هوة عميقة بين التشخيص والردم في التعليم
ماجد زيدان
خاطب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في لقائه رؤساء الجامعات الحكومية والاهلية قائلا ان ” التعليم مسؤولية كبيرة وانتم تحملونها ومواقفكم هي نبراس للعلم في العراق ” , هذا التشخيص الصائب غير انه مجرد كلام للاستهلاك لا وجود له في الواقع , بل انه خلافه , رغم انه يتحدث مع نخبة في المجتمع والتعليم مشهود لها بالمعرفة والتمييز بين الكلام الجاد وغير الجاد , ففي اي خانة نضع حديثه ؟. فقبل يوم اوسعت قواته أساتذة الجامعات , نساء ورجال , ضربا في العصي ومرغتهم بالتراب امام مكتب وزير التعليم العالي لمجرد انهم تظاهروا وفقا للقانون وبحماية الدستور الذي كفل لهم حقهم في هذا , وذلك للمطالبة بتوزيع اراض دفعوا عنها العربون قبل سنوات , والان حكومة الكاظمي سلبتها منهم واعطتها لذوي الجاه والنفوذ والثروة بذريعة الاستثمار واهملت العقد مع الذين يتحملون مسؤولية كبيرة على حد قوله .
واكد الكاظمي في ذات الحديث على ” ان نهضة الدولة تحتاج الى التعليم ونهضة الاقتصاد تحتاج الى التعليم , ومقومات التعليم موجودة …” ولم يكر من بينها الضرب في العصي الغليظة ,والتدريسيون عاطلون … وعدم استلام عريضة مطلبهم .
دعونا نفحص بعض هذه المقومات في الجامعات قبل ان ذهب الى بقية المراحل , الدوام مهلهل في بعض الكليات والاكتظاظ في القاعات ليس له مثيلا والمتخرجين لا يجدون فرصا للعمل ليس لذوي الشهادات الجامعية الاولية , وانما العليا ( ماجستير ودكتوراه ) واجور الدراسة في الكليات الاهلية تعادل ثروة لا يملكها اغلب ابناء شعبنا واصبحت تجارة فائقة الربح , والاساتذة يتلقون الفتات , ورغما ان اغلب بناياتها غير معدة للدراسة , وتقبل معدلات متدنية وفروع تجاوزتها الحياة ولم تعد حاجة اليها وما على الطالب سوى ان يعد سنوات ويتخرج منها وغير ذلك الكثير.
اما التعليم في المراحل الاخرى فحدث ولا حرج , ونقول في عناوين , انه بحاجة الى اكثر من عشرة الاف مدرسة للتخلص من الدوام الثلاثي والرباعي والصفوف مكتظة
بضعف او ضعفين طاقتها الاستيعابية , وتعاني من نقص في الكوادر ويحاضرون فيها “بالسخرة ” والمناهج لم تكتمل وحذفت منها فصول والغيت مقررات بأكملها من الامتحانات والراسب بإمكانه اداء الامتحان النهائي , اضافة الى عشرة درجات هبة من التربية لرفع نسب النجاح , الى جانب الدروس الخصوصية التي تطفل عليها من خارج الاسرة التربوية لما تدره من ارباح خيالية وتملء اللافتات الشوارع للإعلان عنها , اما اعتداءات التربويين والطلبة عل بعضهم البعض يصعب حصرها , اصبحت ثقافة مجتمع ومن مستلزمات العملية التربوية ولهم اسوة بالقوات الامنية التي تفض تظاهراتهم بالعنف في انتهاك للقانون .
والاهم من ذلك ان وزير التربية والكثير من العمداء يشكون من ضعف التخصيصات في الموازنة للتعليم وتعرقل تحقيق أهدافه وازدياد تدهوره لشح التمويل .
هذا غيض من فيض تتحمل مسؤوليته الحكومة , و تتفرج عليه الجهات المسؤولة ولم تحرك ساكنا لإيقافه, وتحمل مسؤوليتها الكبيرة لتنهض بالدولة وواجبها ازاء ابناء شعبنا بالأعمال والانجازات وليس بالأقوال نردم الهوة بين تعليم جيد مثمر يسهم في بناء البلاد واللحاق بركب الامم ,
للأسف رئيس الوزراء اعطانا صورة وردية عن واقع التعليم في محاولة لكسب ود هذه النخبة وتأييدها في سعيه الى ولاية ثانية وكانه لم يستمع الى الشكاوى المرة من تدهور التعليم وانحطاطه في الكثير من مجالاته , فهو لم يتطرق الى سلبية واحدة والى فساد نخر جسده .تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط