مستشار للرئيس بارزاني : “قوى متنفذة” في بغداد تستخدم الخلافات النفطية والمالية أداة للضغط السياسي على كوردستان
نرفض “الانتقائية” في التعامل مع الدستور
اتهم مستشار لزعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني “قوى متنفذة” في بغداد باستغلال الخلافات النفطية والمالية لـ “تقويض” إقليم كوردستان، وذلك مع بدء وفد من الحزب مباحثات في العاصمة العراقية للبحث عن مخرج للأزمة السياسية.
وكانت قد صدرت أخيراً تصريحات ومواقف وصفت بـ”التصعيدية” من مسؤولين في الحكومة الاتحادية تجاه أربيل، عندما أكد وزير المالية علي علاوي أن قرار المحكمة الاتحادية ، القاضي بعدم شرعية قانون النفط والغاز الصادر عن برلمان الإقليم “يمنع تخصيص حصة للإقليم في الموازنة”، مهدداً بأن “المبلغ الذي يحول شهرياً إلى الإقليم وقيمته 200 مليار دينار (138 مليون دولار) لن يستمر أيضاً”، كما امتنعت بغداد عن تخصيص حصة للإقليم من مشروع لبناء 1000 مدرسة “نموذجية” ضمن اتفاقية وقعتها بغداد مع الصين، بينما كشف وزير الثروات الطبيعية في الإقليم وكالة كمال محمد صالح عن أن بغداد توقفت عن إرسال وقود البنزين إلى الإقليم.
ومازالت الخلافات بين الحكومتين العراقية الاتحادية وإقليم كوردستان بشأن ملف النفط قائمة منذ سنوات واحتدت مؤخرا بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية ، المثير للجدل في الحكم والتوقيت ، والذي وصفه الكثيرون بـ”المسيس” بعدم شرعية قانون النفط والغاز الصادر في إقليم كوردستان عام 2007 ، وإعلان وزير المالية العراقي علي عبد الأمير علاوي ، الجمعة الماضية ، إيقاف إرسال الأموال المخصصة للاقليم في موازنة هذا العام ، في مخالفة واضحة لقانون الموازنة الاتحادية.
وصرح رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني ، إن العراق يفتقر إلى محكمة اتحادية مُشكلة وفق الدستور وليس إلى عهد الحاكم الأمريكي السابق بول بريمر، مؤكداً أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) تعمل بقوانين مركزية وليس اتحادية.
مردفاً ، أن هذه المحكمة لم تؤسس بموجب الدستور، وهي لا تتوافق مع أحكامه مطلقاً، وبالتالي لا توجد محكمة اتحادية في العراق.
وكان وزير النفط الاتحادي إحسان عبد الجبار أعلن مجدداً ، أن وزارته “ستمضي بالإجراءات القانونية والدستورية الشرعية التي تمكننا من تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية حول ملف نفط إقليم كوردستان” حسبما قال.
وفي رد على تصريحات عبد الجبار، قال كفاح محمود المستشار الإعلامي للزعيم الكوردي مسعود بارزاني ، إن تصريحات عبد الجبار “ربما تُدرج ضمن المناكفات السياسية، بخاصة أن الاشكالية القائمة تعود لسنوات طويلة، فمنذ عام 2014، القوى المتنفذة في بغداد دائماً ما كانت تستخدم الجانب المالي كوسيلة ضغط على الإقليم عندما قطعت حصة الإقليم في الموازنة لخمس سنوات وتبلغ قيمتها نحو 50 مليار دولار، أين ذهب هذا المبلغ؟ ” ، مردفاً ” كما حُرمت قوات البيشمركة من مستحقاتها المالية على الرغم من كونها جزءاً من منظومة الدفاع ، وتم التنصل من تطبيق المادة 140 من الدستور (الخاصة بالمناطق المتنازع عليها)، ناهيك عن حرمان الإقليم من القروض الدولية من قبل الدول المانحة، وصولاً إلى الدواء والمحروقات”.
وسبق أن طلبت وزارة النفط الاتحادية، في مايو/ أيار الماضي، من شركات النفط والغاز العاملة في الإقليم توقيع عقود جديدة مع شركة “سومو”، بدلاً من حكومة الإقليم، واستدعت سبع شركات إلى محكمة تجارية تأجلت مرتين، في المقابل، قضت محكمة تحقيق أربيل بـ “إحالة جلسات المحكمة التجارية ضد شركات النفط العالمية إلى محكمة أربيل”، فضلاً عن رفع وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان دعوى مدنية ضد وزير النفط الاتحادي “لإرساله رسائل بريد إلكتروني وخطابات لتخويف شركات النفط العاملة في الإقليم وتدخله في الحقوق التعاقدية لهذه الشركات وحكومة الإقليم”.
إلا أن كفاح محمود أوضح في تصريحات صحفية تابعتها (باسنيوز) أن التفاهم المبرم بين أربيل وبغداد، العام الماضي، “قدر إنتاج الإقليم بـ 460 ألف برميل يومياً، على أن يُسلم منها 250 ألف برميل يومياً بسعر شركة تسويق النفط الاتحادية “سومو”، وليس بسعر الإقليم، نتيجة الضغوط والدعاوى التي رفعتها بغداد على الشركات، وهذا ليس وليد اليوم بل منذ سنوات، ما يجبر الإقليم على بيعه بسعر أقل كثيراً عن سعر السوق العالمية”.
وتابع، بالقول “على الرغم من ذلك، يُستقطع من حصة الإقليم في الموازنة مبلغ بقيمة ربع مليون برميل يومياً بسعر السوق، ويتبقى 210 آلاف برميل نصفها يذهب لمحطات الكهرباء والنصف الآخر يتم تكريرها للاستخدام المحلي، حتى أن هذه الكمية لا تكفي ما يحتّم على بغداد أن تعوّض المتبقي، بمعنى أن حصة الإقليم في الموازنة، وهي أقل من 13 في المئة، لا يصل منها سوى 5 في المئة فقط”
وقال الرئيس بارزاني: “إذا كانت بغداد جادة ولديها إرادة لحل الأزمات ، فالدستور هو الحَكَم لحل المشاكل، لكن لا يمكن القبول بالتفسير الانتقائي للدستور”.
وأفيد بأن الخلاف النفطي سيكون ضمن شروط الوفد التفاوضية، ولم يستبعد عضو الوفد المفاوض بنكين ريكاني انسحاب حزبه من البرلمان على غرار كتلة “التيار الصدري” في حال “خرق المسائل الموضوعية”.
ويؤكد المسؤولون الكورد ، إن الإقليم “على الرغم من إمكانياته المحدودة” حظي باستقرار أمني وانتعاش اقتصادي تمكن خلاله من تطوير بنيته التحية سريعاً خلال سنوات ما بعد سقوط النظام السابق عام 2003، بينما عانت بقية المناطق العراقية من تدهور حاد على مختلف المستويات “على الرغم من وفرة الأموال” جراء الفساد، وهذا الفارق دفع بغداد “الواقعة تحت ضغط جماهيري ناقم” للعمل على تقويض كيان الإقليم.
وكانت حكومة إقليم كوردستان كشفت عن عزمها “تأسيس شركتين عامتين لإدارة ملف النفط والغاز، باسم شركة إقليم كوردستان للنفط والغاز “كروك”، تتولى مهمة عمليات الاستكشاف والانتاج والنقل، وشركة كوردستان “كومو” مختصة بعملية التسويق”، لافتة إلى “إمكان تنسيق الشركتين مع شركتي النفط الوطنية وتسويق النفط “سومو” الاتحاديتين في المجالات ذات العلاقة، وأن “يجرى تنسيق بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في الإقليم”، لكن حكومة الإقليم اشترطت قبل ذلك “إجراء تعديل على هيكلية شركة “سومو”، ونظامها الداخلي، لتكون مؤسسة اتحادية تصدر قرارات بصيغة مشتركة تضمن مشاركة حقيقية لإقليم كوردستان، وأن يكون لممثل الإقليم حق النقض “الفيتو” بما يتعلق في القضايا الخاصة بالإقليم”.