1

العراق: نواب الصدر يضعون استقالاتهم تحت تصرّف زعيمهم: معك لا مع عدوّك

بغداد ـ «القدس العربي» ـ ووكالات: أكد رئيس الكتلة الصدرية، حسن العذاري، أمس الجمعة، أن جميع نوابها، وضعوا استقالتهم، تحت تصرف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
وقال، في “تدوينة” خاطب فيها زعيم التيار الصدري، “سيدنا وقائدنا وابن مرجعنا، باسمي واسم جميع نواب الكتلة الصدرية، أضع بين يديك استقالات جميع نواب الكتلة الصدرية، بعد استلامي لها”.
وأضاف: “نحن طوع أمرك ورهن إشارتك، معك معك لا مع عدوك”.
وأول أمس، وجّه الصدر، أعضاء الكتلة الصدرية النيابية، بكتابة استقالاتهم تمهيداً لتقديمها.
وقال، في كلمة له، “بالأمس دعونا لينصرونا، وطلبوا مني الرجوع الى الانتخابات بعد أن طوينا عنها كشحا ووقعوا بأقلامهم على ذلك واليوم لا يريدون إلا التوافق وقد تراجعوا عن أقوالهم التي كانت لهم دعاية انتخابية بأن إصلاح البلد لن يكون إلا بحكومة اغلبية وطنية، لأن الأغلبية لنا لا لغيرنا”.
وأضاف: “إذ تناسى الأغلب معاناة الشعب من جراء ما يسمونه بالانسداد السياسي فانني لن أنسى ولن اتغافل عن ذلك، فكل ما اريده هو كرامة الشعب وأمنه ولقمته وصلاحه، ومن هنا صار لزاماً عليّ أن لا اشترك معهم ليعود العراق لقمة للتوافق والفساد والتبعية”.
وتابع: “قررت البقاء في المعارضة البرلمانية فما استطاعوا أن يشكلوا الحكومة وبقي ما يسمونه انسدادا سياسيا واسميه الانسداد المفتعل، فإن كان بقاء الكتلة الصدرية عائقا أمام تشكيل الحكومة فكل نواب الكتلة مستعدون للاستقالة من مجلس النواب، ولن يعصوا لي أمراً، فهذا خياران اما المعارضة وأما الانسحاب وعموما، فالعراق ليس بحاجة لمطلق الحكومة بل للحكومة المطلقة ذات أغلبية تخدم شعبها وترجع هيبته وطاعته لله سبحانه وتعالى”.
وأكمل: “اذن فليكتب نواب الكتلة الصدرية استقالاتهم من مجلس النواب استعدادا لتقديمها إلى رئاسة البرلمان بعد الإيعاز لهم في قابل الأيام”.

«الجمود الخطير»

وأثارت وكالة “أسوشييتدبرس” الأمريكية ما وصفته “الجمود الخطير” القائم في مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية حيث لا تزال البلد بلا حكومة جديدة منذ 8 شهور، وعدم وجود طريق واضحة للخروج من المأزق فيما تنهمك القوى السياسية في تنافس حاد على السلطة برغم التحديات المتزايدة التي تواجه العراق.
ولفت التقرير الأمريكي إلى أن من بين الأزمات المتزايدة التي تواجه العراقيين، أزمة الغذاء الوشيكة الناجمة عن الجفاف الحاد والحرب في أوكرانيا، اعتبر أن، بالنسبة إلى المواطنين العراقيين العاديين، فإن الأمور كلها دائما ما تتأخر، مشيرا على سبيل المثال، إلى أن حكومة تصريف الأعمال ليس بمقدورها تسديد مدفوعات الكهرباء الحيوية أو طرح خطط للاستثمار في القطاع مع حلول شهور الصيف، كما تعطلت الاستثمارات المرتبطة بالبنى التحتية للمياه، وتسبب نقص المياه والمخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي إلى تأجيج الغضب بين العراقيين.
وفي حين أشار التقرير إلى انتخابات العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والتي كانت استجابة لتظاهرات شعبية تحتج على الفساد وسوء الخدمات والبطالة، ذكر أن نتائج الانتخابات حققت الانتصار لرجل الدين مقتدى الصدر، وشكلت ضربة لخصومه المدعومين من إيران الذين خسروا حوالي ثلث مقاعدهم.

«الثأر الشخصي»

كما أن التقرير إشار إلى “الثأر الشخصي” المستمر طويلا بين القوى الشيعية، في وقت وقف فيه الصدر وحلفاؤه في جبهة واحدة، مقابل “الإطار التنسيقي” المؤلف من قوى وشخصيات شيعية مدعومة من إيران وحلفاء آخرين، بينما تمركز في الوسط نواب مستقلون، هو يعانون من الانقسام أيضا، في ظل محاولات من قبل القوى المتنافسة من أجل استمالتهم إلى أي طرف.
ونقل عن الباحث في “مؤسسة القرن” الأمريكي، سجاد جياد، قوله إن “المسألة لا تتعلق بالسلطة، وإنما تتعلق بالبقاء”.
وذكر أن غضب المواطنين العراقيين يتزايد في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور ظاهرة الانقطاع في الخدمة الكهربائية، مستعيدا حادثة اضطرار الكاظمي إلى مغادرة جنازة الشاعر مظفر النواب، مؤخرا بسبب هتافات مناهضة للحكومة، ومستعيدا أيضا ما قالته ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، مؤخرا متوجهة إلى القادة السياسيين العراقيين، إن “الشوارع على وشك الغليان”. وبينما لم يتمكن الصدر من حشد تأييد كاف من نواب البرلمان من أجل الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل تسمية رئيس الحكومة الجديد، أوضح التقرير أن “حكومة الأغلبية” الأولى من نوعها منذ بدء العمل بنظام التقاسم القائم على الإجماع فيما بعد الغزو الأمريكي العام 2003، من شأنها استبعاد المنافسين الشيعة المدعومين من إيران المتكتلين في “الإطار التنسيقي”.
وأشار التقرير إلى الخصومة القائمة منذ أمد طويل بين الصدر وبين رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وبين الصدر وقيس الخزعلي، إلا أنه لفت إلى وجود “مفارقة” تتمثل في أن المأزق الحالي، هو بمثابة نتيجة جزئية لابتعاد الأحزاب عن الجماعات ذات التوجهات الطائفية، موضحا أن، فيما مضى كانت التحالفات الشيعية هي التي تشكل جبهة موحدة من أجل الذهاب للتفاوض مع الكتل السنية والكردية، إلا أنه هذه المرة، فإن التحالفات الحاصلة تتخطى الخطوط الطائفية، وهو ما تسبب في تأجيج التوترات داخل كل طائفة. وفي ظل غياب الاتفاق بين القوى، يشير التقرير إلى مخاوف من اندلاع تظاهرات عنيفة أو مواجهات مسلحة، مذكرا بخطاب للصدر في 16 أيار/مايو الحالي توعد فيه بعدم إبرام صفقة مع منافسيه ملمحا إلى قدرات (جناح الصدر العسكري) “سرايا السلام” التي فتحت الأبواب مؤخرا أمام انضمام مجندين في محافظتي ديالى وبابل.
وتابع أن قادة “الميليشيات” تحدثوا في جلسات خاصة بهم عن مخاوف من أن يتسبب الجمود الحاصل في إشعال تظاهرات في الشوارع، مضيفا أنه سبق للعراق أن شهد صراعات سياسية طويلة بين القوى المتنافسة فيما يتعلق برئاستي الجمهورية والحكومة، لكن التنافس الحالي يعتبر “الأطول حتى الآن”.
وحول دور النواب المستقلين، ذكر أن المستقلين الآتين من أحزاب منبثقة عن حركة الاحتجاجات للعام 2019 وخاضت الانتخابات بلائحة “امتداد” لتفوز بتسعة مقاعد في البرلمان الجديد، قد ضلوا طريقهم بعدما كانوا تعهدوا بالتحول إلى قوة معارضة قوية من أجل تمثيل مطالب المتظاهرين داخل البرلمان.
وبعدما ذكر التقرير أن زعيم الحركة، علاء الركابي، جمد منصبه بعد استقالة عدد من الأعضاء، احتجاجا على تصويته لصالح انتخاب محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، نقل عن المتحدث باسم “امتداد”، رسول السراي قوله إن الكتلتين الشيعيتين المتنافستين تريدان الآن، استخدام المستقلين من أجل “تغطية فشلهما في تشكيل الحكومة”.
وتحدث، نقلا عن مستقلين، رفضوا الكشف عن هوياتهم، خوفا على سلامتهم، أن بعض المستقلين أشاروا إلى تعرضهم إلى تهديدات وأنهم متخوفون على حياتهم، وأن أحد هؤلاء لفت إلى أنه تلقى عروضا بعشرات الآلاف من الدولارات كرشاوى للانضمام إلى التكتل المناهض للصدر.
وختم التقرير بالقول؛ إنه في ظل تراجع ​​احتمالات تشكيل حكومة توافق، فان البعض طرح خيار تنظيم انتخابات جديدة، لكن جياد، الباحث في “مؤسسة القرن”، لا يتفق مع هذا الاحتمال، وقال إنه خيار يعيد الأمور “إلى نقطة الصفر، ويمثل مجازفة بالنسبة للجميع”.

التعليقات معطلة.