اخبار سياسية

في إسرائيل هناك من يتساءل: هل اغتيال زعيم “داعش” رسالة أميركية مبطنة الى إيران؟

05-02-2022 | 05:20 المصدر: النهار العربي فلسطين- مرال قطينة

المنزل الذي قتل فيه القرشي

A+A-توالت ردود الفعل الإسرائيلية على عملية الكوماندوس الأميركية في سوريا، وانتهت باغتيال زعيم “داعش” أبو إبراهيم القرشي، فضجّت الصحف الإسرائيلية الكبرى بتصريحات السياسيين والعسكريين، وبتحليلات الخبراء العسكريين والأمنيين بعد يوم من تنفيذ العملية، بينما كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن “الولايات المتحدة  أبلغت إسرائيل مسبقاً نيتها القيام بالعملية، وأن واشنطن أبلغت تل أبيب قبل تنفيذ العملية عبر القنوات الأمنية، بخاصة أن القرشي كان مسؤولاً عن “ملف إسرائيل” في التنظيم”. ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس العملية بأنها “مهمة وشجاعة وحازمة، ورسالة أميركية واضحة للعالم بأنه باستطاعة الولايات المتحدة أن تفعل ما تريد”. واعتبر مستشار مجلس الأمن القومي السابق مئير بن شبات في مقالة تحليلية نشرتها صحيفة “إسرائيل اليوم”، أن “العملية توفر للإدارة الأميركية فرصة لإظهار جميع اللاعبين المتمردين في المنطقة، ولا تزال أميركا تعرف كيفية استخدام المطرقة العسكرية، إذ تبين أنها نقطة عمل بدلاً من تغيير السياسة. في كلتا الحالتين تلقى تنظيم داعش ضربة كبيرة”.  وتابع بن شبات: “العملية الأميركية الجريئة في شمال سوريا خطوة مهمة من إدارة بايدن في الشرق الأوسط، بخاصة في الأيام التي ينظر فيها الى سياستها في المنطقة على أنها مترددة ومتواضعة، مع ذلك يجب تقييم أهميتها من حيث تأثير ذلك في اللاعبين الآخرين في الشرق الأوسط، وليس فقط على الضرر اللاحق بداعش، حيث سيكون التأثير المباشر والفوري للعملية على التنظيم، فاستقطاع قائد متمرس نشأ مع الجيل المؤسس هو ضربة لأي شبكة إرهابية، فالتنظيم لا يزال متعثراً في جهوده للتعافي من الهزيمة التي عانى منها عام 2019، ومن المرجح أن تؤثر التصفية على الأقل لبعض الوقت في قدرته التشغيلية وروتين نشاطه، وسيضطر كبار المسؤولين التنفيذيين الى الاستثمار أكثر في الهروب بدلاً من البقاء. إضافة الى أنهم سيضيعون الوقت والموارد في جهودهم لتحديد أصل هذه الخروق الأمنية التي من خلالها تم القضاء على القرشي، كما ستصاحب هذه العملية الاحتكاكات والصراعات على السلطة، والشعور بالإهانة والضرر لصورته”.  وختم بن شبات: “عندما يتعلق الأمر بتنظيم يعمل انطلاقاً من الإلهام الديني، ومن منطلق الإحساس العميق بالمهمة لاستعادة أمجاد الماضي، سينعكس التأثير التراكمي لهذه المكوّنات طوال الوقت الذي سيستغرقه للتعافي من الضربة على جودة أدائه ومخرجاتها، ومن المرجح أن يكون هذا هو التأثير المباشر لعملية الاغتيال، ومع ذلك فإن الأرباح التي يمكن أن تجنيها الولايات المتحدة من هذه العملية تتجاوز داعش، وقد تمس قضايا إيران وتؤثر أيضاً في اللاعبين الآخرين في الشرق الأوسط، واحتمالات الربح في هذه المناطق كبيرة”. أما المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي فكتب أن “قلة من داخل التنظيم وخارجه عرفت أبا إبراهيم القرشي، لكن الولايات المتحدة استغلت إهمال زعيم داعش القرشي وحددت مكان اختبائه، والآن قد تضعف الصراعات على السلطة خلفاءه، ويبدو أن عملية الكوماندوس تحققت بسبب تورط القرشي بهجوم واسع على سجن الأكراد في مدينة الحسكة السورية شرق نهر الفرات”. وأضاف بن يشاي أن “القرشي يسكن على بعد 25 كيلومتراً فقط من القرية التي قتل فيها سلفه أبو بكر البغدادي، وأنه قاد عن بعد رجاله الذين هاجموا سجن الحسكة، في منطقة فيها سجنان كبيران يحتجز فيهما الآلاف من مقاتلي “داعش السابقين” الذين أسرهم الأكراد بعد هزيمة التنظيم وانهياره بين عامي 2017-2018، لذلك يتمركز معظم مقاتلي “داعش” حالياً في محافظة إدلب غرب نهر الفرات، ومن هناك يخرجون لمحاربة القوات الكردية والأميركية العاملة في شمال شرقي سوريا، ويبدو أن أبا إبراهيم الهاشمي هو من بادر وخطط وشن عملية الهجوم على السجن في الحسكة التي كانت ذات يوم أحد المعاقل الهامة لتنظيم الدولة الإسلامية”.  ولفت بن يشاي الى أن “عملية مداهمة السجن نهاية الشهر الماضي كانت أكبر عملية لداعش منذ هزيمته كتنظيم يسيطر على أراض، وبسبب القتال الوحشي الذي قاده أبو إبراهيم الهاشمي مباشرة مع رجاله، لم يتخذ عناصر التنظيم في إدلب أي وسائل احترازية بعدما أجبروا على الفرار من محافظات أخرى في سوريا، بعد سيطرة قوات نظام الأسد بمساعدة القاذفات الجوية الروسية، وركز عناصر داعش على المعركة في الحسكة وحاولوا تحقيق أقصى استفادة منها، في غضون ذلك، كشف النقاب عن مكان وجود أبي إبراهيم غير بعيد من الحدود مع تركيا، وقريباً من القوات التركية داخل سوريا، وسمح للأميركيين بتحديد موقع المبنى بدقة حيث يعيش مع عائلته على غرار بن لادن، الذي حاول أيضاً الاختباء في منطقة ريفية بالقرب من الجيش الباكستاني الصديق، واستخدم الأميركيون أيضاً قوة كوماندوس على ما يبدو من قوة دلتا وأسود البحر الذين وصلوا في رحلة جوية الى العراق، وكما يبدو فقد تم جمع كل المعلومات الاستخبارية من قبل القوات الأميركية والاستخبارات العسكرية العراقية، وربما بمساعدة عناصر استخبارية أخرى في الشرق الأوسط”. ونقلت صحيفة “معاريف” تحليلاً للصحافي المختص بالشؤون العربية تسفيكا يحزقيلي رأى فيه “أن الولايات المتحدة اختارات العدو اللدود الأسهل بالقضاء على زعيم داعش في سوريا، لكن إيران أشد مرارة”. ولفت يحزقيلي الى أن “اغتيال القرشي مهم، لكن إيران عدو أكثر تطوراً، كما يظهر الاتفاق النووي وانعكاسته، فتنظيم الدولة الإسلامية ليس بالضبط العدو الأكبر للولايات المتحدة، إيران أكثر مرارة وتعقيداً، كما أنها تهاجم الأميريكين الذين يذهبون الى العدو السهل”. واعتبر يحزقيلي أنه “نجاح كبير للغاية على الصعد الاستخبارية والملاحقة والتنفيذ، أما الرسالة فهي أنك إذا عبثت مع الأميركيين فسيستمرون في ملاحقتك، أما داعش فلن يذهب الى أي مكان لأنه أيديولوجيا”. وقارن يحزقيلي بين اغتيال القرشي والاغتيال الأكثر أهمية في المنطقة لقاسم سليماني قبل عامين “بحسب الظروف والمصالح، هذا الاغتيال لن يفعله الأميركيون اليوم رغم أنه يشكل خطراً عليهم وعلى مستويات عدة، فإدارة بايدن لن تقتل شخصاً بحجم سليماني، رغم أن إسرائيل قالت مراراً وتكراراً إنه محرك الإرهاب في المنطقة”.  وختم يحزقيلي: “الأميركيون يلعبون لعبة محدودة ويركزون على داعش، لأنها عدو لهم منذ بداية تدخلهم في سوريا والعراق، لا أريد أن أقلل من قيمة الاغتيال لأنه مهم، والرسالة من ورائه مهمة أيضاً، لكن القصة مع إيران معقدة، دعونا لا ننسى أن الأميركيين والإيرانيين يلتقون في فيينا للتوصل الى اتفاق، وأن هذه اللقاءات تشهد تقدماً كبيراً، ومن الممكن أن تثمر اتفاقاً، لذلك يمتص الأميركيون الهجمات ويصمتون، لكنهم يعرفون أن هذه هي الطريقة التي يثبّت الإيرانيون فيها موقفهم في اليوم التالي للاتفاق، فهم لا يتعاملون مع العدو الحقيقي، يقرأون الخريطة بحسب اهتماماتهم ويريدون طمأنة إيران. إن التدخل الأميركي جراحي وليس جذرياً، لا يريدون التدخل في الشرق الأوسط، لذلك يتجاهلون مرة أخرى، هم يقرأون الخريطة قراءة غير صحيحة، هل نحن سعداء بهذا الإقصاء؟ نعم … لكن العدو الحقيقي هو إيران، والإسرائيليون ينقلون عبر كل قناة وبكل طريقة ممكنة استياءهم، لكن الاعتبارات الأميركية لا تتطابق دائماً مع اعتباراتنا”.