اخبار سياسية

ضغوط قانونية وأمنية تُبعد شركات عالمية… صناعة النفط في إقليم كردستان مهدّدة

05-07-2022 | 06:10 المصدر: النهار العربي

رستم محمود

معوّقات قانونية ومخاطر أمنية تواجه قطاع النفط في إقليم كردستان العراق.

معوّقات قانونية ومخاطر أمنية تواجه قطاع النفط في إقليم كردستان العراق.

A+A-بعد إعلان عدد من الشركات النفطية العالمية إيقاف أعمالها ضمن إقليم كردستان العراق، استجابة لحكم المحكمة الاتحادية العراقية، الذي صدر قبل أشهر عدة، وحكم بـ”عدم شرعية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان”، فإن مراقبين سياسيين وخبراء اقتصاديين يتوقعون أن تتأثر الصناعة النفطية في الإقليم بشدة، من حيث استمرار أعمالها وإمكان توسعها وتطورها، خصوصاً أن العائدات النفطية تساهم بالنسبة العظمى من موارد الخزينة العامة للإقليم، بعدما قطعت الحكومة المركزية حصته من الموازنة العامة المركزية. في التفاصيل، أعلنت شركة “هالبيرتون” الأميركية توقف أنشطتها الهندسية والاستخراجية في إقليم كردستان، استجابة لقرارات السلطة المركزية العراقية. وهي بذلك تكون ثالث شركة دولية تتخذ القرار نفسه خلال الأسبوعين الماضيين، بعد شركتي “شلمبرغير” و”بيكر هيوز” الأميركيتين. “اللائحة السوداء”قرارات الشركات الثلاث، تأتي استجابة لسلسلة من المطالبات والرسائل والدعاوى التي أقامتها وزارة النفط في الحكومة المركزية، إلى جانب شركة النفط الوطنية العراقية، التي هددت فيها مختلف الشركات العاملة في كردستان بالعواقب القانونية والمالية التي يمكن أن تواجهها في حال استمرارها بالعمل في إقليم كردستان، وأُمهلت الشركات ثلاثة أشهر لإعلان التزامها بقرار السلطات المركزية العراقية، وإلا فإنها ستدخل في ما سمته بـ”اللائحة السوداء”، وستُحرم من العمل في مختلف مناطق العراق. 

 حكومة إقليم كردستان نفت انسحاب أي شركة عاملة في إقليم كردستان أو توقيفها لأعمالها، حسبما ذكر الناطق الرسمي باسم حكومة الإقليم جوتيار عادل. وتعليقاً على هذا “التباين” بين إعلان بعض الشركات النفطية ونفي حكومة الإقليم انسحاب أي شركة نفطية، يقول الباحث المتخصص بالقضايا الاقتصادية جامي، في حديث الى “النهار العربي”، إن “الموضوع ليس بتلك البساطة، فسوق النفط والغاز في الإقليم يتجاوز حجمها 100 مليار دولار، تعمل ضمنها مئات الشركات النفطية المختلفة الاختصاصات والمستويات، سواء التنقيبية والاستخراجية العالمية الكبرى، أو تلك التي تقدم خدمات لوجستية مختلفة لتلك الشركات، وما بينهما من شركات اقتصادية وترويجية ومالية هندسية مرتبطة بتلك الشبكة من الأعمال، التي يستحيل توقع تفككها خلال فترة وجيزة، خصوصاً أنها كلها لديها التزامات مالية وروابط تعاقدية قانونية مع هذه السوق، لا يمكن تفكيكها بأي شكل”. يضيف نبز، أنه “لا يُعرف حتى الآن حجم واختصاص الشركات الثلاث المذكورة، ولا حتى شكل ومستويات روابطها ومصالحها مع السلطة المركزية العراقية. لكن من الواضح أن الشركات الرئيسية مستمرة في أعمالها، وأن طبيعة أعمالها في كردستان أكثر صعوبة من مجرد الخضوع لقرار المحكمة الاتحادية”. وجاءت الرسالة رداً على سلسلة من الرسائل، بما في ذلك رسالة من وزارة النفط إلى شركة النفط الوطنية العراقية، تحذّر “جميع المقاولين الكبار والصغار من إنهاء علاقاتهم التعاقدية مع حكومة إقليم كردستان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة”. وبضغوطها الأخيرة على الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان، تكون الحكومة المركزية العراقية قد تخلت عن الاتفاق الذي كانت قد أبرمته مع حكومة إقليم كردستان، حيث كان الإقليم بموجبه مُجبراً على ضخ أو بيع كمية 250 ألف برميل يومياً لصالح الحكومة المركزية العراقية، مقابل الحصول على جزء من حصة الإقليم من الموازنة المركزية. 

قطيعة المركز والإقليمتأكد الأمر من خلال إعلان وزير المالية العراقي علي علاوي عدم تضمن الموازنة المقترحة للعام المقبل أية بنود خاصة بـ”حصة إقليم كردستان”، ما يعني حدوث قطيعة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان. هذه القطيعة قد يكون لها تأثير شديد على القطاع النفطي في إقليم كردستان خلال الحاضر والمستقبل المنظور، كما يشرح الباحث عمر ولي قحطان في حديث الى “النهار العربي”: “أول وأهم ما يمكن أن يفقده إقليم كردستان جراء مثل هذه الأحداث هو مستويات ثقة الشركات العالمية بسوق العمل في الإقليم، وهو أمر قد يدفعها من جهة لأن ترفع من دفتر شروطها في عمليات التعاقد المستقبلية مع حكومة الإقليم، ومن جهة أخرى سيدفع حكومة الإقليم لأن تبحث عن بعض الشركات الهامشية والصغيرة، القادرة وغير المهتمة بشروط الحكومة المركزية”. يضيف قحطان: “إلى جانب ذلك، فإن الإقليم سيخسر إمكان تطوير بنية العمل في القطاع النفطي داخل حقوله النفطية، أو الصناعات المرتبطة بالنفط، خصوصاً أن حكومة الإقليم تملك برنامجاً لإعادة هيكلة الاقتصاد، تشغل فيه الصناعات البتروكيماوية موقعاً مركزياً. كذلك لأن الإقليم مقبل على توجه استراتيجي يؤسس لبنية استخراج الغاز الطبيعي وتصديره بكميات تجارية كبيرة إلى القارة الأوروبية. وهذا كله يصطدم بما تحاول السلطة المركزية فعله في مواجهة الإقليم”. البعد الأمنيهذه الضغوط الاقتصادية والقانونية على قِطاع النفط في إقليم كردستان، تضاف إلى ما يعتقد مراقبون إنه حملة أمنية وعسكرية على القطاع في الإقليم، من خلال تكرار إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على الحقول العاملة فيه، الأمر الذي تكرر ثلاث مرات على حقل خورمار في محافظة السليمانية خلال الشهر الماضي فحسب. وهو ما تسبب بإثارة هواجس لدى الشركات العاملة هناك، بالذات تلك التي تملك بنية تحتية كبيرة في المناطق الحدودية بين الإقليم وباقي مناطق العراق. وهو الأمر الذي هددت حكومة الإقليم بالرد عليه بكل السُبل، لأن ما يحصل يعني فعلياً، حسب مصادرها، حرباً على لقمة عيش مواطني الإقليم.