1

“الحلفاء” مجدداً ضد ألمانيا!

أسعد عبود- النهار العربي

تتعرض ألمانيا لضغوط قوية كي تزيد من إنخراطها في الحرب الروسية – الأوكرانية، وذلك من طريق مطالبتها بإرسال دبابات متطورة من طرازي “ليوبارد” و”ماردر” وقطع مدفعية لمساعدة الجيش الأوكراني في التصدي للقوات الروسية.

ولم تقتصر معارضة المستشار أولاف شولتس، على إرسال دبابات وإمدادات أسلحة ثقيلة أخرى إلى أوكرانيا مباشرة، بل إنه عارض أيضاً فرض حظر على النفط والغاز الروسيين. هذه السياسة انطوت على مخاطرة بإغضاب حلفاء ألمانيا، في وقت تشن روسيا هجوماً جديداً في شرق أوكرانيا.

المفارقة، أن شولتس وضع السياسة الدفاعية لألمانيا على قدم المساواة مع الحلفاء في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، وأعلن عن موازنة دفاعية سنوية تصل إلى 110 مليارات دولار، أي ضعف الموازنة الروسية تقريباً، مع برامج لتحديث الترسانة الألمانية من السلاح.

واعتبر المراقبون هذه الخطوة بمثابة خروج للمرة الأولى عن أسس السياسة السلمية التقليدية التي اتبعتها برلين بعد الحرب العالمية الثانية. كما كسر شولتس تقليداً ألمانياً آخر بعدم إرسال أسلحة إلى مناطق تشهد نزاعات مسلحة، وذلك بتزويد كييف بمئات الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات في الأيام الأولى للحرب.

والانتقادات التي توجه لألمانيا مصدرها في غالب الأحيان جمهوريات البلطيق وبولندا. فهذا وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس، لا يتوانى عن إنتقاد برلين، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك في ريغا الأسبوع الماضي بالقول: “اليوم، ليس وقت الجلوس إلى جانب السياج أو إظهار الدعم الرمزي فقط”. ودعا ألمانيا إلى “فعل الأمر الصحيح”، ودعم الاقتراح الذي تقدم به الاتحاد الأوروبي لحظر استيراد النفط الروسي، في الحزمة المقبلة من العقوبات.

وذهب رئيس المجلس الأوروبي السابق، البولندي دونالد تاسك أبعد في انتقاداته، إذ قال عبر تويتر، إن “الألمان يجب أن يدعموا بقوة أوكرانيا اليوم، إذا كنا نريد أن نصدق أنهم تخلوا عن تاريخهم”.

واجتمع السفير الأوكراني في برلين أندريه ميلنيك مع مسؤولين بارزين في الحزب الإشتراكي الديموقراطي الذي يقود الائتلاف الحاكم، للدفاع عن مطالبته بأسلحة ثقيلة وانتقاد الرئيس الألماني فرانك- فالتر شتاينماير لإقامته علاقات متينة مع فلاديمير بوتين عندما كان وزيراً للخارجية.

ووابل الانتقادات لا يقتصر على الخارج وإنما يطاول مسؤولين بارزين في الائتلاف الحاكم على غرار النائبة في حزب الأحرار الديموقراطيين ماري- أغنيس شتراس زيمرمان، التي تحدثت عن “إخفاق” شولتس في تزويد كييف بالأسلحة. بينما اعتبر الاتحاد المسيحي الديموقراطي المعارض سياسة شولتس أنها “خطأ جيوسياسي يتحمل مسؤوليته” المستشار نفسه.

ورداً على هذه الانتقادات، يقول شولتس، “إنه يفعل كل ما في وسعه لمنع تصعيد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة. يجب ألا تكون هناك حرب نووية”.

ولألمانيا أسبابها الذاتية التي تمنعها عن أن تحذو حذو الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تدعو إلى حظر فوري لاستيراد النفط والغاز الروسيين، ذلك أن البلاد قد تواجه نقصاً في الانتاج بمقدار 220 مليار يورو خلال العامين المقبلين إذا ما تم قطع إمدادات الغاز عنها فوراً. وهذا يعادل خفضاً في الإنتاج السنوي بمعدل 6.5 في المئة، ومن الممكن أن يقود ألمانيا إلى ركود بنسبة 2 في المئة العام المقبل.

ما يحاذر شولتس الوقوع فيه، هو ألا تبدو ألمانيا منخرطة في حرب عرضة للاتساع عمداً أو من طريق الخطأ. ولا تزال هناك حساسية تاريخية من وضع السلاح الألماني مجدداً في مواجهة الجنود الروس. ولا يزال شولتس يفضل لو أن هناك متسعاً للدبلوماسية كي تشق طريقها لوقف النزاع وإيجاد تسوية سلمية، وتجنيب أوروبا كارثة أخرى.

التعليقات معطلة.