نهاية الصرخية
superadmin 16 أبريل، 2022 1 min read
محمد زكي ابراهيـم
أثارت الدعوة الأخيرة التي أطلقتها الجماعة “الصرخية” في العراق لهدم مقامات أئمة أهل البيت النبوي الكثير من الأشجان، وأنتجت العديد من ردود الأفعال، وحركت مكامن الخوف لدى السواد الأعظم من الناس. رغم أن مثل هذا الأمر ليس جديداً. فقد كان على رأس أولويات فرق سلفية أراقت بسببه الدماء البريئة على مدى قرنين من الزمان. لكنه يصدر للمرة الأولى عن جماعة يفترض بأنها شيعية.
هذه الجماعة ظهرت للعيان بعيد عام 2003، ضمن مجموعة الفرق التي تدعي “المهدوية” بطرق مخالفة للإجماع الشيعي. مثل جند السماء في النجف، وجماعة اليماني في البصرة. وهي فكرة جاذبة للكثير من الشبان، سبقتها فرق عديدة لدى عموم المسلمين كانت آخرها حركة “جهيمان العتيبي” في الجزيرة العربية أواخر عام 1979 .
وقد حاول البعض أن يجد مبرراً لهذه الدعوة تحت مسميات شتى، منها حرية الاعتقاد. في ما عدها الجمهور الأوسع من الناس اعتداءً على ثوابت الشيعة، وتجنياً على رموزهم الدينية، وإهانة لمعتقداتهم الفكرية.
وكان من الطبيعي أن يهرع عشرات الألوف من الشبان للتصدي لهذا المشروع، بسبب ما يمثله من خطر جسيم. فالاقتراب من العتبات أمر يثير كثيراً من المخاوف في المجتمع. رغم أن هذه الجماعة لا تملك القدرة على تنفيذ مثل هذا الفعل، لكنها بدعوتها هذه استفزت المشاعر الكامنة. فكان أن سويت بعض مساجدها بالأرض، وأضرمت النار في بعضها الآخر. وقامت المؤسسات الأمنية بإيداع أئمة الجماعة الذين صرحوا بهذه الفكرة في السجن. وكانوا جميعاً شباناً صغاراً يرتدون زياً مدنياً لم يعهد مثله لدى أئمة المساجد من قبل. بيد أن أحداً لم يصب أو يؤذ في هذه الاحتجاجات، من الطرفين.
ومن دون شك فإن ظروف العراق السياسية لا تحتمل المزيد من هذه الدعوات. لأنها لا تقود إلا للتوتر والاحتقان. وكان يمكن لهذه الجماعة أن تنشأ في بيئة أخرى، وتمارس شعائرها بعيداً دون أن تلفت إليها الأنظار.
لقد كانت المشكلة الأساسية في الدولة العراقية هي عدم قدرة الشيعة على الاصطفاف وراء زعامة واحدة، بعد ظهور مرجعيات “إشكالية” في تسعينات القرن الماضي. وانعكس هذا الأمر على وحدة البلاد ككل. فالمجموعات الأخرى الأقل عدداً وجدت في ذلك فرصة للحصول على نفوذ أكبر، يفوق حجمها بكثير. بل وصل الأمر إلى رغبة بعضها بالانفصال عن العراق.
وبعد أن قرر المجتمع الشيعي لجم مثل هذه الحركة، وتطوع للقضاء على أنشطتها، فإن شيئاً من الأمل قد تجدد باستعادة الإرادة الشعبية القوية، التي تمنع التشظي، وتحول دون انقسامات جديدة فيه. بل إن فرصة استعادة وحدة
هذا المجتمع باتت الآن أقرب من أي وقت مضى. مما يعني بالضرورة إعادة اللحمة للبلاد بأسرها.
وربما يكون مثل هذا الفعل مقدمة منطقية لتحجيم مجموعات شيعية أخرى، تضخم دورها لدرجة إدخال البلاد في أزمات سياسية خانقة، يصعب الخروج منها. مع امتلاكها لأذرع مسلحة تنزع لاستخدام العنف في أحوال كثيرة. وإذا ما حدث مثل هذا الأمر فإن العراق سيستعيد عافيته وقوته في وقت قصير.