مقالات

أردوغان وفيلم الحدود الجديد!

الأحمدي فرح
من الأفلام العالقة بالذاكرة العربية الفيلم السوري “الحدود” الذي قام ببطولته دريد لحام .. وكيف أن الفيلم يسخر من إدعاء الوحدة العربية والتعاون العربي من خلال سائق مسافر بين بلدين اختار لهما المؤلف وصف الغربية غربستان للأولى والشرقية شرقستان للبلد الآخر ، تشاء الصدف أثناء مروره في المنطقة الواقعة بين البلدين أن تضيع أوراقه الثبوتية وجواز سفره فلا يستطيع العودة إلى بلده المنشأ ولا دخول البلد الآخر فيضطر أن يخيم في منطقة تتوسط المسافة بين البلدين على خط الحدود تماما ضمن أحداث كوميدية من خلال تعامله مع أنماط مختلفة من الناس يلتقي بهم على الحدود تقع العديد من المفارقات والمعاكسات حتى تفرج عليه!
والآن للمفارقة الحزينة يتعرض كثير من السوريين الذين ينتمي الفيلم وبطله لبلادهم للمأساة نفسها وهم يحاولون الفرار من جحيم الحروب ويتعلقون بأي قشة نجاة للهرب من نيران القذائف وشظايا المدفعية في أي طريق يهربون لا يهم المهم حقاً النجاة بحياتهم .. ولكن من المؤسف أن يتعامل جيران سورية من الأتراك مع اللاجئين السوريين بالعنف ويستقبلونهم بإطلاق الرصاص وإعادتهم لجحيم الأسد مرة أخرى كما ذكرت “هيومن رايتس ووتش” السبت في بيان انتقدت فيه تركيا لاستخدامها “القوة المميتة” ضد النازحين السوريين الذين يحاولون العبور إلى أراضيها، ودعت أنقرة إلى وقف إعادتهم “قسرياً” وفتح الحدود أمامهم!
من الممكن جداً تفهم مخاوف الحكومة التركية من عدم قدرتها على استيعاب اللاجئين أو تقديم الدعم لهم ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن يتم إقفال الباب في وجه الفارين من جحيم الحرب ليتم استقبالهم بالبارود التركي! فيصبحون كمن يستجير من الرمضاء -شدة الحر- بالنار فيهربون من سوريا ليقابلهم الرصاص في تركيا.. على أردوغان الذي يعشق التلويح بقيم الحرية على كاميرات التلفزة ويجيد ملامسة أشواق الإنسانية لدى الكثيرين من شعوب المنطقة العربية ويشبه في مخيلتهم أجداده من أبطال الدولة العثمانية القيام بفعل حقيقي لإيقاف إعدام أحلام النجاة لدى اللاجئين السوريين ليقدم شيئاً ملموساً وفعلي للمساعدة في تخفيف معاناة اللاجئين السوريين!
ومن الضروري جداً أن تلتزم الحكومة التركية بإصدار تعليمات موحدة إلى حرس الحدود في جميع نقاط العبور بعدم استخدام القوة المميتة ضد طالبي اللجوء كما دعت لذلك منظمة “هيومن رايتس ووتش” مشددة أنه “لا يجوز إساءة معاملة أي طالب لجوء” على أردوغان وحكومته القيام ببطولة حقيقية لفيلم (الحدود) في نسخته الدموية الجديدة لكي لا يصبح أردوغان أشبه بممثل يجيد التعاطف مع المقهورين على مسرح “الميديا” دون فعل حقيقي على أرض الواقع فلو استمر الحال هكذا سيخسر أردوغان كثيراً جداً فمعاناة اللاجئين السوريين تحتاج لأفعال وليس تصريحات وأقوال!