مقالات

{المضحكات المبكيات: المشاعر العربية المتباينة حول مقتل حسن نصر الله}

حسن فليح /محلل سياسي

جاء مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، ليُشعل فتيل مشاعر متباينة بين العرب، بين فرح غامر عند بعض الأوساط، وحزن عميق لدى آخرين. هذه المشاعر المتناقضة تسلط الضوء على عمق الانقسامات الطائفية والسياسية التي تعاني منها المنطقة، والتي قد تتفاقم في قادم الأيام مع مشاهد مماثلة تتعلق بقادة أحزاب وفصائل مسلحة في العراق وسوريا واليمن.

فرح وغضب

في بعض الأوساط، كان هناك شعور بالفرح، إذ اعتبر العديدون مقتل نصر الله علامة على انتصار ضد ما يعتبرونه نفوذًا إيرانيًا في المنطقة. هؤلاء يرون أن حزب الله، الذي لعب دورًا بارزًا في الصراعات الإقليمية، قد ساهم في تأجيج الطائفية والصراعات الداخلية، مما جعلهم يتقبلون خبر مقتله كفرصة لتغيير المشهد السياسي في لبنان والمنطقة.

من جهة أخرى، عبرت فئات كبيرة عن حزنها العميق، معتبرة أن نصر الله كان رمزًا للمقاومة والصمود ضد الاحتلال. في أعينهم، كان يُنظر إلى الحزب على أنه المدافع عن قضايا العرب، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية. هؤلاء يرون أن مقتله يعكس فقدان شخصية قيادية مهمة، وأن غيابه سيترك فراغًا كبيرًا في الساحة السياسية.

ألاسباب والدوافع

يمكن تقسيم هذه المشاعر إلى أسباب طائفية وأخرى تتعلق بالتوجهات السياسية. فبعض الفرحين بمقتل نصر الله يرون فيه تجسيدًا لرغبتهم في إنهاء الهيمنة الإيرانية على المنطقة، بينما يأتي حزن الآخرين من الاعتقاد بأن الصراع ضد إسرائيل يجب أن يكون موحدًا بعيدًا عن الانقسامات الطائفية.

ومن المؤكد أن موقف حزب الله من الأحداث في سوريا ولبنان ساهم في تشكيل هذه الآراء. إذ تعتبر بعض الآراء أن الحزب أخطأ في استراتيجيته من خلال التدخل في الصراعات الداخلية، مما أدى إلى تآكل شعبيته في بعض الأوساط العربية.

تكرار المشهد

مع استمرار الأزمات في المنطقة، من المرجح أن تتكرر هذه المشاعر المتباينة في حال تعرض زعماء آخرين من الأحزاب والفصائل المسلحة في العراق وسوريا واليمن لمصير مشابه. إذ ستتجدد النقاشات حول دورهم وتأثيرهم على الأمن والاستقرار في بلادهم، مما يفتح المجال لمزيد من الانقسامات.

في النهاية، تُظهر المشاعر المتباينة حول مقتل نصر الله حالة من الفوضى والتباين في المواقف التي تعاني منها المنطقة. وبينما يبتهج البعض برحيل شخصية مثيرة للجدل، يشعر آخرون بالأسى لفقدان رمز يعتبرونه مناضلاً. هذا التناقض يمثل أحد أوجه المضحكات المبكيات في المشهد العربي اليوم ،
ان الابتعاد عن العوامل الوطنية والتركيز على الخطاب الطائفي بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 كان له آثار جسيمة على المشهد السياسي والاجتماعي والفصل المريع بين مشاعر الناس بالبلد الواحد والشعب الواحد وفي عموم المنطقة.
فإطلاق العنان لإيران لنشر البعد الطائفي ساهم في تعميق الانقسامات وزيادة التوترات بين مختلف فئات الشعب
ان تراجع الهوية الوطنية مع تصاعد الخطاب الطائفي، بدأت الهويات الوطنية تتراجع، وأصبح الولاء للأحزاب أو الفصائل الدينية أكثر أهمية من الانتماء الوطني، مما أثر على وحدة المجتمع فتباينت مشاعرهم .

بالتالي، فإن التركيز على العوامل الوطنية والتضامن بين مختلف مكونات المجتمع هو أمر حيوي لاستعادة الاستقرار وتعزيز الهوية الوطنية، بدلاً من الانزلاق إلى مزيد من الانقسامات الطائفية، وبذلك يتوحد الفرح والحزن لدينا .

admin