اخبار سياسية

معارضو الدبيبة يطوّقون العاصمة الليبية… ومصير حكومته محلّ تساؤلات

أحد قادة "ثوار الزنتان" يتلو بياناً مناهضاً للدبيبة وحكومته.

عاد الملف الأمني إلى الواجهة في ليبيا، مع تسجيل تحرّكات عسكرية تنذر باندلاع مواجهة مسلّحة بين الفصائل الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس، ومعارضيه في البلدات المتاخمة. فبعد إعلان ناشطين وتشكيلات عسكرية في مدينتي مصراتة المطلّة على ساحل المتوسط (شرق العاصمة)، والزاوية الساحلية أيضاً لكن غرب طرابلس، تمرّدهما على الدبيبة، مطالبين بإسقاط حكومته، جاء الدور على مدينة الزنتان جنوب غرب طرابلس، في خطوة تُحكم طوق حلقة المعارضة المدنية والعسكرية حول العاصمة الليبية التي باتت مركز سيطرة رئيس حكومة الوحدة الوطنية وأركان سلطته. هل يطيح تدخّل دولي بالدبيبة؟وفتحت تلك التحرّكات الباب واسعاً أمام تكهنات بقرب تدخّل دولي للإطاحة بالدبيبة وتشكيل حكومة موحّدة تُنهي معضلة صراع الحكومتين المحتدم في ليبيا منذ آذار (مارس) 2022، وما عزز ذلك تحذيرات أطلقها الموفد الأممي عبد الله باثيلي من مجلس الأمن، عن إمكان اشتعال صدام مسلّح في العاصمة الليبية ومحيطها. وقال: “في طرابلس، لا يزال احتدام التنافس بين الفاعلين الأمنيين لبسط السيطرة الميدانية على مناطق استراتيجية في العاصمة، بما فيها المناطق التي تضمّ قواعد عسكرية ومؤسسات للدولة، ومن بينها مصرف ليبيا المركزي، يهدّد الوضع الأمني الهش في العاصمة. وتجلّت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية التوترات بين ما يُسمّى “جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”، وما يسمّى “جهاز دعم الاستقرار” والتشكيلات المسلّحة الأخرى المتحالفة معه”. 

الدبيبة وباثيلي في لقاء سابق. وأشار باثيلي إلى لقاءاته في الأسابيع الأخيرة “مع جهات أمنية مختلفة من الشرق والغرب، كما التقيت مع الأطراف المتعارضة في المشهد الأمني في المنطقة الغربية، ويبدو جلياً أنّ لهم تأثيراً على المشهد السياسي. إنّ قبولهم للعملية ضروري لإجراء الانتخابات، وكذلك التزامهم بالديناميكيات الحقيقية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني”. تهديدات “ثوار الزنتان”وعشية الاحتفال بالذكرى 13 لـ”ثورة 17 فبراير”، أعلنت مجموعة تُسمّى “ثوار الزنتان” تضمّ ناشطين مدنيين وعسكريين، في بيان، عدم اعترافها بحكومة الوحدة الوطنية، متوعدة بـ”التصعيد وكل الخيارات مفتوحة”، في حين سُجّلت على هامش الاحتفال الذي أُقيم السبت الماضي، حشود عسكرية ضخمة جابت أرجاء المدينة الساحلية، وهي ترفع شعارات تطالب بإسقاط الدبيبة وحكومته. وقال “ثوار الزنتان” في بيان الجمعة: “لن نعترف بعد اليوم بحكومة الوحدة المتمثلة في حكم العائلة… حكومة الوحدة نهبت أموال الشعب وأفقرت الموظفين حتى لم يجدوا قوت يومهم”، داعين “جميع ثوار مدن ليبيا إلى الوقوف صفاً واحداً وتصحيح مسار الثورة… نحن مستمرون في تصعيد الموقف، وجميع الخيارات أمامنا مفتوحة حتى إسقاط حكومة الوحدة”. وحمّل البيان بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي “كل المسؤولية لما قد تؤول إليه الأمور”، وطالب “بتشكيل مجلس أعلى لقيادة ثورة 17 شباط (فبراير) والانطلاق بالبلاد إلى انتخابات حرّة نزيهة”. 

 وفي أولى خطوات التصعيد، أعلنت “كتيبة 17 حرس الحدود” في بيان، إقفال خطوط الغاز الواقعة تحت حمايتها إلى حين تحقيق مطالبهم بإسقاط الدبيبة، وفتح تحقيق في ملفات الفساد الإداري والمالي لكل المتهمين من المسؤولين السابقين والحاليين، عازية قرارها إلى أنّ النفط والغاز الليبيين “يُستخدمان في شراء الذمم وتغول عصابات الفساد بدلاً من أن يساهما في رفاهية الشعب”. وحذّرت الكتيبة في البيان الذي تلاه أحد عناصرها “قادة الميليشيات المسلّحة من محاولة حماية أي مسؤول حكومي أو دعمه، للاستمرار في إفساد الوضع في ليبيا، وسنعتبر أي قائد ميليشيا مسلح يقوم بذلك بأنّه عدو للشعب الليبي، وسنقاضيه بتهمة الخيانة العظمى”. تلويح بإغلاق حقول النفطالناشط في مدينة الزنتان عماد فنيك أوضح أنّ هذه الكتيبة “تُعدّ أحد أهم المجموعات المسلحة في الزنتان، ويوكل لها تأمين المنطقة الواقعة بين بلدتي درج إلى سيناون (أقصى غرب ليبيا)، وفيها خط الغاز”، مشيراً لـ”النهار العربي” إلى أنّ “هذا التصعيد يأتي في ظلّ حالة من السخط الشعبي عبّر عنها بيان ناشطي ثوار الزنتان”. وأضاف فنيك: “ثمة تنسيق بين الناشطين وقادة المجموعات المسلحة، والتلويح بورقة إغلاق المنشآت النفطية في المنطقة، في حال لم تُنفّذ المطالب، الأمر الذي سيكون له تداعيات محلية وتدخّلات دولية”. وفي أعقاب هذا التطور بساعات قليلة، أعلنت “سرية حماية وحراسة مستودع مصراتة النفطي” هي الأخرى، منح حكومة الدبيبة مُهلة 10 أيام قبل إغلاق المستودع بشكل نهائي، في حال عدم تنفيذ ما وصفته بمطالبها المشروعة. وقالت في بيان، السبت: “سيتمّ إيقاف تشغيل المستودع نهائياً، لحين الحصول على مستحقاتنا كاملة، من زيادة رواتب، والامتيازات التي يتمتع بها موظفو المؤسسة الوطنية للنفط”. وهدّدت مجدداً بأنّ “الإغلاق سيطال المستودعات والحقول والموانئ النفطية على مستوى البلاد”. ومنذ أن أطاح رئيس حكومة الوحدة الوطنية باللواء أسامة الجويلي من منصبه كمدير للاستخبارات العسكرية، في أيار (مايو) العام 2022، تقف مدينة الزنتان ومجموعتها المسلحة التي تدين بالولاء للجويلي، في مواجهة الدبيبة وميليشيات العاصمة الموالية له، بل إنّها دعمت موقف خصومه في الشرق الليبي بتشكيل حكومة موحّدة، قبل أن يتدخّل رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي أواخر العام الماضي لفرض تهدئة بين الطرفين، لكن التصعيد عاد إلى السطح خلال الأيام الأخيرة. المحلّل السياسي الليبي سالم أبو خزام، رأى في التطورات الأمنية الأخيرة “تضييقاً للخناق على الدبيبة وحكومته”، موضحاً أنّه “حتى مدينة مصراتة، معقل الدبيبة، تمرّدت عليه وتطالب بحكومة موحّدة، في حين تستمد حكومة الوحدة الوطنية قوتها في العاصمة طرابلس من الميليشيات التي تحصل على الرواتب من الموازنة العامة”. ولفت لـ”النهار العربي” إلى “تغيُّر ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة في لهجة الولايات المتحدة، تعكسه أيضاً تصريحات رئيس البعثة الأممية باثيلي، بضرورة تشكيل حكومة موحّدة، ما يعني التخلّي عن الدبيبة الذي بات مستقبله على المحك”. وأضاف: “نحن أمام وضع متهالك للغاية ومعاناة اقتصادية غير مسبوقة، طالت حتى توفير الدواء، إضافة إلى التعقيدات السياسية والأمنية التي لا تنتهي، وكل هذا يُفاقم الاحتقان الشعبي”.