1

حملة ميليشيوية على الاستخبارات العراقية… انتصاراً لسليماني أم طمعاً بالجهاز؟

21-06-2022 | 06:15 المصدر: النهار العربيبغداد–محمد الجبوري

استهداف ممنهج للقوات العراقية واستخباراتها.

استهداف ممنهج للقوات العراقية واستخباراتها.

A+A- أكثر من مرة، تعرض جهاز الاستخبارات العراقي لهجمات إلكترونية واستهدافات واتهامات تشنها منصات تابعة للميليشيات المحسوبة على إيران داخل البلاد.  آخر هذه الحملات كان بعدما تحدث وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو عن اغتيال زعيم “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، مطلع كانون الثاني (يناير) 2020 بغارة أميركية نفذتها طائرة مسيّرة بعيد خروجه من مطار بغداد قادماً من دمشق، في عهد حكومة عادل عبد المهدي، الأمر الذي اعتبرت الميليشيات بعده أن الاستخبارات العراقية متورطة بتلك الحادثة. وكان بومبيو قد قال إن “سليماني كان منخرطاً في مخطط لقتل 500 أميركي، وقد تمكنت الإدارة الأميركية من إطاحة ذلك المخطط”، مضيفاً أن الولايات المتحدة عملت على حماية أصولها في العراق ومواطنيها في سوريا، وفي كل أرجاء العالم منذ فترة طويلة جداً. وعلى إثر ذلك، هاجم الإعلام الولائي جهاز الاستخبارات، ونشرت منصة “صابرين نيوز” المقربة من “حزب الله” العراقي، أسماء ضباط في الجهاز مع أسماء زوجاتهم، وزعمت أنهم متورطون في اغتيال سليماني ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” حينها أبو مهدي المهندس. 

 وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها الميليشيات بمهاجمة الجهاز، ففي بداية شباط (فبراير) 2022، هاجمت في مواقعها الإخبارية الجهاز ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في حملة ممنهجة شملت اتهامات بالخيانة. وترافقت الاتهامات مع عمليات اغتيال طالت ضباطاً في الجهاز العام الماضي. ووفق إحصائية حصل عليها “النهار العربي”، فقد قُتل نحو 6 منتسبين في الجهاز بسلاح ملثمين. وبعد تصريحات بومبيو بساعات، انفجرت صباح الأحد عبوة محلية الصنع قرب السياج الأمني لمقر تابع لجهاز الاستخبارات، في حي الكرادة وسط العاصمة بغداد، وخلّفت أضراراً مادية فقط. اتهامات الميليشياتوعلق “حزب الله” العراقي على تصريحات بومبيو وقتها في بيان جاء فيه أنه “يوماً بعد آخر تتكشف حقائق الجريمة الكبرى التي ارتكبتها دولة الشر أميركا بحق قادة النصر الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس على أرض مطار بغداد، وتفضح معها حلقات الخيانة والتآمر لعناصر كردية، وآخرين محسوبين على جهاز أمني عراقي، يعملون داخل المطار لمصلحة أميركا، وقد تورطوا في جرائمها بحق الشعب العراقي”. وأضاف أن “ما كشفه وزير الخارجية الأميركي السابق المجرم بومبيو من معلومات حول جريمة الاغتيال، يؤكد ما أعلنته كتائب حزب الله في بياناتها ومواقفها السابقة، وصواب اتهام مدير وعناصر من جهاز الاستخبارات العراقي، وتورطهم في جريمة المطار”. وتابع أن “هذه الفضيحة تضع القضاء العراقي الشجاع، وأعضاء مجلس النواب الأحرار، أمام مسؤولية خطيرة تتطلب منهم العمل على إجراء تحقيق شامل لتشخيص حلقات هذه الجريمة والمشاركين فيها، ودور ثكنة السفارة الأميركية في إدارة عمليات الاغتيال والتجسس على شعبنا الأبي، منتهكة بذلك القانون الدولي”. وكان عضو تحالف “الفتح”، الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”، رفيق الصالحي قد قال إن “تحالف الفتح تحرك من أجل فتح تحقيق نيابي عبر اللجان المختصة لمحاسبة أي متورط ومتخابر مع السفارة الأميركية وتقديمه للعدالة”، وفقاً لتصريحات أدلى بها إلى موقع إخباري، مضيفاً أن “التحقيق سيشمل استدعاء كبار القادة الأمنيين العراقيين لمعرفة ملابسات الحادث، وما جرى بالفعل، وحجم التوغل الأميركي في الأجهزة الأمنية العراقية وتعاونها في الجريمة”.“حملة تشويه ممنهجة”وأعلنت خلية الإعلام الأمني رفضها تلك “الشائعات المغرضة، وحملة التشويه الممنهجة التي تستهدف الأجهزة الأمنية والعسكرية العراقية” أخيراً، مؤكدة أن هذه الحملات هي “امتداد لحملات سابقة لطالما أعيد إنتاجها في محاولة لخلط الأوراق بالاعتماد على معلومات مضللة ومجهولة المصدر”. 

 وعدّت خلية الإعلام الأمني في بيان، “هذه الحملات وغيرها جزءاً لا يتجزأ من المساعي للنيل من الدولة ومؤسساتها الأمنية، وذلك بغرض التأثير في الإنجازات الكبيرة التي تحققها هذه الأجهزة في مكافحة التنظيمات الإرهابية والجريمة المنظمة”. وأهابت الخلية بوسائل الإعلام الوطنية “عدم تداول معلومات تخص القوى الأمنية استناداً إلى تقارير خارجية مضللة تفتقر إلى الصدقية، أو حملات إلكترونية ممنهجة تستهدف أمن المواطنين، وذلك حفاظاً على استقرار البلد وأمنه”. ويُعد جهاز الاستخبارات العراقي أهم قوة أمنية في الدولة، ويرتبط مباشرة بمجلس الوزراء بعيداً من التجاذبات والتناحرات السياسية. ويفسر المحلل السياسي العراقي كاتو سعد الله تلك الحملات ضد الجهاز بأنها تحمل جانباً ابتزازياً، قائلاً لـ”النهار العربي” إن “هجمات الميليشيات المتكررة ضد الجهاز تقف وراءها جهات سياسية مقربة منها تحاول السيطرة على جميع مفاصل الجهاز الحساسة ولم يكن محورها، بحسب ما تدّعي، القصة التي تتعلق بحادثة المطار”. مآرب أخرىويضيف أن “الميليشيات تمارس الابتزاز والإرهاب معاً ضد الجهاز، إذ إن كل محاولاتها تسعى إلى زج عناصر تابعة لها داخل الجهاز وإدارة مفاصل مهمة فيه”، لافتاً إلى أن “الحملات التي تشنها الجماعات المسلحة سياسية”.  إلى ذلك، يتوقع الخبير الأمني العراقي تحسين الشيخلي أن يتعرض الجهاز لعمليات اغتيال وتصفية، داعياً القائد العام للقوات المسلحة إلى التحرك سريعاً لردع العناصر المتفلتة، ملاحظاً في حديث لـ”النهار العربي” أن “عمليات استهداف جهاز الاستخبارات بدأت، أو بالأحرى تزايدت، عندما تحرك الكاظمي لضبط المنافذ الحدوية وأعطى الصلاحية الكاملة للاستخبارات العراقية”. 

 ففي أواخر عام 2020، وافق الكاظمي على نقل موظفين من الجهاز إلى هيئة المنافذ الحدودية، من أجل منع عمليات التهريب ومكافحة الفساد، لكن هذا القرار أثار حفيظة الميليشيات، خصوصاً “عصائب أهل الحق”. وحينها، أصدر زعيم “العصائب” قيس الخزعلي، رداً على القرار، بياناً غاضباً قال فيه إن “قرار نقل 300 من منتسبي جهاز الاستخبارات إلى هيئة المنافذ الحدودية هو جزء من مؤامرة تحاك ضد العراق”. ويؤكد الشيخلي أن “هذه الحملات والاتهامات ليست حباً بسليماني أو بالمهندس بل بالمناصب الإدارية داخل الجهاز”، مشيراً إلى أن “حادثة المطار حصلت في عهد عادل عبد المهدي، وكان في وقتها القائد العام للقوات المسلحة العراقية، فلماذا هذه الميليشيات لم تحاسب عبد المهدي باعتباره أعلى سلطة في البلاد؟”.

التعليقات معطلة.