1

الانفجار السكاني .. أزمة مبعثرة بين سوء التخطيط وغياب الرؤى الاقتصادية

بغداد/ حسين حاتم

مع ارتفاع معدلات النمو السكاني التي يشهدها العراق منذ حوالي 10 سنوات، وتراجع مستويات الاقتصاد والتنمية وما ترافق معها من سوء خدمات وفرص حياة مستقرة، كانت هنالك دعوات تظهر وتخبو بين الحين والآخر تطالب بوضع خطط ومعالجات للواقع الاقتصادي.

وبحسب مختصين ومراقبين، فإن الانفجار السكاني لا يعد مشكلة العراق بقدر انعدام الخطط الواقعية وسوء التخطيط لاحتواء تلك الازمة والحفاظ على التوازن السكاني.

ووفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة عام 2020، يأتي العراق في المرتبة الـ36 على مستوى العالم من حيث التعداد السكاني، والرابع بين الدول العربية.

ويشير تقرير للبنك الدولي إلى أن نحو 13 مليون عراقي، يكسبون يومياً أقل من دولارين، ونسبة الفقر في العراق وفقاً لوزارة التخطيط بلغت 25‌%، فيما تتحدث بيانات وتقارير عراقية مختصة بالتنمية والستراتيجيات عن اقتراب النسب من 30‌%.

ويرى المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن “الزيادة السكانية في العراق خلال العقد الأخير باتت تمثل أهم التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد في ظل الإبقاء على النفط مصدرا رئيسا وأساسيا في تدوير حركة المعاشات وتوفير الرواتب”.

ويضيف صالح أن “مستويات الزيادة السكانية في العراق ما زالت تؤشر نموا مرتفعا بنحو 2.6 ‌% سنوياً، وهو الأعلى عالميا”، لافتا الى أن “التسليم وتعزيز الثقة بالمدخلات الوطنية العائدة من النفط لا يمكن التعويل عليها كثيرا كون أن الطاقة المتجددة ستقلل في المستقبل القريب من الاعتماد على المصادر الأحفورية”.

ويردف صالح، أن “هناك 8 ملايين عراقي يستلمون رواتب أو منحا من الدولة أي أن متلقي الدخل يضمنون معيشة خمسة أفراد بشكل كامل تقريبا”.

بدورها، تقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان السابق ندى شاكر جودت، إن “العراق لا يعاني من أزمة سكانية وإنما يعود سبب التعقيد إلى سوء التخطيط وغياب الرؤية الاقتصادية والإدارة على مدى الحكومات المتعاقبة التي عاشها العراق ما بعد 2003”.

وتضيف أن “الإمكانات متوفرة والعراق يطفو على بحر من النفط”، مبينة ان “العراق بلد زراعي بالدرجة الأولى لكن سوء الإدارة أدى الى القضاء عليها إضافة الى الصناعة شبه المعدومة”.

وترى جودت، أن “استثمار القطاعين الزراعي والصناعي إضافة الى استثمار النفط سيذهب بنا الى اقتصاد منتعش واستثمار مستقر ينهي البطالة ومشاكل الانتحار وازمات الفقر مما يؤدي الى انهاء مسألة الانفجار السكاني”.

وتشير عضو البرلمان السابق، الى أن “معالجة الاقتصاد ووضع حلول واقعية تأخذنا الى استيراد ايادي عاملة من الخارج، عكس ما نحن عليه الان”، مؤكدة أن “العراق لديه القدرة على احتواء أكثر من أعداد السكان الحاليين في حال توفرت إدارة وإرادة سياسية صحيحة”.

من جانبه يقول المختص بالشأن الاقتصادي، يونس الكعبي، ان “الحكومات المتعاقبة اغفلت بشكل كامل قضية النمو السكاني وغياب وضع الخطط والبرامج المتماشية مع ارتفاع عدد السكان والذي ادى الى مشاكل مجتمعية خطيرة لم يتعود عليها المجتمع العراقي منها انتشار المخدرات سواء بالتعاطي او التجارة وكذلك الاتجار بالبشر وجرائم القتل والى غير ذلك من المشاكل التي يعاني منها المجتمع العراقي والتي أدت الى ارتفاع نسبة الفقر الى اكثر من 30‌%”.

ودعا الكعبي البرلمان والحكومة المقبلين الى “وضع الخطط والبرامج لمواجهة تزايد عدد السكان في ظل غياب الخطط الذي أدى الى مشاكل مجتمعية وانتشار الجريمة”.

ولفت الى ان “البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية قد غاب عنها تماما وضع برامج وخطط لاستيعاب ارتفاع عدد السكان”.

وكان صندوق الأمم المتحدة للسكان قد حذر، من تسارع النمو السكاني في العراق، وتضاعف شريحة الشباب إلى أكثر من 60 ‌% من السكان، داعيا الأسر إلى التخطيط وتعلم السيطرة على اتساعها ونموّها من خلال اتباع أدوات وسبل منع الإنجاب، مع حصولها على الفرص الاقتصادية التي تُتيح التنمية السليمة للأطفال.

التعليقات معطلة.