مقالات

{رجال من بلادي دخلوا التاريخ لنزاهتهم}

حسن فليح /محلل سياسي

شواهد وقصص عن نزاهة مسؤولين العراق السابقين بالمقارنة مع الحاليين ، في رسالة محولة لي من احد اصدقائي الاعزاء الاستاذ العميد لؤي الحردان ، تحمل الحديث للاعلامي المتميز مهدي جاسم ، استوقفني ذلك الحديث الشيق والمفعم عن النزاهه وصيانة الامانة والمسؤولية وحترام القانون ونبل الرجال والاخلاص للوطن والشعب والحرص الشديد على المال العام ، واليكم القصة كما جائت على لسان الاعلامي القدير مهدي جاسم المعروف بحرفيته ودقته في تناول المواضيع والحكايات ، كان الدكتور محمد مشحن الحردان وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء نوري سعيد بالعهد الملكي ، وكان والد الوزير الشيخ مشحن الحردان ، نائب رئيس مجلس الامة في ذلك الحين ، فحدث ان الباشا نوري سعيد استلف 400 اربعمائة دينار من وزارة المالية، وعندما حل موعد الموازنة لم يكن بمقدور رئيس الوزراء نوري سعيد من تسديد المبلغ وطلب من وزير المالية أن يمهله بعض الوقت ، فقال الوزير محمد المشحن لرئيس الوزراء ساطرح ذلك على البرلمان عند مناقشة الموازنة ، فذهب رئيس الوزراء نوري باشا للشيخ مشحن الحردان والد الوزير فقال له ابنك دكتور محمد راح يفضحني وانا طلبت ان يمهلني بعض الوقت ولم يقبل ، فذهب الشيخ مشحن ملوحاً بعصاه وقال اين الوزير فخرج الدكتور وستقبل والده بكل احترام ، فقال الوزير لابيه حجي اذا تريد نلغي الموضوع فقم انت بتسديد المبلغ فقام الشيخ مشحن الحردان بتسديد المبلغ عن نوري سعيد لحين الميسرة ، انتهت القصة الى هذا الحد ، نقول هكذا كان رجال العراق يتحلون بنزاهتهم وانتمائهم الوطني وحرصهم على المال العام ، أن النزاهة هي نوع من الالتزام بالواجب الأخلاقي الذي يفصل بين المصلحة الشخصية والنزعة الإنسانية حينما يوضع الفرد في موقف اختباري حقيقي؛ وتلك الصفات غابت عند الكثيرين بالحكومات التي تعاقبت ونتشر فيها الفساد وسرقة المال العام وهناك شواهد وفضائح كثيرة ضهرت للاعلام بل بعض المسؤولين تحدثوا علناً عن فسادهم وماتقدم لهم من رشاوي بمبالغ عالية ذلك فضلا عن بيع المناصب بحيث اصبحت ضاهرة وعدم الخجل منها !!! هنا تظهر حقيقة قيم النزاهة المفقودة في تحكيم الضمير ، شتان بين ماضينا وحاضرنا وشتان بين رجال صنعوا المجد لانفسهم ووطنهم ، وبين رجال جلبو الغزي والعار لانفسهم وخانو شعبهم ووطنهم !!! ماذا قال الله تعالى عن الفساد؟
فحكم الفساد هو التحريم، وقد تكرر النهي عنه في الكتاب والسنة. قال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ {البقرة:205}. وقال: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا {الأعراف56} شعبنا وبلادنا اليوم بأمس الحاجة الى تلك النماذج الوطنية والشواهد التاريخية مثل الدكتور محمد الحردان والشيخ مشحن الحردان ورئيس الوزراء السابق نوري سعيد وكذلك نزاهة ونظافة يد رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم الذي توفى ولن يعثرو في جيبة سوى على 750 فلساً رحمهم الله واسكنهم فسيح جناتة ، انهم ماتوا ولكن لن يرحلوا من بيننا ولازالو احياء في ضمائرنا وعقولنا وقلوبنا ولازالت ذكراهم وافعالهم نتحدث بها ، فما بالك من الذين رحلوا عن حياتنا ومن عقولنا ومن محبتنا ولن يحظوا باحترامنا ولازالو احياء بيننا ماذا سيذكر التاريخ عنهم وكيف ستنعلهم الناس حين مماتهم ، انه التاريخ الذي
لا يرحم، وسوف يحاسب الجميع، خاصة المسئولين، وبصرامة على ما فعلوه وصنعوه.. أى أنه إذا تأخر الحساب فى الوقت الحاضر فإن أحدا لن يفلت من حساب التاريخ وسيلعنه الشعب الى يوم يبعثون .