قصف غامض ضد “الحشد الشعبي” قرب كردستان وهجوم تركي: قواعد جديدة… أم حدث مفتعل؟
18-04-2022 | 13:17 المصدر: النهار العربيم
من العملية العسكرية التركية في شمال العراق اليوم
A+A-ما زال الغموض يلفّ حقيقة ما تعرضت له قوات “الحشد الشعبي” في منطقة زمّار شمال شرق الموصل، وبينما يناقش خبراء احتماليات ضلوع القوات التركية في الحادث، يشير آخرون إلى أن العملية ربما تشكل تحوّلاً في مسار الصراع مع الأذرع الإيرانية في العراق. وفجر الإثنين، أعلنت أنقرة بدء عملية عسكرية واسعة شمال العراق، قالت إنها تستهدف مقاتلي “حزب العمال الكردستاني”، وهو ما يأتي بعد ساعات على لقاء جمع بين رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. https://platform.twitter.com/embed/Tweet.html?dnt=false&embedId=twitter-widget-0&features=eyJ0ZndfZXhwZXJpbWVudHNfY29va2llX2V4cGlyYXRpb24iOnsiYnVja2V0IjoxMjA5NjAwLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfSwidGZ3X3NwYWNlX2NhcmQiOnsiYnVja2V0Ijoib2ZmIiwidmVyc2lvbiI6bnVsbH19&frame=false&hideCard=false&hideThread=false&id=1515953672013942787&lang=en&origin=https%3A%2F%2Fwww.annaharar.com%2Farabic%2Fnews%2Farab-world%2F%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25A8%2F18042022101745315&sessionId=a966cf20da585b328195756e46faf5e5ea55f182&theme=light&widgetsVersion=c8fe9736dd6fb%3A1649830956492&width=550px
الكوماندوز والقوات الخاصة التركية في متينا وزاب وأفشين وباسيان بشمالي #العراق pic.twitter.com/K5L11jUD4d— ANADOLU AGENCY (AR) (@aa_arabic) April 18, 2022
وزمّار ناحيةٌ تابعة لمحافظة نينوى، يطالب إقليم كردستان بضمها ضمن شريط ممتد من الحدود السورية إلى الإيرانية، سيطرت أربيل على أجزاء واسعة منه بعد سقوط النظام السابق، قبل أن تقوم القوات الاتحادية باستعادة معظمه بعد هزيمة تنظيم “داعش” عام 2017. ولا يستمد الحدث أهميته من حجم الخسائر البشرية أو المادية، بل من دقة التنفيذ الذي كشفت عنه وثيقة عسكرية أشارت إلى أن الضربة تمكنت من استهداف “وسط مقر الحشد الشعبي”.“تهديد منسوب”.. مسكوتٌ عنهوفي تسجيل صوتي مسرّب، منسوب له، أواخر آذار (مارس) الماضي، يطلب مسرور بارزاني من حليفه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إبلاغ (الفصائل الموالية لإيران) بأن مقراتها لن تسلم إذا ما استمر استهداف أربيل ومقار الحزب الديموقراطي الكردستاني: “إذا اعتدوا على مقراتنا في بغداد أو أي مكان آخر… فإن مقراتهم أيضاً في مرمى نيراننا… دعهم يفهمون هذا جيداً”. لم يتعامل إعلام الحزب الكردستاني مع التسجيل، لم يؤكده، لكنه لم ينفِه كما هي عادة الحزب مع الأخبار المختلقة.انتشر التسجيل بعد ساعات من قيام جماعات على صلة بـ “الحشد الشعبي” في بغداد بحرق مقر الحزب الكردي، المتحالف مع التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، في عملية هي الثانية بعد حرق المقر ذاته في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2020، كما أن التهديد الكردي جاء بعد نحو أسبوعين على القصف الإيراني بالصواريخ البالستية على منشآت مدنية في أربيل. قصف التحالف الثلاثي و”تيار البدائل” الكرديومنذ بدأت بوادر إعلان “التحالف الثلاثي” بين مسعود بارزاني، ومقتدى الصدر، الذي يروم تشكيل حكومة بعيدة عن حلفاء إيران، شنت الأخيرة بشكل مباشر، أو عبر وكلائها سلسلة هجمات على عاصمة إقليم كردستان، لاسيما مطارها المدني الحيوي. وتطالب طهران، العراقيينَ، على لسان فصائلها، وحتى سفيرها إيرج مسجدي، بالإبقاء على التحالفات المبنيّة على الطائفية، وإنهاء التحالف العابر للطائفية.ويعبّر سياسيون كرد عن خيبتهم إزاء موقف الولايات المتحدة الحليفة، التي عارضت استفتاء انفصال الإقليم عن العراق عام 2017 لتحقيق الاستقلال وإعلان الدولة الكردية، كما دعمت واشنطن استعادة الحكومة الاتحادية لمناطق واسعة متنازع عليها من قبضة القوات الكردية، على رأسها محافظة كركوك. ويتعاظم تيار داخل السياسة الكردية، يطالب بالتوقف عن انتظار الدعم الغربي، وإيجاد حلول بديلة تحمي تجربة الإقليم، الذي تقوم فلسفته على أنه “الواحة الآمنة في العراق.. حيث لا مجال لكواتم الفصائل، ولا للعبث بملف الحريات الدينية والشخصية، أو لتهديد المستثمرين واختطاف رجال الأعمال” وبقية سلّة سلوكيات الفصائل الإيرانية في مناطق هيمنتها. وقالت أربيل غير مرَة، أن الهجمات الصاروخية ضدها تنطلق من مناطق سيطرة “الحشد الشعبي”، وتوعّدت بالرد وأكدت قدرتها على الردع. تضارب بيانات وتسريب وثيقةويثير القصف الذي تعرضت له قوات “الحشد الشعبي” قبل 3 أيام، تساؤلات عديدة، بخاصة، مع الارتباك الرسمي الذي رافق الحدث. نفت خلية الإعلام الأمني الحكومية، وجود القصف من أساسه، وقالت إن “الحادث نجم عن انفجار قنبلة تنوير”، لكن تصريحات الإعلام الأمني الحكومي لا تُؤخذ في الغالب على محمل الجد بين المجتمع الإعلامي في العراق، ويبحث الصحفيون عادةً عن مصادر أخرى أكثر دقة، أما في الحادثة الأخيرة، فإن إعلام “الحشد الشعبي” قال إن قواته “تعرضت لاستهداف أدى إلى إصابة آمر الفوج 78 في اللواء الثالث بجروح”، ولم يتراجع الطرفان عن بيانيهما المتناقضين. ووفقاً للمعلومات التي رشَحَت من مصادر ميدانية، فإن ليلة الجمعة 15 نيسان (أبريل) إنما شهدت ضربتين، لكن تابعيّة الجهات التي تم استهدافها مازالت محلّ جدل، حول ما إذا كانت جماعة تابعة للقيادي الفصائلي “أبو ياسين الشبكي”، أم “أبو تراب التميمي” أم السياسي “محمد الفرمان الجبوري”. مَن قصف “الحشد الشعبي”؟أوساط “الحشد الشعبي” وحلفاء إيران لم تتحدث هذه المرة عن استهداف أميركي أو إسرائيلي أو إرهابي كما جرت العادة، بل حصرت المتهمين بين جهات تركية أو كردية على صلة بأربيل. وثيقة عسكرية سرّبتها وسائل إعلام تابعة للفصائل، نصّت على أن “طائرة مسيّرة ألقت قنبلة وسط مقر الفوج 78، ثم اتجهت صوب إقليم كردستان”. وفقاً لفرضية انطلاق هجوم زمّار، من مناطق تسيطر عليها حكومة كردستان، فإن القوة المهاجمة، اختارت توجيه الضربة في منطقة مكشوفة يسهل فيها اصطياد الأهداف، وهي سهول غرب أربيل، شمال شرق الموصل. واعتادت الفصائل الموالية لإيران، خلال الأعوام الماضية، على التبرؤ من الهجمات التي تنفذها في العاصمة وبقية المحافظات، لاسيما قصف إقليم كردستان، كما استخدمت مؤخراً أسماءَ مستعارة لفصائل وهمية تعلن تبنّي الهجمات، وذلك في محاولة للإفلات من التعبات السياسية والقانونية، والإبقاء على “شعرة تواصل” مع الكتل السياسية، بما يوفر مساحة للمناورة مع الصدر، الذي رفع تنسيقه مع القوى الكردية والسنية إلى مستوى التحالف. وفيما لو قررت أطراف كردية سلوك الطريق ذاته، في التغاضي عن هجمات ضد قوات الحشد الشعبي المتاخمة للإقليم، والتي تنطلق من محيط معسكراتها الهجمات ضد أربيل، فإن الصراع قد يدخل مساراً غير مسبوق في خطورته، برغم أن أربيل قد تتذرع هي الأخرى باستمرار هجمات الفصائل، والانسحاب الغربي من لعب دور في حماية حلفائه. ويذهب محللون إلى ما هو أبعد، كما في تصريح السياسي العراقي البارز، انتفاض قنبر، الذي تحدث عن “تنسيق إيراني أميركي” قبل قصف أربيل بالصواريخ البالستية، وهي قراءات تعزز رؤى التيارات الكردية الداعية إلى “فعل شيء ما” لردع هجمات الأذرع الإيرانية. سيناريو الضربة التركيةلكن عبارة “صوب الإقليم” التي استخدمتها البرقية العسكرية المسرّبة، في تحديد اتجاه مغادرة الطائرة المسيّرة المفترضة، قد تُشير أيضاً إلى معسكر “زليكان” التركي شرق “زمار”، والذي تطالب بغداد أنقرة بإخلائه منذ سنوات.
معسكر زليكان وسبق أن تعرض المعسكر إلعمليتي قصف، أواخر آذار (مارس) الماضي، ومطلع نيسان (أبريل) الحالي، من منطقة “تلكيف” (40 كم شرق زمار). ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي علاء النشوع إن كل الاحتمالات مفتوحة في تفسير ما جرى. وعُرف النشوع بخبرته في مجال الطيران المسيّر، وتعليقاته المطوّلة في تحليل عملية استهداف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.ويبيّن في حديث لـ “النهار العربي” أنه “بغياب المعلومات المؤكدة، تبقى الاحتمالات مفتوحة، فالأتراك لا ينظرون بارتياح إلى دور إيران وبعض جماعاتها في استهداف أربيل التي تربطها شراكات اقتصادية كبرى بأنقرة، وفي الوقت ذاته، لابد من ملاحظة أن بعض الجماعات قد تلجأ إلى افتعال أحداث أو تلفيق أخبار للتذرع بها في أي محاولة جديدة لاستهداف الإقليم كجزء من تداعيات الصراع السياسي”. وتعليقاً على الإمكانية “الفنية” لانطلاق طائرات من معسكر الزليكان وتنفيذ قصف في زمار (60 كم غرباً)، يقول النشوع إن “مديات تحليق الطائرات المسيرة حالياً باتت تفوق تلك المسافات بكثير”. ويتابع “تركيا متقدمة للغاية في مجال الطيران المسير، هناك مثلاً “بيرقدار” ذائعة الصيت، وقد سبق أن استخدمت أنقرة المسيّرات في مناطق قريبة من زمار لمطاردة مقاتلي “البككة”، لكن “بيرقدار” لم تُستخدم على الأرجح في ضربة زمّار، لأنها طائرة ستراتيجية ومتطوّرة وهجماتها مُكلِفة، ولا تُستخدم في استهداف الأفراد، وإن كان ثمة دور تركي في العملية، فربما استخدمت أنقرة طائرات من مواصفات أدنى، وفق ما تكشفه طبيعة الخسائر التي أعلنها الحشد الشعبي، لكن الوثيقة المسربة التي تجزم بمسؤولية طائرة مسيرة عن قصف زمار، بحاجة إلى إعادة نظر، فبغياب الرادارات، يُمكن التحقق من وجود طائرة مسيرة عبر إسقاطها، أو ملاحظاتها بالعين المجردة وبذلك إمكانية تصويرها وتوثيقها، وهو ما لم تقدمه الجهات المُستهدَفة حتى الآن”.