اخبار سياسية

نظام مصرفي بلا ملامح.. أسئلة تُثيرها العقوبات على البنوك العراقية!

إخفاقات مستمرة في القطاع المصرفي يشخصها خبراء الاقتصاد والباحثون فيه، فهو ما يزال يعاني من العثرات في تقنين الخروقات وتوفير بيئة عمل مصرفية تلائم تعليمات البنك المركزي، فضلا عن تأثره الكبير بالريعية التي يقوم عليها اقتصاد البلد.

ولذلك فإن صاعقة العقوبات الأمريكية على 14 مصرفا أهليا عراقيا سرعان ما أثرت في سعر الصرف الذي بالكاد يعرف استقرارا، إذ اتّسعت الهوّة مرة أخرى بين الدينار والدولار في أسواق التعاملات المالية، إذ تجاوز عتبة 150 ألف دينار لكل 100 دولار.

الباحث في السياسات المالية أحمد الجنابي أكد لـ “جريدة” في حوار خاص “أن عمل المصارف الخاصة اقتصر على الارباح السريعة بالاعتماد على مزاد العملة، دون مخاطر مالية تُذكر، ولذلك فهي غير قادرة على تحقيق الاهداف المالية التي انشأت من اجلها، فضلاً عن عدم قدرتها على جذب الودائع وتنميتها، كما فشلت في تحقيق الاهداف الاستثمارية لعدم استقطاب رؤوس اموال حقيقية وتوظيفها في المجالات الاقتصادية، بل ان اكثر من ٨٥٪؜ من ارباحها الصافية تعتمد بشكل كلي على نافذة العُملة؛ ولذلك فإن هذه المصارف باتت عبئًا على الاقتصاد العراقي، بدلاً من ان تكون عوناً له”.

وفي الظل الثقيل لأزمة القطاع المصرفي التي باتت أوضح الأزمات الحالية فإن أبرز المشاكل التي أظهرتها العقوبات الأخيرة هي مدى ارتباط هذا القطاع بتمويل الاقتصاد الإيراني المعاقب أمريكيا، والمخاوف من تأثر العراق بهذه العقوبات، الأمر الذي يثير أسئلة مهمة عن طبيعة المصارف العراقية وعملها، فهل هي مصارف استثمارية فعلا؟ وما طبيعة نشاطاتها؟ وهل لهذه المصارف مودعون وما طبيعة الإيداع والتداول المالي فيها.. وكيف منحها البنك المركزي العراقي تراخيص العمل؟

هنا أصدر البنك المركزي بيانا يرد فيه على قضية العقوبات والأسئلة التي أثارتها، فقد أوضح أن منع مصارف عراقية من التعامل بالدولار جاء على خلفية تدقيق حوالات المصارف للسنة الماضية، وقبل تطبيق المنصة الإلكترونية، وقبل تشكيل الحكومة الحالية أيضا.

كما أن هذه المصارف تتمتّع بكامل الحرية في التعامل بالدينار العراقي بمختلف الخدمات ضمن النظام المصرفي العراقي، فضلا عن حقّها في التعامل الدولي بالعملات الأخرى غير الدولار.

وبيّن أن تطبيق المنصة الإلكترونية للتحويل الخارجي يؤمّن سلامة معاملات التحويل ودقّتها من الجوانب كافة، على وفق المعايير والممارسات الدولية، وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويشيد البنك الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية والمؤسسات المالية الدولية بهذا النظام، وهو يحظى بعنايتها، مع تنسيق عال من تلك الأطراف، ومع مدقّق دولي معتمد.

موضحا أن ما حقّقه المركزي العراقي من توسيع قنوات التحويل والبنوك المراسلة المعتمدة، يجعل عمليات التحويل متاحة ومؤمّنة، وأن عدد المصارف المحلية التي تقوم بذلك قادر على تغطية طلبات التحويل كافة، وأنّ المصارف الممنوعة من الدولار لا تشكّل طلباتها سوى 8% من مجموع التحويلات الخارجية.

وعقب بيانه أصدر البنك المركزي، إعماما للمصارف المجازة كافة والمؤسسات المالية غير المصرفية، بعدم التعامل بالدولار مع البنوك الأربعة عشر المعاقبة مع الإشارة إلى إمكانية التعامل معها بالعملات الأخرى، ما يعني أن هذه المصارف ما تزال عاملة ولم تقع على عاتقها أي محاسبة لتعريض الاقتصاد العراقي لخطر الدخول في مخاطر العقوبات.

وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي كوفند شيرواني أن الولايات المتحدة تأشر لديها “أن مزاد العملة الذي يديره البنك المركزي وتطرح فيه قرابة 280 مليون دولار تستحوذ علىى أمواله مصارف مرتبطة بشخصيات وأحزاب سياسية متنفذة، وأن هذه المصارف قد تكون متورطة في عمليات غسيل الأموال وتهريبها إلى الخارج، ما يؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد والمالية العراقية”

وريثما تتضح صورة النظام المالي وصحة المسار من عدمه في قرارات البنك المركزي فإن الضرر ما يزال قائما على حساب البلد لمصلحة جهات محددة مستفيدة من فارق التصريف بين السعر الرسمي للدولار والسعر الموازي الذي تطرحه في السوق لتتجاوز أرباحها 30 مليون دولار يوميا دون تحقيق أي فائدة تذكر للعراق، كما أن العقوبات التي تطول المصارف العراقية لارتباطاتها المشبوهة ليست الأولى.. وقد لا تكون الأخيرة.