مقالات

علي التركي كيف تفكر المواقع الإخبارية الكبرى «49»

علي التركي
 
فئة «القادة» في أي سوق لها مزايا خاصة جدا، تختلف عن باقي فئات السوق، فالمواقع الإخبارية التي تنتمي إلى تلك الفئة، لها مزايا خاصة سواء في التصميم أو طريقة الكتابة والعرض والتحديث، وغالبا ما تحاول المواقع الأخرى تقليدها، فالقادة يفرضون المنتجات على السوق بفعل قوتها.
والمواقع الكبرى لا يمكن تصنيفها وفقا للإمكانات المادية أو البشرية التي تمتلكها فقط، لكن الأهم الأفكار البراقة التي تبتكرها، وتساعد في توسعة السوق وزيادة اعتماد القراء على الصحافة الإلكترونية في استقاء المعلومات، بل في تدعيم موقف الوسيلة الإعلامية أمام الوسائل الأخرى.
وتعول فئات السوق كافة على المواقع الإخبارية الكبرى، لقيادة المستقبل، وتدعيم القطاع الاقتصادي والإعلاني، ووضع نموذج إداري وإخراجي وتحريري يمكن للمواقع الصغرى والمتوسطة الاعتماد عليه والاستمرار في السوق.
ودائما ما تمتلك المواقع الكبرى زمام المبادرة في إدخال أي تطوير في الصناعة، لا يمكن أن تلجأ إلى تقليد المواقع المنافسة سواء في «التصميم، أو التحرير، أو النظام الإداري»، فالتقليد سمة رئيسية للمواقع الصغيرة فقط.
ولفهم طريقة تفكير المواقع الكبرى، سنرصد 3 إستراتيجيات تسعى دائما لتطبيقها كجزء رئيسي يعبر عن سماتها ودورها في سوق المنافسة.
توسعة سوق المنافسة
توسعة سوق المنافسة، يظل الهاجس الأول لكل المواقع الكبرى، فدائما السؤال الأهم هو: كيف نجلب مزيدا من القراء؟.
وتستخدم المواقع الكبرى هذه الإستراتيجية بـ4 طرق على النحو التالي:
 دخول المنافسة بنفس المنتج الصحفي التقليدي، وتركيز الاهتمام على نفس الجمهور الذي يتصارع عليه المنافسون، مع إضافة ميزة تنافسية في المعالجة أو السبق أو قوة المصادر.
 إنتاج مواد صحفية تقليدية، واستهداف جمهور جديد، بعيدا عن المنافسين، وهنا يكون بمثابة أرض جديدة يدخلها الموقع.
 إنتاج مواد صحفية جديدة، وطرحها على نفس الجمهور المستهدف للمنافسين، بهدف الحصول على ميزة تنافسية عن باقي المواقع، وهذا النوع لا يصلح إلا للمواقع التي أثبتت صدارتها.
 إنتاج مواد صحفية جديدة، وطرحها على جمهور جديد، بعيدا عن المنافسين، وهنا يتمتع الموقع بالمزايا التنافسية كافة.
 إستراتيجية الحفاظ على الصدارة
تواجه المواقع الإخبارية الكبرى مشكلات كثيرة تؤدي إلى إحساسها بالضغوط بشكل مستمر، نتيجة محاولتها الحفاظ على صدارتها واستحواذها على الجمهور، فكل يوم تُدشن مواقع جديدة وتتمكن من جذب عدد من القراء، فتتقلص حصص المواقع الكبيرة كنتيجة طبيعية، فالمواقع الصغرى تريد دائما تهديد المواقع الكبرى ومنافستها حتى لو كانت لا تمتلك الإمكانات اللازمة لذلك.
ويوضح هذا الخيار، لماذا اتجهت الكثير من المواقع الإخبارية الكبرى إلى شراء الزيارات الوهمية أو لضخ جزء كبير من ميزانيتها لصالح الإعلانات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتطبق المواقع الكبرى هذه الإستراتيجيات بـ4 طرق على النحو التالي:
 الدفاع عن مركز الموقع: بدراسة سبل التدعيم والتطوير، وإعادة النشاط والحيوية مرة أخرى بعد أن هدأت، نتيجة لشعور العاملين بقوة موقفهم التنافسي، والهدف هنا إثارة الحماسة لدى الصحفيين وتحفيزهم على تقديم خطط للتطوير واستمرار السيطرة على السوق.
 الدفاع الوقائي: عبر زيادة المخصصات المالية لصالح التسويق، في محاولة لجذب الجمهور الهارب منها، ويكون ذلك إجراء وقتيا.
 الدفاع المتحرك: عبر الاهتمام بمواد صحفية جديدة سقطت سهوا مع دورة العمل السريعة، بهدف جذب جمهور جديد مثل «التقارير والتحقيقات وصحافة القوائم والملفات التفاعلية والانفوجراف».
 الدفاع بالانسحاب: عبر ترك مساحة للمواقع الصغرى للاستحواذ على بعض الجمهور الذي يحتاج إلى نوعية معينة من الموضوعات لا يستطيع الموقع إنتاجها في الوقت الحالي، بسبب الضغوط أو لتركيز الانتباه ناحية أهداف أخرى تعزز مكانتها في الصدارة، وبالتالي تعيد هيكلة تقسيم الأبواب وتستغني عن بعض منها بهدف تدعيم تبويبات أخرى سواء جديدة أو قديمة.
 إستراتيجية التطوير المستمر
أي موقع مهما كانت إمكاناته المادية والبشرية وقدراته التقنية، يحقق نجاحا كبيرا في البداية ومع مرور الوقت وضغوط المنافسة والمشاحنات مع المواقع الأخرى، سواء الكبرى أو الصغرى، يفقد كثير من رونقه وينقص تدريجيا حجم جمهوره.
فالمواقع الإخبارية الكبرى كأي كائن حي يمر بمرحلة تكوين منظمة، ثم يولد ويبدأ في النمو بشكل تدريجي، حتى يصل إلى قمة النضج، ثم يبدأ مسلسل التدهور بفعل عوامل المنافسة والصراع والتطور التقني، وهنا تكمن الحاجة الملحة لوضع إستراتيجيات للتطوير المستمر.
وفي هذه الحالة تتجه المواقع الكبرى نحو تطوير المنتج الصحفي بشكل مستمر، حتى لو كان يحقق رواجا واسعا، وكلما كان التوقيت مناسبا للبدء في عملية التطوير ساعد ذلك الموقع على الاحتفاظ بالصدارة.
ولا يكون التطوير قاصرا على المنتج الصحفي فقط، بل أحيانا يكون تغيير التصميم الذي تعود عليه الجمهور عاملا إيجابيا في كثير من الأحيان، مثلما يفعل «فيسبوك»، حيث يضيف على فترات مزايا جديدة تحافظ على التفاعل ووجود الجمهور عليه أكبر فترة ممكنة، في ظل المحاولات المستمرة لتدشين مواقع تواصل اجتماعي منافسة خصوصا من شركة «جوجل» العالمية.
وتصلح تلك الإستراتيجية لجميع المواقع وليست الكبرى فقط، فأي مؤسسة لديها طموح يجب أن تعتمد على التطوير المستمر، عبر تقييم دقيق ودوري للأداء، ووضع خطط لتغيير التصميم وتطوير المحتوى بين الفترة والأخرى، والاستعانة بكوادر وعناصر بشرية جديدة، لضخ الدماء والنبض داخل الموقع.