على ماذا يراهن الفريق شفيق؟!

1

 
بقلم : د. محمد سيد أحمد
 
لقد أثار ظهور الفريق الهارب منذ ما يقرب من خمسة أعوام أحمد شفيق على ساحة الإعلام عبر قناة الجزيرة، معلناً عزمه على خوض الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة ردود أفعال عديدة مؤيدة ومعارضة، خاصة وأنه لم يكتفِ بذلك، بل أعلن أن دولة الإمارات العربية المتحدة التي لجأ إليها هارباً تتحفّظ عليه وتمنعه من السفر، وهو ما أثار ردود فعل إضافية سواء مؤيدة له أو معارضة.
 
وبعيداً عمّا طرحه شفيق في موقف دولة الإمارات منه، فالرجل الذي أعلن أنه متحفّظ عليه وممنوع من الحركة قد عاد معزّزاً مكرّماً سواء من دولة الإمارات التي فتحت له ذراعيها عندما جاءها هارباً من الإخوان المسلمين، بعد صعود محمد مرسي لسدة الحكم، حيث شاهد الجميع صوره على متن الطائرة الخاصة، وهو يجلس متكأ على كرسي وثير وبجواره طبق كبير من الفاكهة، أو من الدولة المصرية التي استقبلته أفضل ما يكون، حيث فتحت له صالة كبار الزوار وشاهد الجميع صوره أيضاً وهو يأكل الفاكهة وبجواره أمتعته الشخصية. وهو استقبال يليق به كقائد سابق بالجيش المصري العظيم الذس يخوض الآن معركة من أشرس المعارك في تاريخه مع القوى الإرهابية المدعومة دولياً.
 
وما يهمّنا الآن بعد عودة الفريق شفيق الى وطنه الذي هجره في أصعب اللحظات تاركاً الشعب والجيش يخوضان المعركة مع الجماعة الإرهابية منفردين، وظل هو بعيداً ينعم بالأمن متفرّجاً على ما ستسفر عنه المعركة، ثم جاء الآن ليعلن أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وعلى الرغم من ذلك فهذا حقه الدستوري ما دامت الشروط القانونية تنطبق عليه مثله في ذلك مثل أي مواطن مصري، لكن من حقنا أن نناقش ونحلل فرص الرجل ونطرح التساؤلات المشروعة حول قدراته وإمكاناته والفرص المتاحة أمامه بناء على المعطيات الواقعية التي تحت أيدينا، لذلك طرحنا السؤال التالي ونحاول الإجابة عليه: على ماذا يراهن الفريق شفيق؟!
 
ووفقاً لما هو متاح، فالرجل قد راهن على رهانات عدة، أولها أنه قائد عسكري سابق، وينتمي للمدرسة الوطنية نفسها التي ينتمي لها الرئيس السيسي، ويرى أنه يتميز على الرئيس السيسي بأنه قد خاض حرب أكتوبر 1973 في حين أن الرئيس لم يخض أي حرب، باعتبار حرب أكتوبر كانت آخر الحروب التي خاضتها مصر في مواجهة العدو الصهيوني، لكن الفريق شفيق نسي أنه قد فرّ هارباً من ميدان المعركة في مواجهة جماعة الإخوان الإرهابية في الوقت الذي حمل الرئيس السيسي رأسه على كفّه وأطاح بالجماعة من سدة الحكم وتحمّل بشجاعة وجسارة مواجهتها في معركة ما زالت نيرانها مشتعلة حتى اليوم.
 
وكان رهانه الثاني ما حصل عليه من أصوات الناخبين في معركته السابقة في الانتخابات الرئاسية 2012. وهنا لا بدّ من تأكيد أن ما حصل عليه الفريق شفيق من أصوات في الجولة الأولى كانت الأصوات التي جمعت بأموال فلول نظام مبارك. وفي الجولة الثانية أضيفت إليها الأصوات الكارهة لمحمد مرسي وجماعة الإخوان. وهذه الأصوات لا يمكن التعويل عليها الآن، فقد جرت في النهر مياه كثيرة، ولعل درس الانتخابات الأخيرة بين الرئيس السيسي وحمدين صباحي خير شاهد وخير دليل فحمدين الذي حصد أصوات مقاربة للفريق شفيق في الجولة الأولى في انتخابات 2012 لم يتمكن من الحصول على ربع هذه الأصوات في انتخابات 2014 على الرغم من أن الانتخابات الأولى كانت بين 13 متسابقاً، في حين أن الانتخابات الأخيرة كانت بين متسابقَيْن فقط، وهو ما يعني أن الرهان الثاني للفريق شفيق لا يمكن التعويل عليه.
 
ويأتي رهانه الثالث متمثلاً في حالة عدم الرضاء الشعبي عما أنجزه الرئيس السيسي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للغالبية العظمى من المصريين، خاصة مع ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وفشل الحكومة في السيطرة عليها. وهو ما جعل قطاعات واسعة من المصريين تدخل في دائرة الفقر والمعاناة. هذا الى جانب تشجيع فلول نظام مبارك من رجال الأعمال له والذين وقفوا معه أثناء انتخاباته السابقة. وبالطبع الشعب قد يكون غير راضٍ عن السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي يتبعها الرئيس السيسي والتي لا تعود بالنفع المباشر عليهم، لكنهم أيضاً يعلمون أن أحد أهم المعوقات في طريق الرئيس السيسي هم فلول نظام مبارك الذين مازالوا يسيطرون على قطاعات واسعة من الاقتصاد الوطني، ويحاول هو تحجيمهم ومحاصرة فسادهم، لذلك يرغبون في استبداله بآخر عمل معهم كوزير لسنوات في ظل حكم مبارك.
 
أما الرهان الرابع فقد ظهر جلياً عندما خرج الفريق على شاشة الجزيرة فانطلقت الآلة الإعلامية الإخوانية لتؤكد دعمها للفريق شفيق الرجل الديمقراطي من وجهة نظرهم الذي قبل بنتائج انتخاباته معهم وتقبّل الهزيمة وقدّم التهنئة لمحمد مرسي. هذا بالطبع في مواجهة الرئيس السيسي الذين يعتبرونه قائد الانقلاب عليهم، وهذا أيضاً رهان خاسر، لأن الجماعة الإرهابية فقدت جزءاً كبيراً من رصيدها الاجتماعي في الشارع المصري نتيجة العمليات الإرهابية التي مازالت تحصد أرواح المصريين حتى اليوم.
 
وبناء على ما تقدّم، فالرجل انتهى سياسياً منذ خسارته للانتخابات الرئاسية في مواجهة محمد مرسي، وهو الآن في نظر المصريين أحد فلول نظام مبارك الذي استوزره لمدّة عشر سنوات، وعندما قامت الثورة حاول الاستعانة به كرئيس للوزراء في اللحظات الأخيرة لكنه فشل، وعندما خاض الانتخابات الرئاسية وفشل في حسمها قرر الهروب بعيداً عن مصر في الوقت الذي دخلت فيه البلاد معركة شرسة مع الإرهاب، وعندما قرر العودة راهن على رصيد الجماعة الإرهابية متناسياً أنها تخوض حربها في مواجهة الجيش الذي هو أحد أبنائه، لذلك يجب أن يعلم الرجل أن كل رهاناته خاسرة، وأن العجلة لا يمكن أن تعود للخلف. اللهم بلغت، اللهم فاشهد.

التعليقات معطلة.