اخبار سياسية

انقطاع الدواء المجاني يفاقم معاناة المرضى السودانيين

من لم يمت بالقذائف العشوائية أصبح عرضة للموت بسبب انعدام العلاج

إشراقة علي عبدالله صحفية سودانية
السبت 16 مارس 2024 15:14

“عشرات المواطنين الذين ما زالوا داخل العاصمة، بخاصة المرضى، يموتون بسبب افتقادهم الأدوية المنقذة للحياة” (أ ف ب)

ملخص
إن “المرضى العالقين بالعاصمة الخرطوم الذين لا يستطيعون النزوح من مكان لآخر بسبب الحرب واتساع رقعتها يعيشون واقعاً مؤلماً لجهة مواجهتهم الموت نتيجة تدهور الوضع الصحي ونفاد الأدوية”

لا تزال معاناة المواطنين السودانيين تتفاقم وتأخذ أبعاداً مروعة في شتى مناحي حياتهم منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” بالعاصمة الخرطوم في الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي، وتمددها في جبهات ولائية كانت تعد ملاذاً آمناً للفارين من جحيم الاشتباكات المسلحة.

ود مدني.png
بات أصحاب الأمراض المزمنة العالقون في مناطق القتال مهددين بالموت بسبب انهيار المنظومة الصحية (أ ف ب)

الأمراض المزمنة

وبات أصحاب الأمراض المزمنة العالقون في مناطق القتال مهددين بالموت بسبب انهيار المنظومة الصحية وخروج نحو 70 في المئة من المستشفيات عن الخدمة، إضافة إلى فقدان الأدوية المنقذة للحياة، نتيجة توقف 41 من شركات الأدوية وأكثر من 90 في المئة من مصانع الأدوية عن الإنتاج، فضلاً عن إيقاف وزارة الصحة بولاية الخرطوم صيدليات الدواء المجاني للذين ينضوون تحت مظلة التأمين الصحي، مما جعل المرضى يعانون الحصول على الدواء، فمن لم يمت بالطلقات الطائشة أو القذائف العشوائية، أصبح عرضة للموت بسبب انعدام الدواء.

المعاناة الإنسانية

هذه المعاناة الإنسانية شكلت عبئاً ثقيلاً على المرضى، بخاصة العاملين بالدولة، إلى جانب المعاشيين، بعد توقف استحقاقاتهم الشهرية ونفاد مدخراتهم المالية وصعوبة إجراء تحويلاتهم البنكية نتيجة ضعف شبكة الاتصالات والإنترنت بعد تعطلها من قبل طرفي الصراع.

قرار عشوائي

المواطن طارق الذاكي الذي يتلقى العلاج في أحد مستشفيات مدينة أم درمان قال إن “المرضى العالقين بالعاصمة الخرطوم، الذين لا يستطيعون النزوح من مكان لآخر بسبب الحرب واتساع رقعتها، يعيشون واقعاً مؤلماً لجهة مواجهتهم الموت نتيجة تدهور الوضع الصحي ونفاد الأدوية، وحتى القليل منها المتوفر في صيدليات الدواء التي توزع مجاناً تم إيقافها بقرار عشوائي وغير مدروس لتستبدل بصيدليات تقدم الدواء وفق فاتورة علاجية باهظة الثمن، فضلاً عن أن المواطن، في هذا الوقت الحرج الذي تشهده البلاد، لا يستطيع تحمل هذه النفقات في ظل عدم توفر السيولة”.

أضاف الذاكي “بصفتي مريضاً أعاني مرضاً عضالاً، ومن واقع معاناتي اليومية في البحث عن الدواء، أرى أن من واجب الدولة ممثلة في وزارة الصحة توفير الرعاية الصحية المتكاملة ولا سيما الدواء باعتباره حقاً إنسانياً لا يجوز التقصير فيه، وخصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة، إذ إن فقدها سيؤدي إلى الموت لا محال”.

وأشار إلى أن “العاملين في القطاعين العام والخاص فقدوا وظائفهم مع استمرار الحرب ولم تصرف رواتبهم الشهرية، إضافة إلى المعاشيين الذين توقفت مخصصاتهم، فمن أين يأتون بقيمة الدواء؟ ونظراً إلى هذه الظروف المعقدة يجب أن تتراجع الوزارة عن قرارها في ما يخص مجانية العلاج”، لافتاً إلى أن الخدمات الصحية أصبحت عبارة عن سوق سوداء.

أمراض نفسية

في السياق، قال الناشط في حقوق الإنسان إبراهيم عبدالقادر إن “إغلاق صيدليات توزيع الدواء المجاني في أحد مستشفيات مدينة أم درمان والتعويض عنها بصيدليات أخرى لبيع الأدوية، أمر غير مسؤول لأنه يؤدي إلى تفاقم معاناة المرضى، وتعريضهم لأمراض نفسية أخرى قد تصل بهم حد الاكتئاب في ظل توقف مظاهر الحياة الطبيعية منذ اندلاع الحرب”، وتابع عبدالقادر “من خلال متابعتي بعض الحالات في المناطق التي تحتدم فيها الاشتباكات، فإنهم يجدون صعوبة بالغة في الحصول على الدواء المجاني، ويصطفون أمام الصيدليات من دون فائدة، فمعظمهم يقاوم المرض في صمت وصبر، حتى تدهورت حالاتهم الصحية، ومن ثم تأتي وزارة الصحة لتعلن عن إيقاف هذه الصيدليات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الدواء، وعدم إمكان الحصول عليه جراء خفض دخل الأسر بنحو 60 في المئة، وارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من 70 في المئة”، وشدد على ضرورة استرجاع الدواء المجاني وعدم ممارسة ضغوط إضافية على المرضى.

حلول

من جانبه، أوضح الصيدلاني أبو عبيدة مجذوب أن “عشرات المواطنين الذين ما زالوا داخل العاصمة، بخاصة المرضى، يموتون بسبب افتقادهم الأدوية المنقذة للحياة”. أضاف “منذ بدء النزاع توقفت تماماً 41 من شركات الدواء، وأكثر من 90 في المئة من مصانع الأدوية، وخروج ما بين 70 و80 في المئة من المستشفيات عن الخدمة واستهدافها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ما كان له الأثر الكبير في تدهور الخدمات الصحية إلى جانب عدم توفر الأدوية”.