الصدر يطوق خطوط التفاوض.. والكاظمي قد يستمر في منصبه مع تعديلات على الكابينة
بغداد/ تميم الحسن
لا تنوي طهران، التي حاولت تفكيك الازمة السياسية منذ مطلع العام الحالي، ارسال وفود بعد الان الى العراق، كما لم تفلح القوى الشيعية في “اقتحام الحنانة”، حيث مقر اقامة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ويضرب “الصدر” لليوم الرابع من عزلته، طوقا محكما حول “التصريحات” التي منع تداولها منذ السبت الماضي، وحول فريق المفاوضات التابع له، مكتفيا بنشر “ادعية دينية” بصوته في حسابة عن “تويتر”!
وكان “الإطار التنسيقي” يعتقد ان بقاءه في “طابور تعطيل البرلمان” سيدفع الصدريين الى التفاوض معه، لكن ما حدث هو العكس حتى الان، إذ زاد بالمقابل تصلب موقف زعيم التيار، الذي فضل اطالة امد “الانسداد” على “التوافقية” التي يدعو اليها “الاطاريون”.
ودخلت الاحد الماضي، “مهلة الصدر” يومها الاول، والتي حددت بنحو 40 يوماً تبدأ من اول شهر رمضان، الى نهاية عطلة العيد.
ومنح زعيم التيار الصدري، خصومه الضوء الاخضر للمضي بتشكيل الحكومة، مع التزام تياره “الحياد” الكامل وعدم التدخل “لا ايجابا او لا سلبا”.
واستنفذ الجميع على ما يبدو، حلول تفكيك الازمة التي بدأت منذ تشرين الاول الماضي، حتى وصل الامر للمطالبة بتعديل الدستور.
وعلى الرغم من “هدوء الصدر”، فان الاحداث في الخارج تتسارع، فمن المفترض ان المهلة الدستورية الاخيرة للبرلمان لانتخابات رئيس الجمهورية، قد انتهت أمس.
وكانت آخر جلسة في البرلمان جرت الاربعاء من الاسبوع الماضي، حيث فشل التحالف الثلاثي (انقاذ وطن) من تأمين اغلبية الثلثين المطلوبة لانتخاب “الرئيس”.
وجرت هذه الجلسة عقب فتح البرلمان في 6 آذار الماضي، باب الترشيح للمنصب للمرة الثالثة، على ان تجرى لمرة واحدة.
وتقع على البرلمان حسب المادة 72 ثانيا/ ب، مهمة “انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اول انعقاد له”.
ووصل عدد المرشحين الى المنصب أكثر من 40 اسماً، أبرزهم مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبر احمد الذي حل بديلا عن المرشح السابق هوشيار زيباري الذي ابعد عن التنافس بقرار قضائي بسبب اقالته من البرلمان في 2016 على إثر اتهامات فساد لم تثبت، بحسب تصريحات للأخير.
الى جانب برهم صالح، وهو رئيس الجمهورية الحالي، والمرشح عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومدعوم ايضا من الإطار التنسيقي، على الرغم من ان “العصائب” وهي احد أطراف الكتل الشيعية كانت قد رفعت دعوى ضد الاول بتهمة “خرق الدستور”، ومازالت قائمة.
وحتى الان لا توجد اي تعليقات رسمية من الحكومة او البرلمان بعد خول البلاد رسميا حالة “الفراغ الدستوري”.
معلومات من الكواليس وردت لـ(المدى)، تفيد بان “السيناريو” الاقرب في حال استمرار الازمة، هو “بقاء حكومة مصطفى الكاظمي مع امكانية اجراء تعديلات على الكابينة الوزارية”.
وتشير المعلومات الواردة عبر مصادر سياسية الى ان “التحالف الثلاثي” واعتمادا على سيطرته على أكثر مقاعد البرلمان (نحو 180 مقعداً)، يمكن ان “يغير بعض الوزراء”.
ولم تفصح المصادر عن آلية التغيير، لكن لمحت إلى انها تتم بـ “التراضي”، حيث سيذهب بعض الوزراء “اوتوماتيكيا” الى البرلمان بعد فوزهم بالانتخابات، واخرين يمكن ان “يقدموا استقالات”.
وعمليا هناك 4 وزارات شاغرة في حكومة الكاظمي، بسبب فوز وزراء في الانتخابات الاخيرة، واستقالات لوزراء اخرين.
وكان وزيرا العمل والهجرة عادل حاشوش وايفان يعقوب، ودّعا منصبيهما عقب تأديتهما اليمين الدستورية.
وكلف وزير العدل سالار عبد الجبار بمهمة ادارة الوزارة الاولى، ووزير الداخلية عثمان الغانمي بإدارة الوزارة الثانية.
ودخل 5 وزراء التنافس الانتخابي من ضمنهم وزير الرياضة عدنان درجال، فيما استقال وزيرا الكهرباء والصحة العام الماضي، على خلفية اتهامات بالتقصير.
ويبدو خيار استمرار “الكاظمي” في منصبه بانه قد يرضي طرفي النزاع (التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي)، حيث سيبقى في المقابل برهم صالح رئيس الجمهورية في منصبه ايضا، وهو مدعوم من “الاطاريين”.
على عاتق “التنسيقي”
وكان “التنسيقي” قد حاول “كسر عزلة الصدر” في الترويج لمبادرته الاخيرة التي لم يتفاعل معها اي طرف من “الثلاثي”.
وتؤكد المصادر السياسية ان هناك محاولات “لاقتحام الحنانة” في النجف، لتقديم “المبادرة” الى زعيم التيار الصدري، لكن الاخير يغلق بابه حتى الان بشدة امام الجميع.
كما ان المصادر تشير الى “توقف طهران حاليا عن ارسال مبعوثين، وتعتمد على حركة الإطار التنسيقي في تحريك الازمة”.
وكانت إيران قد ارسلت أكثر من شخص رفيع المستوى، من بينهم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، اسماعيل قاآني 3 مرات الى العراق، والتقى مرة بزعيم التيار الصدري، لكنه فشل في اقناعه بـ”ضم الشيعة” الى تحالفه.
وكان “اطاريون” قد سربوا قبل ايام، انباء عن استعداد هادي العامري، زعيم تحالف الفتح الى مقابلة “الصدر” لمناقشة المبادرة التي وصفت من مراقبين بانها “مخيبة للامال”.
وحاول عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة واحد أطراف الإطار التنسيقي، ان يخفف أمس في لقاء مع زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من مشروع الكتل الشيعية في الحديث عن “التوافقية” التي يرفضها زعيم التيار، مستخدما مصطلح “حكومة توزان وطني”.
وقال بيان صادر عن مكتب الحكيم ان الطرفين اكدا على “أهمية مواصلة الحوارات بين القوى الوطنية من اجل ايجاد مخرج للازمة السياسية الراهنة، وتشكيل حكومة تحقق التوازن الوطني”.
وكان المالكي بالمقابل، قد اعتبر في تصريحات متلفزة مساء الثلاثاء، ان حكومة الاغلبية قد تعيد “الارهاب”.
وقال رئيس الوزراء الاسبق ان: “العملية السياسية في العراق دون وجود توافق سياسي، فالنتيجة ستكون وجود الإرهاب والفساد والارتباطات الخارجية والتدخل في الشأن العراقي”.
وعلق المالكي في كلامه على مبادرة الإطار التنسيقي، واكد اننا “لانسمح بأن يتشكل الوضع السياسي فقط من إيحاءات والتزامات التحالف الثلاثي وكذلك الإطار التنسيقي، مبادرتنا تخاطب جميع المكونات ليس كما حصل بالنسبة مع التحالف الثلاثي بمخاطبة طرف دون آخر”.
وكانت الخصومة بين الطرفين قد تحولت الى منعطف خطير، حين تعرض 3 نواب ضمن “التحالف الثلاثي” من بينهم نائبان اثنان عن التيار الصدري، مساء الاثنين الماضي الى محاولة اغتيال في شمالي بغداد.
ويقول محمد الصيهود النائب عن دولة القانون، ان الازمة السياسية في البلاد “وصلت الى حالة الذروة”.
ويضيف الصيهود في اتصال مع (المدى) انه “لم تعد هناك اية حلول سوى اتفاق الطرفين (الثلاثي والاطار) للجلوس الى طاولة الحوار”.