أهداف إسرائيلية معلنة لتغييب «أونروا»

1

نبيل السهلي

سعت إسرائيل بعد اتفاقات أوسلو في 1993 إلى تفكيك وكالة الأونروا الشاهد الأممي على قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولم تتوقف المحاولات الإسرائيلية لحل الوكالة المذكورة البتة، بل ذهبت إسرائيل إلى أبعد من ذلك من خلال الدعوة إلى تغييب القرار 194 الداعي الى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. وفي هذا السياق، تندرج دعوات إسرائيل المتكررة منذ شهور عدة للأمم المتحدة إلى تفكيك وكالة الأونروا، عبر تسويق اتهامات عدة.
وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى هذا الموضوع مع سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، خلال زيارتها إسرائيل وحضها على الضغط على الأمم المتحدة كي تنظر في استمرار عمل الأونروا، بحجة أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تعتني بملايين اللاجئين في العالم، في حين للاجئين الفلسطينيين وكالة خاصة بهم هي الأونروا. ولتعزيز المسعى الإسرائيلي في تفكيك الأونروا، اتهم نتانياهو الوكالة الأممية أخيراً بالتحريض الواسع النطاق ضد إسرائيل، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن وجودها يفاقم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بدلًا من حلها.
دعوة إسرائيل إلى حل وتفكيك وكالة الأونروا جاءت بعد أيام من انطلاق الحملة الكلامية ضد الأمم المتحدة، والتي قادتها السفيرة نيكي هايلي، حيث اتهمت الأمم المتحدة بالتحيز للفلسطينيين، الأمر الذي أثار إعجاب حكومة نتانياهو. واللافت أن هذا التحريض الإسرائيلي ضد الأونروا لم يكن الأول من نوعه، إذ سبق أن طلبت إسرائيل في السنوات القليلة الماضية من مشرعين أميركيين التحرك باتجاه إلغاء هذه الوكالة الدولية، متهمة إياها بالتحريض على الإسرائيليين تارة، وبتدريس مناهج في مدارس الوكالة تُعلن الحرب على إسرائيل تارة أخرى. ويلحظ المتابع للإعلام الإسرائيلي بشقيه المرئي والمقروء التحريض الممنهج من حكومة نتانياهو، وفي شكل خاص وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بغية تفكيك الأونروا، بحجة عدم القيام بالوظيفة التي أنشئت من أجلها.
في مقابل التحريض والدعوات الإسرائيلية لتفكيك وكالة أونروا الشاهد الأممي الوحيد على النكبة، لم تلق تلك الدعوات صدى إيجابياً في أروقة المنظمة الدولية، حيث رد الناطق باسم وكالة الأونروا، كريس غينيس، على تصريحات نتانياهو ووزراء من حكومته بالقول «إن مستقبل الوكالة لا يمكن تقريره في شكل أحادي الجانب، مشيراً إلى أن الجمعية العامة أقرت في كانون الأول (ديسمبر) 2016 تمديد تفويض الأونروا ثلاث سنوات إضافية»، فيما اعتبر المفوض العام لوكالة الأونروا، بيير كرينبول، أن بقاءها دليل على الفشل في حل القضية الفلسطينية، مؤكداً أن أكثر من 500 ألف طفل فلسطيني لاجئ. وفي هذا السياق، تشير المعطيات إلى وجود ستة ملايين لاجئ فلسطيني خلال العام الحالي 2017 يتركزون في الأردن وسورية ولبنان فضلاً عن الضفة الغربية وقطاع غزة وفي المنافي البعيدة، وثمة خمسون في المئة منهم من الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر.
ويمكن الجزم بأن وكالة الأونروا ساهمت (منذ انتشار خدماتها) إلى حد كبير في تحسين خيارات اللاجئين التعليمية والصحية في مناطق عملياتها، حيث تشير دراسات الى أن معدلات التعليم بين الفلسطينيين هي الأعلى في المنطقة العربية نظراً لانتشار مدارس الأونروا في شكل كبير في مناطق تمركز الفلسطينيين. وبهذا المعنى، يعتبر استمرار عملها ضرورة إنسانية وأخلاقية ملحة، خصوصاً مع معدل النمو السكاني السنوي المرتفع للاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم.
يبقى القول إن دعوات إسرائيل التي لم تتوقف منذ شهور عدة لتفكيك وكالة الأونروا تندرج في سياق محاولاتها التي لم تتوقف البتة لتغييب شاهد أممي على نكبة الفلسطينيين ونفي مسؤولية إسرائيل السياسية والقانونية عن بروز قضية اللاجئين الفلسطينيين، إذ تعتبر قضيتهم من القضايا الجوهرية، التي أصدرت الأمم المتحـــدة قـــرارات عديدة في شأن حلها، وفي المقدمة منها القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة والداعي إلى حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن.

التعليقات معطلة.