القصف على سنجار.. لماذا لا يضع العراق حدا لـ “مخالب” تركيا؟
الحرة / خاص – واشنطن18 يونيو 2022
نشطت تركيا مؤخرا في هجماتها على شمال العراق تحت ذريعة مهاجمة المقاتلين الأكراد، الأمر الذي اعتبرته بغداد “انتهاكا صارخا لسيادة العراق”.
وخلال السنوات الماضية، أطلقت أنقرة عدة عمليات عسكرية في شمال العراق والتي أطلقت عليها أسماء: “قفل المخلب” و”مخلب النمر” و”مخلب النسر”.
وقصفت تركيا، الأربعاء، “مركزا لحزب العمال الكردستاني“، وقتل الجمعة أربعة مقاتلين من الحزب، في قصف نفذته طائرات مسيرة تركية.قتلى في هجوم بطائرة مسيرة تركية على أعضاء من “العمال الكردستاني”قُتل ثلاثة أشخاص على الأقل في هجوم بطائرة مسيرة استهدف سيارة تقلهم في إقليم كردستان العراق، حسبما افادت مصادر أمنية وطبية، الجمعة.
وتتعرض منطقة سنجار، الذي تتركز فيه الأقلية الأيزيدية في العراق، لهجمات تركية متكررة تستهدف مقار لحزب العمال الكردستاني.
ردود فعل الحكومة العراقية على الهجمات التركية لم تتجاوز حدود البيانات الصحفية، والتنديد بتهديد أمن المدنيين من قبل وزارة الخارجية، والتي أعلنت أنها “ستتخذ إجراءات مقررة بعد إكمال التحقيقات اللازمة بشأن هذا الاعتداء”.
وقال محللون تحدثوا لموقع “الحرة” إن الإجراءات التي تتخذها بغداد تجاه الاعتداءات التركية “غير كافية”، داعين إلى “تدويل الأزمة”.
انتهاك سيادة العراق
الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، أكد أن تركيا تخالف القوانين الدولية “بتنفيذها عمليات عسكرية في شمال العراق”، مشيرا إلى أنها تنتهك ميثاق الأمم المتحدة الذي يوجب “احترام سيادة الدول”.
وأوضح في حديث لموقع “الحرة” أن تركيا تتذرع باتفاقية كانت أنقرة قد أبرمتها مع النظام السابق، ولكن هذه الاتفاقية لم يتم تجديدها بعد 2003 ولم تودع منها نسخة في الأمم المتحدة.
ويخوض حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون على أنه منظمة “إرهابية”، تمردا ضد الدولة التركية منذ 1984، ويتمركز في مناطق جبلية نائية في العراق.
المحلل السياسي العراقي، رعد هاشم، قال إن رد فعل الحكومة العراقية “بإدانة الهجمات غير كاف، خاصة وأن ما يتم هو عبارة عن اعتداء على دول مجاورة بشكل صريح”.
وطالب في رده على استفسارات “الحرة” بضرورة تحرك السلطات في العراق على جميع المستويات، والحديث مع “أنقرة بلهجة أكثر حدة بسبب انتهاكاتها في البلاد”، مضيفا أن “القوات التركية دخلت في شمال العراق من دون أخذ موافقات من العراق أو وجود تفويض أممي للقيام بهجماتها واستهداف حزب العمال الكردستاني”.تركيا وإيران في شمال العراق.. تنافس على النفوذ أم حرب بالوكالة؟في الوقت الذي تجري فيه أنقرة عملية عسكرية في شمال العراق تستهدف فيها عناصر حزب العمال الكردستاني، تجري منافسة من نوع آخر بين تركيا وإيران.
وذكر هاشم أن البرلمان العراقي عليه التحرك أيضا بدفع الحكومة لوقف الانتهاكات التركية، ووقف تصدير مثل هذه الأزمات للداخل العراقي، و”إزالة أي تواجد” لقوات غير عراقية “أكانت تركية أو حتى إيرانية” داخل البلاد.
من جانبه، قال المحلل السياسي التركي، يوسف أوغلو، إن “الأَوْلى ببغداد عدم إدانة الهجمات التركية في شمال العراق، إذ أنها قصفت أهدافا محددة كانت عبارة عن مراكز تدريب لحزب العمال الكردستاني المصنف ضمن قوائم الإرهاب”.
ودعا أوغلو في اتصال هاتفي مع الحرة “بغداد إلى التنسيق مع أنقرة، لإيجاد جهود مشتركة لوقف انتهاكات حزب العمال الكردستاني للأمن القومي التركي”.
وأوضح أن أنقرة “دائما ما تنسق مع إدارة إقليم كردستان، وأن لديها تفاهمات مع الجهات الرسمية، بهدف إخراج حزب العمال الكردستاني من شمال العراق”.
ويرى أوغلو أن أنقرة تقوم “بما عجزت عنه الحكومة العراقية بإخراج حزب العمال الكردستاني، وذلك لحماية تركيا من التهديدات الأمنية، حتى وإن كانت داخل أراضي دولة مجاورة”، مشيرا إلى أن ميثاق الأمم المتحدة يتيح لأنقرة القيام بهذه الهجمات.
وقصفت تركيا، الأربعاء، في العراق “مركزا لحزب العمال الكردستاني كان يجتمع فيه قادة كبار” من الحزب، حسبما أفادت الخميس قناة “تي آر تي خبر” التلفزيونية التركية الرسمية.
تدويل الأزمة
وفي منتصف أبريل، أعلنت تركيا، التي تقيم منذ 25 عاما قواعد عسكرية في شمال العراق، تنفيذ عملية جديدة ضد المقاتلين الأكراد.
ودعا التميمي إلى “تدويل أزمة الهجمات التركية في شمال العراق”، وتصعيد القضية في مجلس الأمن الدولي بتقديم شكوى رسمية، مؤكدا أن ذريعة “دفاع” أنقرة عن مصالحها بمهاجمة حزب العمال الكردستاني مسألة ليست ذات جدوى.
ولفت أن “الهجمات التركية” ترقى لمستوى “جرائم ضد الإنسانية” خاصة باستهدافهم لبلدات وقرى يسكنها مدنيون، ناهيك عن تهديدها “لأمن وسلم المنطقة”.
وأضاف التميمي أن بغداد يجب عليها إشراك الولايات المتحدة لمساعدة العراق في الدفاع عن نفسه بموجب الاتفاقية الثنائية الموقعة في 2008.قتلى في هجوم بطائرة مسيرة تركية على أعضاء من “العمال الكردستاني”قُتل ثلاثة أشخاص على الأقل في هجوم بطائرة مسيرة استهدف سيارة تقلهم في إقليم كردستان العراق، حسبما افادت مصادر أمنية وطبية، الجمعة.
وخلال شهر مايو، كانت سنجار مسرحا لمواجهات بين الجيش العراقي ومقاتلين أيزيديين تابعين لحزب العمال الكردستاني، الأمر الذي أدى لنزوح أكثر من عشرة آلاف شخص، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.
ويتفق هاشم مع التميمي في حاجة بغداد إلى “تدويل الأزمة مع تركيا”، مشيرا إلى أن “بغداد لوحدها لن تكون قادرة على وضع حد لانتهاك السيادة العراقية”.
وقال إن على “الحكومة العراقية التعامل بطريقة مختلفة لوقف النزاعات والمعارك التي تجري على أراضيها بين أطراف خارجية”.
وانتقد هاشم نشاطات “الحكومة العراقية الدبلوماسية التي تسعى لإصلاح العلاقات السعودية الإيرانية، فيما تتناسى قضاياها الأساسية لحماية أمن واستقرار العراق”، لافتا إلى ضرورة “عدم السماح بجعل هذا الملف ورقة تتلاعب بها الأحزاب المسلحة ذات الأجنحة الميليشياوية التابعة لإيران”.
وأكد المحلل أوغلو أن تركيا لا تقصف أي أهداف مدنية مستبعدا قيام بغداد بأي ردود عسكرية ضد العمليات التركية في شمال العراق.
وطالب السلطات العراقية بضرورة بذل المزيد من الجهود العسكرية من أجل دعم العمليات التركية ضد “الميليشيات المسلحة الإرهابية” التابعة لحزب العمال الكردستاني.
ووفق تقرير للمجلس النرويجي للاجئين صدر في مايو، تعيق الاشتباكات المسلحة وبطء إعادة الإعمار في سنجار، المعقل التاريخي للأقلية الأيزيدية في العراق، عودة ثلثي العائلات النازحة من المنطقة.
وتتهم وحدات حماية سنجار، المنضوية كذلك ضمن الحشد الشعبي، الجيش العراقي بأنه يريد السيطرة على منطقتها وطردها منها، في حين يريد الجيش العراقي تنفيذ اتفاقية بين بغداد وأربيل، تقضي بانسحاب المقاتلين الأيزيديين وحزب العمال الكردستاني من المنطقة.الحرة / خاص – واشنطن