ثقافيه

اتفاق على الحرية وجدل حول فرسانها… من يفوز بـ”نوبل” للآداب؟

سيعلن عنه الخميس ومعظم التوقعات تشير إلى الروسية المعارضة لـ”الكرملين” ليودميلا أوليتسكايا وسلمان رشدي

أ ف ب 

تبقى مداولات اللجنة المنوطة باختيار الفائزين سرية لمدة 50 عاماً (أ ف ب)

رجح خبراء أن تؤول جائزة “نوبل” للآداب التي يعلن الفائز بها الخميس المقبل، إلى كاتب يرفع عالياً لواء حرية التعبير، فهل تجرؤ الأكاديمية السويدية على اتخاذ خيار سياسي صريح؟

وتحضر في معظم التوقعات أسماء الأديبة الروسية المعارضة لـ”الكرملين” ليودميلا أوليتسكايا برواياتها الملحمية على طريقة جون شتاينبك، والكاتب البريطاني الشهير سلمان رشدي الذي أهدر دمه بفتوى سابقة وأصيب في اعتداء تعرض له في أغسطس (آب) 2022.

لكن الأكاديمية السويدية قد تختار أيضاً منح الجائزة لكاتب أقل جماهيرية، كالصينية الطليعية كان شويه.

بمنأى من السياسة

ورأت رئيسة القسم الثقافي في صحيفة “سفينسكا داغبلاديت” السويدية ليزا إيرينيوس أن من شأن اختيار أوليتسكايا، لو حصل، أن يثبت أن “الأدب يبقى في منأى عن السياسة” من خلال تسليط الضوء على الأدب الروسي على رغم الحرب في أوكرانيا.

أما بيورن فيمان من صحيفة “داغنس نيهيتر” السويدية فرأى أنها فرصة لمكافأة مؤلفة تعيش في ألمانيا وتقف في وجه السلطة الروسية، مما سيشكل “رسالة سياسية جداً” من الأكاديمية.

اقرأ المزيد
  • 3 علماء يخطفون “نوبل للفيزياء” بديناميكيات الإلكترون
  • “نوبل الطب” لمجرية وأميركي أسهما في لقاحات كورونا
  • “نوبل” تتراجع عن دعوة السفير الروسي بعد جدل
  • رحل الروائي الكبير ميلان كونديرا وفي قلبه غصة نوبل

ومع أن فيمان لاحظ أن للسيرة الذاتية للأميركية الأنتيغوية جامايكا كينكايد فرصاً في نيل الجائزة، سيكون سعيداً في حال حصول سلمان رشدي عليها، إذ اعتبر أن “الوقت حان ليفوز”، مضيفاً “إذا حصل ذلك فسأرفع قبعتي للأكاديمية”، إذ إن منحه الجائزة “هو بمثابة تحية لحرية التعبير” التي يرى كثر في كاتب “آيات شيطانية” تجسيداً لها.

وتحاول الأكاديمية إعادة تلميع صورتها منذ فضيحة جنسية هزتها عام 2018، والجدل الذي أعقبها في شأن منح الجائزة للكاتب النمسوي بيتر هاندكه، بسبب دفاعه عن الصرب خلال حروب التسعينيات في البلقان.

وفي العام الماضي فازت بالجائزة الروائية الفرنسية آني إرنو عن أعمال تروي تحرر امرأة ذات أصول متواضعة، أصبحت على رغم عنها أيقونة نسوية.

ومنحت الجائزة في 2021 للروائي البريطاني من أصل تنزاني عبدالرزاق قرنح، الذي تركز أعماله على محنة اللاجئين وعلى الاستعمار والعنصرية.

ولاحظت أستاذة الأدب في جامعة “ستوكهولم” كارين فرانتزن أن “وعياً أكبر تكوَّن في السنوات الأخيرة في شأن عدم جواز الاستمرار في التركيز على أوروبا، والحاجة إلى قدر أكبر من المساواة، وضرورة أن تعبر الجائزة عن عصرها”.

ما لم يكن ممكناً

وينسجم ذلك مع التشكيلة الجديدة للأكاديمية التي جددت نحو نصف أعضائها منذ منح جائزة “نوبل” لهاندكه، على ما أكد رئيس تحرير القسم الثقافي في “داغنس نيهيتر”، مشيراً إلى أنها “غيرت صورتها”.

ولا يتردد كثر من أعضاء الأكاديمية من مؤلفين وفلاسفة وأساتذة في مواجهة النقد، ويشاركون بشكل كبير في النقاش المجتمعي، وينظمون مؤتمرات عن حرية التعبير والمساواة، وينشرون مقالات في الصحافة السويدية.

وذكر بيورن فيمان أن “تصور ذلك لم يكن ممكناً قبل خمس سنوات”، فالعضو الـ15 في الأكاديمية الشاعرة الإيرانية جيلا مساعد، اتخذت مثلاً موقفاً ضد النظام الإيراني، مشيدة بالجودة الأدبية لأعمال الشاعر السوري أدونيس، المطروح اسمه لجائزة “نوبل” منذ أكثر من 10 سنوات.

لكن الصحافية الأدبية في الإذاعة الوطنية السويدية لينا كالمتيغ أقرت بأن “من الصعوبة بمكان التكهن سلفاً بكيفية تفكير أعضاء الأكاديمية”.

وتبقى مداولات اللجنة المنوطة باختيار الفائزين سرية لمدة 50 عاماً.

وفي توقعات النقاد أيضاً كتاب آخرون “عاديون” تطرح أسماؤهم باستمرار للفوز بجائزة “نوبل”، كالروماني ميرسيا كيرتاريسكو، والمجريين بيتر ناداش ولاشلو كراشناهوركاي، والفرنسيين ميشال ويلبك وماريز كونديه.

إلا أن هذه الطريقة التقليدية في التنبؤ بجائزة “نوبل” للآداب لم تعد تصلح.

وقال رئيس تحرير القسم الثقافي في صحيفة “إكسبرسن” الشعبية فيكتور مالم “نظراً إلى وعد الأكاديمية بالانفتاح على مناطق جغرافية أخرى، أخشى أننا لن نمتلك في نهاية المطاف المعرفة اللازمة للتخمين جيداً، حتى مع الحصول على درجة الدكتوراه في الأدب”. ويرجح مالم فوز أحد النرويجيين يون فوسيه أو داغ سولشتاد هذه السنة.

وللوفاء بوعدها، تستشير الأكاديمية السويدية متخصصين خارجيين بغية التمكن من تكوين فهم دقيق للمؤلفات الآتية من خلفيات أخرى.

وفي غضون ذلك تحكي الأرقام قصة مختلفة. فمنذ إنشاء الجائزة نالت 17 امرأة فحسب اللقب الأدبي المرموق من أصل إجمالي الفائزين به البالغ 119. وأعطيت الجائزة لـ16 فرنسياً، ولواحد فحسب يكتب بالعربية هو المصري نجيب محفوظ عام 1988.