر في الهجرة من ريف محافظة بابل الى المدينة، بحثاً عن عمل يسد حاجاته الأساسية. حال عبد الزهرة هي حال معظم المزارعين في محافظات وسط العراق، المعروفة بمزارعها ذات المساحات الكبيرة وبساتينها الواسعة التي تعتمد في مواردها على نهري دجلة والفرات. وواجه العراق خلال الأعوام الأخيرة أزمة انخفاض في منسوبي شريانيه الحيويين، ما أثار قلق العراقيين ومخاوف المنظمات الحقوقية والإنسانية من تداعيات انحسار المياه الذي قد يسبب انتشاراً للأمراض الوبائية، عدا الجفاف وتقلص المساحات المزروعة.
ويستهلك العراق، وفقاً للبيانات الرسمية، نحو 71 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، لكن من المتوقع أن ترتفع نسبة الاستهلاك مع تزايد عدد سكان البلاد، الأمر الذي قد يشكل أزمة مياه فعلية. ورغم التحركات الحكومية والمباحثات مع الجانب التركي بشأن “أزمة شح المياه”، إلا أن الجانبين لم يتوصلا الى اتفاق بعد. وتحمّل الجهات العراقية الرسمية، تركيا وإيران، المسؤولية عن تلك الأزمة التي تشهدها البلاد، إذ قال وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني أكثر من مرة، إن “لدينا أوراق ضغط مهمة في مجال تحصيل حقوقنا المائية”. وأفاد الحمداني بأن “هناك مخالفات للقوانين الدولية بشأن المياه تقوم بها إيران، وقد أبلغنا طهران رسمياً بمخالفاتها ولم نحصل على رد”، فيما حذر الناطق باسم وزارة الموارد المائية علي راضي ثامر من “المشاريع المستقبلية التركية”. وقبل أيام، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مشاركته في مراسم افتتاح سد “اليسو” في ولاية ماردين، جنوب شرقي تركيا، إن “حماية مواردنا المائية قبل أن تصل الى حد النضوب، واستخدامها بكفاءة، وإدارتها إدارة صحيحة، لم تعد خياراً بل ضرورة”. وعلق ثامر على كلام أردوغان بالقول إن “إنشاء السدود والتوسع بهذه المشاريع هو حق لجميع الدول، ولكن يجب ألا يكون هذا الحق علی حساب حصص الدول الأخری، ومنها دول المصب التي دائماً ما تكون أكثر تأثراً. لذلك نحن نلاحظ أنه قبل أيام قليلة تم افتتاح سد اليسو في تركيا علی سبيل المثال. كان افتتاحاً بروتوكولياً، لأن سد اليسو أساساً أنجز عام 2019. المشكلة تقع في مجموعة السدود الخزينة، والخطورة تكمن في مشروع جديد لتركيا وهو إنشاء سد الجزرة”.ظلال سياسة السّدود الإيرانية – التركيّةشهدت محافظات عراقية وسطى وجنوبية، موجة نزوح لمزارعين نحو المدينة، على غرار هادي عبد الزهرة الذي باتت مزرعته لا تسد متطلباته الأساسية ونفقاته المعيشية نتيجة شح المياه، بحسب قوله لـ”النهار العربي”. وفي محافظة الديوانية وسط العراق، يظهر بوضوح انحسار مستوى المياه في الأقنية الفرعية والروافد. أما في محافظة ميسان المشهورة بالأهوار، فأكد المدون “أبو أحمد اللامي” خطورة الجفاف الذي لحق بالأهوار، مشيراً الى “نفوق كبير للأسماك”.ولفت الى أن “غالبية قاطني الأهوار بدأوا يلجأون الى المدن ومركز مدينة الإعمار، بعدما باعوا المواشي الخاصة بهم”.
وفي محافظة ديالى، أكد رئيس الجمعيات الفلاحية رعد التميمي لـ”النهار العربي” أن “مزارع البرتقال والحمضيات تشهد تدهوراً بسبب شح المياه”، وأن “الفلاحين قرروا ترك بساتينهم أو بيعها، لأن لا فائدة منها”. ويعلق الخبير المائي الدكتور علي اللامي على تلك الأزمة بقوله لـ”النهار العربي”: “للأسف جميع الحكومات العراقية لم تكترث لحجم الكارثة البيئية التي قد تشتد خلال الأعوام المقبلة”. ويضيف أن “السياسة المائية التي تمارسها تركيا وإيران ضد العراق تعد أوراق استفزاز”.ويتابع اللامي أن “استمرار الجفاف دون الوصول الى حلول مع الدول المجاورة، سيضع العراق أمام كارثتين: اقتصادية وبيئية”، متوقعاً أن “يجف العراق تماماً خلال عام 2040”. وكشفت وزارة الموارد عن وصول الخزين المائي العراقي الى مرحلة حرجة، وقال مستشار الوزارة عون ذياب في تصريح إن “الخزين المائي في السدود وصل الى أوضاع حرجة بسبب استهلاك كميات كبيرة في فصل الصيف، وتعوّل الوزارة على هطول الأمطار خلال فصل الشتاء الجاري”. وتابع أن “الواردات المائية من تركيا هي الأساس، إذ تصل مساهمتها في نهر دجلة الى نسبة 40 في المئة، بينما تبلغ نسبة مساهمة إيران 18 في المئة، ولها تأثير كبير في المدن الشرقية للبلاد، ولا سيما محافظة ديالى التي لا تتوافر فيها مصادر مياه بديلة، فيما تعوض بقية حصص النهر من داخل العراق”.