د. سفيان ابو زايدة
منذ ان اعلن ترامب عن قراره بشأن القدس و ما تبعه من رفض فلسطيني جمعي على كافة المستويات من الرئيس عباس حتى اخر مواطن فلسطيني، اضافة الى الموقف العربي و الاسلامي و المسيحي و الاقليمي و الدولي الذي وضع ترامب و ادراته وقراره هو اسرائيل في ناحية و العالم كله في ناحية اخرى، منذ ذلك الحين يكثر الحديث عن اتخاذ الادارة الامريكية قرارا بالتخلص من الرئيس عباس و ايجاد قيادة بديلة او شخص بديل يتساوق مع المشروع الامريكي.
يبدوا ان الحديث عن هذا الامر يستهوي الكثيريين ، ويُستثمر من قبل البعض لاستخدامه في معاركهم الشخصية ، لذلك لا احد لديه الاستعداد ان يتفحص اذا كان هذا الخبر الذي ينشر هنا أو هناك و تتداولة المواقع و الصفحات صحيح او غير صحيح، سيما ان كل ما نشر حتى الان ينسب الى مصادر ( موثوقة) او مصادر ( مطلعه) و يتلقفه اصحاب الخيال الواسع او المستكلبين على ان يكون لهم دور في مرحلة ما بعد الرئيس عباس.
هناك اساءة واضحه للشعب الفلسطيني و للنظام السياسي الفلسطيني و للتنظيمات و المؤسسات الفلسطينية عندما يتم التعاطي مع هذه الاخبار المسمومه، حيث يتم تصوير الامر على ان الادارة الامريكية و اسرائيل هي التي تقرر من يكون زعيم الشعب الفلسطيني و من تكون القيادة الفسطينية القادمة.
هي التي تقرر ان يبقي الرئيس الفلسطيني في موقعه او يتم التخلص منه و استجلاب شخص اخر بدل منه.
عندما يتم الحديث على ان الادارة الامريكية ومعها اسرائيل هي التي تقرر من سيكون رئس حركة فتح و من يكون رئيس منظمة التحرير و من يكون رئيس السلطة الفلسطينية، أليس هذا الكلام فيه ما يكفي من الاهانه لمؤسسات حركة التي كما انتخبت الرئيس عباس بعد استشهاد ابو عمار ايضا ستكون قادرة على انتخاب من تريد دون ان يكون هناك تدخل امريكي او اسرائيلي او اي تدخل خارجي اخر؟
هل الادارة الامريكية ستجبر المجلس الوطني و المجلس المركزي و اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على انتخاب او فرض ما تريد من خيارات اذا كان لها مثل هذه الخيارات؟
وكيف سيأتون برئيس للسلطة الفلسطينية؟
لنفترض ان الادارة الامريكية و الاسرائيلية و الاقليم و المجتمع الدولي يتفقون فيما بينهم على شخص او اشخاص محددين هل يستطيعون فرضه على الشعب الفسطيني و المؤسسات الفلسطينية دون ان يتم العودة الى ارادة الشعب الفلسطيني و مؤسساته التي هي فقط التي تقرر من يكون رئيس السلطة ، هذا اذا ابقت منها اسرائيل شي بعد اشهر او سنوات معدودة؟
الا اذا كان هناك من يعتقد ان الادارة الامريكية و اسرائيل لديهم القدرة على التحكم في كل المؤسسات الفلسطينية و يلعبون في الساحة الفلسطينية كيفما شاء.
من الذي يمكن ان يقبل علي نفسه ان يتزعم الشعب الفلسطيني بقرار امريكي و وصاية اسرائيلية و يأتي على ظهر دبابة اسرائيلية و بحماية المخابرات المركزية الامريكية؟
ومن هو هذا الشخص الذي يمكن ان يقبل علي نفسه ان يأتي على ظهر دبابة امريكية لكي يمرر مشروع مسخ لا يقبله حتى عميل رخيص؟ كيف يمكن ان يحدث ذلك من الناحية العملية ؟ من يؤمن بذلك ، و من يروج لذلك هو يريد ان يقول بشكل غير مباشر ان بقاء القيادة الحالية للسلطة هو بقرار امريكي اسرائيلي و في اللحظة التي تريد امريكا و ابنتها اسرائيل تغيير هذا الواقع تغيره دون اي معيقات.
اي قائد فلسطيني او زعيم فلسطيني لن يستطيع ان يكون و ان كان لا يستطيع ان يقود الا من خلال الارادة الفلسطينية المتمثلة في صندوق الاقتراع ، تماما كما حدث مع الرئيس عباس.
صحيح الادارة الامريكية و اسرائيل و المجتمع الدولي و الاقليم لهم قدر من التأثير على مجريات الامور الداخلية للفلسطينين ، لكن الكلمة الفصل دائما هي للشعب الفلسطيني و مؤسساته.
حديث بعض الشخصيات القيادية عن خطر القيادة البديلة و المؤامرات التي تحاك ضد القيادة الحالية ، و احيانا يتم الحديث او التلميح او الغمز و اللمز عن اسماء محددة هدفه اولا لفت الانظار لانفسهم على اعتبار انهم قيادات خارقة حارقة مقطوعة الوصف يشكلون الخيار الوطني بينما الاخرين يشكلون الخيار الامريكي و الاسرائيلي.
وثانيا الهاء الشعب الفلسطيني بهذا البعبع الذي يسمى قيادة بديلة هو امر يضر بمصلحة الشعب الفلسطيني و يخدم فقط اجندات شخصية وضيعة في ظل التحديات السياسية و الوجودية التي تهدد الشعب الفلسطيني و قضيتة.
الشعب الفلسطيني كله يقف خلف الرئيس عباس في معركته السياسية و في وقوفه في وجه امريكا و مواقفها المخزية ، و الشعب الفلسطيني كله لن يقبل المساس بالرئيس عباس
من قبل الادارة الامريكية و اسرائيل على خلفية موقفه الرافض لهذه السياسة التي تمثل اعتداء على الحقوق الفلسطينية.
هناك انتقادات كثيرة للرئيس عباس في كل ما يتعلق بالشأن الداخلي الفلسطيني و الفتحاوي ، وهذا امر لمن يؤمن بالقيم الديمقراطية و الحريات العامة و الشخصية و احترام القانون هو امر طبيعي جدا، على اعتبار ان الرئيس او اي شخصية عامة هم بشر يصيبون و يخطؤون، هم ايضا ينطبق عليهم القانون و ليسوا فوق القانون.
لذلك وبدل الحديث عن اوهام و تسويق اكاذيب ، ولكي نحصن انفسنا من التدخلات الامريكية و الاسرائيلية و الاقيليمة ، يجب ان نحصن وضعنا الداخلي سواء علي الصعيد التنظيمي او الصعيد الوطني، و الطريق للوصول الى هذا الهدف قصيرة جدا، فقط مطلوب من الرئيس عباس ان يجري تغيير اتجاه في كل ما يتعلق بترتيب البيت الفتحاوي و انهاء الانقسام ( هذا لا يعفي حماس ايضا) و الذهاب الى انتخابات تشريعية و رئاسية و مجلس وطني.
تحصين الجبهة الداخلية من خلال اتخاذ خطوات عملية توحد و لا تفرق هو الرد العملي علي اي محاولات لفرض قيادات على الشعب الفلسطيني، واغلاق الطريق امام الادارة الامريكية وخياراتها التي تسعى الى ابتزاز الرئيس عباس من خلال التلويح عبر ابواقها بخطر القيادة البديلة.