ظاهرة الطلاق تدق ناقوس الخطر في المجتمع العراقي
حدد مجلس القضاء الأعلى أسباب ارتفاع معدلاته وأوصى بمعالجة آفة زواج القاصرين
اندبندنت عربية الاثنين 21 مارس 2022 4:22
تحول الطلاق إلى ظاهرة تشكل خطراً على المجتمع العراقي المحافظ
سجلت حالات الطلاق في العراق أرقاماً قياسية بسبب الزواج المبكر والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الزوجان، ما زاد من نسبة حالات الطلاق عما كانت عليه في السنوات السابقة.
الأوضاع الاقتصادية ليست السبب الوحيد لارتفاع حالات الطلاق، بل هناك عوامل أخرى مثل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والخيانة الزوجية والعنف الأسري وتدخل الأهل، حيث شهد مطلع العام 2022 تسجيل أكثر 200 حالة طلاق في اليوم الواحد.
وسجلت المحاكم في شهر يناير (كانون الثاني) 6486 حالة فيما سجلت البلاد خلال شهر فبراير (شباط) 5815 حالة طلاق.
وتحول الطلاق خلال السنوات القليلة الماضية إلى ظاهرة تشكل خطراً على المجتمع العراقي المحافظ، وينذر بمشاكل خطرة في المستقبل القريب.
القضاء يدخل على الخط
وحدد مجلس القضاء الأعلى، أسباب ارتفاع معدلات حالات الطلاق وأوصى بمعالجة ظاهرة زواج القاصرين.
وقال المجلس لوكالة الأنباء العراقية إن “المحاكم سجلت أرقاماً عالية لحالات الطلاق خلال السنوات الماضية”، مبيناً أن “انتشار الظاهرة أصبحت مشكلة، تعود أسبابها إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن الظروف التي مرت بالبلاد منها البطالة وأزمة السكن”.
وأضاف أن “اختلال منظومة القيم وعدم احترام هذه الرابطة تعد سبباً رئيسياً لاستشراء حالات الطلاق في المجتمع”، مشيراً إلى أن “الحد من انتشار ظاهرة الطلاق تحتاج إلى جهد كبير وتعاون من جميع الجهات المسؤولة إلى جانب دور التشريعات، ولا سيما أن القانون العراقي لا يجرم الطلاق خارج المحكمة”.
وتابع، أن “تجريم الطلاق خارج المحكمة أحد الحلول المساهمة في الحد أو إغلاق عدد كبير من حالات الطلاق، بالإضافة إلى تشريع قانون يمنع زواج القاصرين خارج المحكمة وتغريم من يقوم بهذا الفعل ومعاقبته”، لافتاً إلى أن “زواج القاصرين وطلاقهم أصبح ظاهرة مستشرية بشكل كبير، وأن علاجها يقع على عاتق الجهات الدينية والاجتماعية والتشريعية والجامعات والمدارس”.
والقانون العراقي، يشترط أهلية الزوجين وإكمالهما سن الـ 18 عاماً، وفي حال عدم بلوغ أحدهما السن القانوني يحق للقاضي أن يأذن بعد الاطلاع على أهليته وقابليته البدنية وأخذ موافقة وليه الشرعي.
قرار الزواج غير مدروس
وتقول الباحثة والأكاديمية العراقية، فينوس سليمان، “الخطأ ليس باتخاذ قرار الطلاق وإنما بقرار الزواج غير المدروس بالأصل، أغلب حالات الطلاق تعتبر الانفصال هو الحل الأمثل لمشكلة العلاقة المتدهورة بين الزوجين و إلا لما أقرتها المحاكم المختصة”.
وتعتقد سليمان بأن “حل المشكلة أفضل من الاستمرار بها لأنها غالباً تكبر وتتعقد أكثر بمرور الوقت، والمشكلة الأساسية بقرار الزواج الذي يتم اتخاذه بتسرع وبدون وعي و الأخذ بعين الاعتبار معايير كثيرة من بينها النضوج العقلي واستيعاب المسؤولية والتفاهم بين الطرفين والتوافق الفكري والاجتماعي”.
وتتابع “الفكرة العامة السائدة في المجتمع أن الزواج ضرورة ملحة و لابد من أن يتم في سن معينة حتى وإن كان الطرفان غير مؤهلين نسبياً، وهذا يشمل الزواج بعمر مبكر جداً أو الزواج بعمر مناسب لكن بدون توافق فقط لإتمام المهمة المطلوبة مجتمعياً”.
وتضيف “الزواج بأعمار مبكرة جداً يكون الوعي لا يزال غير متكامل ومع النضوج العقلي تتغير أفكار الطرفين هذا بالإضافة إلى المشاكل المادية”.
وتؤكد “أما الزواج من إجل إتمام مهمة الزواج فقط فهو كارثة لأنه وبمرور الوقت يكتشف الطرفان أنهم في مأزق ويتحول المنزل إلى مكان إقامة جبري والزوج عبارة عن صراف آلي و الزوجة توجه انتباهها للأولاد فقط”، بحسب سليمان التي أشارت إلى أنه “في الحالتين تكون النتيجة حياة غير مستقرة وغير سعيدة وفي كثير من الأحيان تصل التعقيدات إلى مرحلة يصبح الانفصال ضرورة من أجل حياة أكثر استقراراً للمنفصلين وللأطفال”.
وطالبت “لا بد أن يكون هناك حملات توعية لأجيال بكاملها بخصوص موضوع الزواج و مسؤولياته ومعايير الاختيار والنضوج الفكري والتوافق النفسي والعاطفي والاستعداد المادي وغيرها الكثير من الأساسيات التي تضمن حياة مستقرة بعد الزواج”.
ازدياد حالات الزواج
إلى ذلك، يكشف المحامي، محمد جمعة، أن أعمار المتزوجين في المحاكم العراقية تتراوح ما بين 16 إلى 21 عاماً وهم يشكلون 80 بالمئة من عقود الزواج الجديدة.
وعزا جمعة في تصريح صحافي أنّ “ارتفاع حالات الطلاق في العراق يعود إلى ازدياد حالات الزواج في البلاد عقب عام 2003”.
وأضاف أن “هذه الأعمار غير مؤهلة على كافة الأصعدة لبناء أسرة سوية، وأن 90 بالمئة من أسباب الطلاق التي تسجل في المحاكم يعود إلى صغر سن الزوجين وعدم قدرتهما على تحمل المسؤولية”.
واستبعد وجود “قانون يعمل على الحد من حالات الطلاق كون المشكلة في الأساس هي اجتماعية”، لافتاً إلى أن “القانون ليس لديه القدرة على الحد والوقاية من المشكلات بين الزوجين”.
وأشار إلى أن “دور الباحث الاجتماعي في العراق ضعيف جداً، ولا بد من الحكومة والجهات المختصة التركيز على هذا الجانب الذي يمكن من خلاله الضغط على الزوجين وإجراء الصلح بينهما بعد طرح الحلول لمشكلاتهم”.