الحرائق.. خسائر بمليارات الدولارات سنوياً
بشكل شبه يومي، تتكرر حوادث الحرائق في العراق وتتعدد الأسباب فيما يقف التماس الكهربائي في الصدارة، ما بين حوادث في بنايات تجارية ومؤسسات حكومية ومستشفيات وعلوات لبيع الخضار ومساحات زراعية واسعة وغيرها من المواقع.
ففي العام الماضي، حدثت فاجعتان جرّاء الحرائق، نتيجة غياب شروط السلامة اللازمة، إذ وقع حريق في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة بغداد، وحريق في مستشفى الحسين التعليمي في محافظة ذي قار، وأسفرا عن استشهاد وإصابة المئات من المرضى ومرافقيهم.
وتسفر الحرائق التي تكاد تكون مشهداً يومياً في البلاد، عن خسائر مادية كبرى تصل إلى مليارات الدولارات، وسط غياب منظومات السلامة والإطفاء او الجهل في تفعيلها واستخدامها.
إهمال منظومات السلامة والإطفاء
يقول المهندس سيف الدين تامر هندي، صاحب شركة وكيلة لشركات عالمية مختصة بتصنيع منظومات الوقاية من الحرائق، بشأن كيفية التحصين من الحرائق ووسائل الأمان، إن “مديرية الدفاع المدني هي المسؤولة في الدرجة الأساس عن التحصين والحماية من الحرائق وإصدار التوصيات والإرشادات”، لافتاً إلى أن “أية بناية في العالم وحتى في العراق بحسب القانون، يفترض أن تتم متابعة شروط السلامة فيها من قبل الدفاع المدني قبل منح الموافقة على البناء بعد التأكد من ان متطلبات السلامة والامان مستوفية”.
هندي، يضيف أن “منظومة السلامة وما تتضمنه من معدات الوقاية هي نوعاً ما مكلفة لكنها لا تتعدى 10% من كلفة أصغر حريق قد يحدث في مدرسة او دائرة حكومية أو بناية تجارية”.
ولفت إلى أن “توفير منظومة السلامة يغني عن خسائر أرواح المواطنين ورجال الدفاع المدني فضلاً عن ضمان عدم تلف أدوات ومعدات الدفاع المدني التي تستخدم في عمليات الاطفاء والتي تعد مكلفة جداً، إضافة إلى تلافي الخسائر المادية للموقع المحترق والتي تعد خسائر للبلد سواء كان الموقع تابعاً للقطاع العام أو الخاص”.
وأوضح، أن “أغلب الحرائق تحدث في المخازن بسبب آلية الخزن وتخصيص بنايات غير مخصصة لذلك أصلاً مثل البيوت وغيرها، من دون الالتزام بالوقاية والإرشادات الموصى بها عالمياً ومن قبل الدفاع المدني العراقي والتي تشمل حتى مواد البناء المستخدمة”، مؤكداً “ضرورة استخدام منظومات الإطفاء الذاتية وليست اليدوية فقط، والتعهد بتفعيل القانون الذي يفرض استعمال المنظومات الذاتية”.
وبين، أن “من ضمن منظومات السلام المرشات الذاتية لكن وللأسف لا تستخدم كثيراً سوى في المشاريع الاستثمارية التي تكون نوعاً ما كبيرة رغم أنها من المفترض أن تستعمل في كل مكان بحسب القانون العراقي الذي فرض وضعها”.
ولفت إلى أن “هذه المرشات توجد حالياً في المباني الحكومية القديمة منها بالأخص والفنادق القديمة المعروفة في العاصمة بغداد كفنادق عشتار وبغداد وفلسطين، فضلاً عن وجود مشكلة تتمثل في الاستغناء عن منظومات الإطفاء الذاتية أولاً عند حصول أي نقص في التمويل”.
مخازن غير نظامية
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي، مصطفى أكرم حنتوش، إن “من الظواهر المجتمعية والتجارية التي كانت لها نتائج سلبية هي خزن التجار لبضائع بملايين الدولارات وبكميات كبيرة في مخازن غير نظامية لا تحتوي على منظومات الإطفاء ومنظومات الإنذار المبكرة وحتى المنظومات الأمنية، إنما مخازن في عمارات منهكة في طوابق ثانية وثالثة تحت الأرض”.
ويضيف حنتوش، أن “هذا النوع من الخزن يعد سلبياً ويؤدي الى خسارة كميات كبيرة إضافة الى ذلك يؤدي إلى اندلاع حرائق تكلف ملايين الدولارات”، مشيراً إلى أن “الدولة لا تملك خزيناً ستراتيجياً من المواد فضلاً عن استيراد وزارة التجارة على سبيل المثال للحصة التموينية رغم أن لديها آلاف السايلوات والمخازن التي باتت مفرغة، وهو ما أدى ألى أخذ هذا الدور من قبل التجار الذين يستوردون ويخزنون بكميات كبيرة جداً يكاد يكون خزين أربع سنوات خصوصا مواد العطور وغيرها التي يكون لها تأريخ صلاحية كبير”.
وتابع، أن “هذه الامور أدت إلى وجود مخازن بكميات كبيرة جداً غير نظامية لسهولة التخزين بها وقربها من نقاط البيع”، داعياً إلى “إعادة عملية تنظيم التجارة العراقية، وأخذ دور كبير لوزارة التجارة في فتح مخازنها وفتح الاستيراد، وأن يكون لها خزين ستراتيجي وتمنع استيراد بعض المواد المتوفرة، والعمل على تحقيق أرباح، وفتح أدوات البيع بالتجزئة في الاسواق المركزية”.
وأوضح، أن “القطاع الخاص أخذ هذا الدور وبدأ بتوفير مخازن بخزائن ستراتيجية بمليارات الدولارات غير نظامية، الهدف منها تحقيق أقصى ربح حتى وان كانت على حساب منظومة الأمن أو الحرائق أو حتى الأمن الوطني الخاص بالاقتصاد”، مؤكداً “ضرورة إعادة النظر بمنح اجازات للتخزين وتشكيل فرق للاستطلاع”.
التماس الكهربائي يتصدر
مدير إعلام الدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن، يقول إن “أسباب الحرائق متعددة وأحصتها مديرية الدفاع المدني، لكن يبقى السبب الأبرز والذي يؤشر لدينا لعدة أعوام متتالية هو التماس الكهربائي، وهذا الموضوع حقيقة أسبابه واضحة وهي تذبذب الطاقة بين المولدات الأهلية والكهرباء الوطنية فضلاً عن المولدات الصغيرة المستخدمة في البيوت، فضلا عن تحميل الأجهزة الكهربائية أكثر من الأحمال المقررة لها”.
وأضاف العميد عبدالرحمن، أن “كثيراً من النقاط الكهربائية التي يتم اقتناؤها، للأسف الشديد، ذات مناشئ غير رصينة وغير جيدة لذلك يتكرر التماس الكهربائي وهو السبب الأبرز في حصول حوادث الحريق، وعملت المديرية على برنامج التوعية في الكثير من المناسبات مع العلم أن التماس الكهربائي هو أحد اسباب الحرائق العالمية وليس في العراق”.
ولفت إلى أن “هناك أسباب أخرى من بينها عبث الأطفال وكثرة النزاعات العشائرية والحرائق البترولية بسبب الاهمال ومصادر النيران الخارجية إضافة إلى الخزن العشوائي في المخازن التجارية المنتشرة في بغداد والمحافظات”.
• عن وكالة “واع”