«صفقة عودة المنفيين السُنة» قد تنقلب على الإطار التنسيقي
بغداد/ تميم الحسن
من حيث لا يعلم فان الإطار التنسيقي يبدو أنه قدم «هدية» الى خصومه في «صفقة الانبار»، التي يتهم أطراف من التكتل الشيعي بإبرامها مع شخصيات سنية كانت «منفية» لأسباب سياسية.
وتدور بعض الشكوك في صفوف «التنسيقي» من ان «يلدغ مرتين» بعد تجربة مشابهة لقيادي سني ساهمت قوى شيعية في دمجه بالعملية السياسية في 2018، قبل ان ينقلب عليها بعد ذلك.
لكن يبقى داخل الإطار التنسيقي، بعض التعويل على ان «الصفقة» التي يدور الحديث حولها، قد تساهم في زعزعة التحالف الثلاثي او عودة «الاصدقاء القدامى».
وخلال اليومين الماضيين تصاعد التوتر بين «التنسيقي» والصدريين على خلفية ظهور علي حاتم السليمان بشكل مفاجئ في الانبار، ثم بعد ذلك في بغداد.
والسليمان كان قد اسس في اعقاب ظهور «داعش» في الانبار في 2014 ما كان يعرف بـ» المجلس العسكري لثوار الانبار».
وبحسب ما يدور في الأروقة السياسية، فان عودة السليمان الى واجهة الاحداث «جاءت بصفقة من بعض قوى التنسيقي، وبدعم من إيران».
وفق ما تم تسريبه، فان السليمان الذي يطرح نفسه بوصفه امير عشائر الدليم، «اتفق مع طهران على أن يبتعد عن التصريحات الطائفية او مهاجمة طهران».
وكان الزعيم العشائري قد عرف في ذروة انتشار «داعش» في العراق، بعبارة «قادمون يا بغداد»، في اشارة فهمت حينها بالإطاحة بالنظام السياسي.
واسس السليمان بعد ان اختفى خارج العراق، بعد سيطرة التنظيم المتطرف على اغلب اجزاء الانبار، ما يعرف بـ «اتحاد المعارضة العراقية».
«الصفقة» الاخيرة اعتبرت متممة لظهور وزير المالية الاسبق رافع العيساوي بشكل مفاجئ ايضا في العراق، مع انباء تسوية جميع الاتهامات ضده، قبل ان يتدخل القضاء لنفي تلك الانباء.
في وقت وضع فيه القضاء بواجهة الاتهامات في تلك الاحداث، أصدر بياناً يرفض من خلاله «زج اسمه بالخلافات السياسية».
وقال مجلس القضاء في بيان، ان «القضاء ينظر الى كل قضية والمتهم فيها وفق الادلة القانونية المتحصلة فيها والثابتة في الأوراق التحقيقية أو إضبارة الدعوى، بصرف النظر عن شخصية ذلك المتهم وموقعه السياسي أو الوظيفي أو الاجتماعي».
وكانت اخبار اخرى قد نشرت بالتزامن مع ظهور العيساوي والسليمان، عن استعداد احمد العلواني وهو نائب عن الانبار محكوم بالإعدام، لإطلاق سراحه، كما دعا طارق الهاشمي، وهو نائب رئيس الجمهورية ومحكوم غيابيا بالإعدام ايضا الى «فرصة عادلة للتقاضي»، وقال انه «بريء».
لكن مجلس القضاء الاعلى أكد في البيان، أن «آليات عمل القضاء لا تخضع لأي تأثير سياسي سواء كان لصالح أو ضد متهم ما».
وطالب المجلس قوى وشخصيات سياسية لم يذكرها، بـ «عدم زج اسم القضاء في خلافاتهم السياسية ومناكفاتهم الإعلامية عبر منصات التواصل الاجتماعي الصريحة أو المتخفية وراء أسماء وهمية».
بحسب ما يتم تداوله بين الاوساط السياسية، فان هناك خشية من «انقلاب» هذه الشخصيات على الجهة التي ساهمت في اعادة ظهورهم على المشهد السياسي.
وجاءت هذه الاحداث في اعقاب انباء عن نقل الملف العراقي من اسماعيل قآاني قائد الحرس الثوري الايراني، الى حسن دانائي فر سفير طهران السابق في بغداد.
وتشير المعلومات التي وصلت الى (المدى)، ان «هناك خشية لدى أطراف في الإطار التنسيقي من ان تتحول بعض الشخصيات السنية التي عادت مؤخراً الى صف تحالف السيادة، وهو حليف الصدر».
وبذلك ستكون الجهة التي ساعدت بعودة هذه الشخصيات الى العلن مرة اخرى في زيادة كفة التحالف الثلاثي بدلاً من اضعافه بحسب ما يتوقع من وراء ذلك الظهور المفاجئ للزعامات السنية التي كانت مختفية.
بعض المعلومات القادمة من اوساط سياسية مقربة من الاحداث تشير الى ان «قرار عودة هذه الشخصيات كان مخططا له من فترة، لكن بعض أطراف الإطار التنسيقي استعجلت الامر لاستخدامهم في الازمة السياسية».
لكن هذه الاوساط تتحدث، بان «بعض الشخصيات – لم تذكرها بالتحديد-هي منتمية بشكل غير معلن الى تحالف سيادة، وفي وقت قريب وبعد تسوية كل الاتهامات ستعود الى القوى السنية».
وتنطلق مخاوف بعض «الإطاريين» من تكرار ما حدث مع خميس الخنجر، الذي اعتبرت عودته بقوة في 2018 ودخوله في شراكة مع تحالف الفتح حينها، وراءها القوى التي تطلق على نفسها الان «الاطار التنسيقي».
وبعد الانتخابات الاخيرة قرر الخنجر، الذي قاد تحالف عزم، ان يدخل في تحالف مع «تقدم» الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ضمن التحالف الثلاثي، مبتعداً عن الشركاء السابقين.
وكانت أطراف في «التنسيقي» تتوقع من «صفقة الانبار» ان يتسبب ذلك بمزاحمة الحلبوسي على مشروع زعامة القوى السنية، او يعود «الخنجر» الى اصدقائه القدامى.
لكن زياد العرار وهو باحث في الشأن السياسي، نفى ان تكون الصفقة التي يتم تداولها في الاوساط السياسية، مؤثرة على قضية تشكيل الحكومة.
العرار قال لـ(المدى)، ان «تلك الشخصيات ليس لها تأثير كبير على الارض، كما ان نتائج الانتخابات انتهت وحسمت حجوم وممثلي القوى السياسية».
واضاف الباحث ان «الامر محسوم في ان التحالف الثلاثي (انقاذ وطن) يملك اعلى المقاعد، ومازال مصرا على مشروع حكومة الاغلبية».
دعوة لجلسة جديدة
وانقضت الان أكثر من نصف مهلة الـ «40 يوماُ» التي منحها زعيم التيار الصدري لخصومه بتشكيل الحكومة من دون الصدريين، ولم يتحقق اي تقدم بهذا الملف.
وحاول نشطاء قبل ايام تحريك الازمة السياسية عبر تقديم اسماء 6 مرشحين، قالوا انهم «مستقلين» لرئاستي الجمهورية والحكومة، من بينهم القاضي السابق لمحكمة صدام، رزكار امين للجمهورية، والقاضي المتقاعد رحيم العكيلي والنائب باسم خشان للحكومة.
كما أعلن أمس، تحالف من اجل الشعب الذي قاطع اخر جلسات البرلمان الشهر الماضي التي كانت مخصصة لانتخابات رئيس الجمهورية، تقديم طلب لعقد جلسة جديدة لانتخاب «الرئيس»، فيما توعد النواب المتغيبين.
وقال رئيس التحالف علاء الركابي، خلال مؤتمر صحفي إنَّ تحالفه قدم مبادرة تتضمن «جمع تواقيع لعقد جلسة يوم السبت في السابع من شهر ايار المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية والخروج بحل سياسي».
واضاف الركابي، أن «التحالف سيقدم دعوى ضد النواب الذين يعطلون انعقاد جلسات البرلمان»، مبيناً أنه «في حال فشل عقد الجلسة، سيتبع التحالف الطرق القانونية والدستورية بحل مجلس النواب الحالي والدعوة لعقد انتخابات مبكرة».