العراق يتخطى المعدلات العالمية لعدد الموظفين بتسعة أضعاف
بغداد/ فراس عدنان
يشكل الترهل الوظيفي خطراً كبيراً يواجه المجتمع، في وقت تشير الإحصاءات الى أن اعداد العاملين في الدولة يفوق المعدلات العالمية بتسعة أضعاف، لكن معالجة ذلك مرهونة باتخاذ خطوات أهمها الكشف عن قاعدة بيانات الموظفين وانهاء ملف مزدوجي الرواتب، وتفعيل القطاع الخاص، والبحث عن مصادر أخرى لتمويل الميزانية العامة بعيداً عن النفط الذي سيشهد تناقصاً في الاعتماد عليه بنسبة كبيرة خلال السنوات المقبلة.
ويقول المرشح الفائز وعضو لجنة المالية في البرلمان السابق جمال كوجر، في حديث إلى (المدى)، إن «عدد الموظفين في الدولة العراقية يزيد عن النسب العالمية بنحو تسعة أضعاف، وهذا رقم كبير ينبغي الوقوف عنده ومعالجته وفق الأطر السليمة».
وتابع كوجر، أن «المعايير الدولية للوظيفة العامة لجميع المجتمعات تفرض وجود موظف واحد لكل 100 فرد، لكن في العراق نجد هناك تسعة موظفين لكل 100 مواطن، وهذا يعني أن 9% من العراقيين يعملون في مؤسسات الدولة».
وأشار، إلى ان «معالجة هذا الترهل الوظيفي مهمة جداً، والحديث عن تسريح الموظفين ينبغي أن يتم وفق آليات صحيحة لا تخلق لنا مشكلات جانبية».
ولفت كوجر، إلى «ضرورة أن تكون هناك قاعدة بيانات صحيحة لجميع الموظفين في الدولة العراقية وهذا غير موجود لغاية الوقت الحالي، رغم انها مهمة مجلس الخدمة الاتحادي الذي باشر مهامه منذ مدة».
ونوه، إلى أن «العراق يحتاج إلى تنظيف قوائم الدولة من الفضائيين ومتعددي ومزدوجي الرواتب، وهي مهمة مشتركة بين مجلس الخدمة الاتحادي والوزارات المعنية».
وبين كوجر، أن «تسريح الموظفين ينبغي معه خلق فرص عمل جديدة، وإلا سنواجه مشكلة اجتماعية كبيرة لا نستطيع تلافيها بسهولة»، وفي هذا الإطار طالب بأن «يكون هناك عمل خلال السنوات التي تسبق اتخاذ اية خطوة لمعالجة الترهل الوظيفي بخلق فرص عمل ودعم القطاع الخاص وتنميته وعدم ترك الوضع على ما هو عليه».
وفي مقابل ذلك، رأى أن «الاخطاء التي ارتكبتها الحكومات السابقة لا ينبغي أن يتحملها المواطن لاسيما على جانب الاثار السلبية»، داعياً إلى «ايجاد الأجواء المناسبة قبل المضي بأية خطوة تسهم في تسريح عدد من الموظفين».
ولا يذهب كوجر بعيداً عن «ضرورة البحث عن بدائل للنفط في تمويل الموازنة، وتوفير التخصيصات المالية لهذا الكم الكبير من الموظفين، وفي الوقت ذاته دعم المشروعات الخاصة والمبادرات الفردية التي تشجع البعض منهم على ترك العمل في مؤسسات الدولة والذهاب إلى القطاع الخاص».
وشدد، على أن «اعتماد خزينة الدولة على مصدر واحد وهو النفط، وذهاب 80% من إيراداته إلى الموازنة التشغيلية المتعلقة برواتب الموظفين كل ذلك يضع العراق أمام عائق كبير لا يستطيع تجاوزه ومواجهة الأزمات الاقتصادية».
ومضى كوجر، إلى أن «تحذيرات تأمين رواتب الموظفين في المستقبل ليست للتشاؤم، بل آلية لإدارة اقتصاد الدولة والموقف الحكومي الذي يصدر محملاً بالمخاوف إزاء مخاطر العدد الكبير من الموظفين يأتي من مخاطر حقيقية ومنطقية».
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي أحمد صدام، إن «الوضع الاقتصادي يتطلب من العراق الاعتماد على مصادر دخل أخرى غير النفط من خلال اعتماد سياسات صحيحة ورصينة».
وتابع صدام، أن «الدراسات تفيد بان الاعتماد على القطاع النفطي سوف ينخفض حتى عام 2045 بحدود 20%، كما أن منظمة أوبك أعدت دراسة تفيد بان طلب النفط في العام ذاته سيكون بحدود 109 مليون برميل يوماً».
ونوه، إلى أن «العراق يعتمد على النفط في تمويل موازنته التشغيلية وما يذهب إلى رواتب الموظفين، وهذا من المنظور الاقتصادي خطأ كبير».
ويجد صدام، أن «الحلول موجودة لمعالجة موضوع تأمين رواتب الموظفين في المستقبل من خلال تفعيل الجباية وتعزيز الاستثمارات المتعلقة بالجانب النفطي مثل صناعة الغاز».
وطالب، بأن «تكون هناك سياسات لتنويع مصادر الدخل القومي، وما حصل من انهيار في سوق النفط بسبب الأزمة الصحية دليل على ذلك، ومعالجة ذلك يكون من خلال تعزيز القطعات السلعية والخدمية لكي تكون منتجة فعلياً».
وانتهى صدام، إلى أن «نجاة الاقتصاد العراقي تكون من خلال سياسات ستراتيجية تواصل بموجبها الحكومات المتعاقبة عملها، لا أن نبحث عن حلول ترقيعية تنتهي بانتهاء عمر الحكومة».
وكان وزير المالية علي عبد الأمير علاوي قد أدلى بتصريح أثار المخاوف بأن العراق لن يتمكن من تأمين رواتب موظفيه خلال السنوات القادمة بسبب تراجع الاعتماد العالمي على النفط وقد يؤدي ذلك إلى تسريح العديد منهم.