ابراهيم شير
عام 2018 يدخل على سوريا وقد تبدل وجهها عن الاعوام السابقة وبدأت دمشق تتنفس الصعداء شيئا فشيئا بعد ان باتت الدولة السورية تسيطر على اكثر من 70 بالمئة من مساحة البلاد وزوال تهديد “داعش” الارهابي، ولكن هناك تهديدات ومخاطر تواجه الدولة السورية في مرحلة التعافي من الحرب ومرحلة ما بعدها ايضا.
اولى هذه المخاطر هو الوضع الاجتماعي المفكك، لن نكن مثالين ونصور الوضع في سوريا على انه المدينة الفاضلة لافلاطون، فهناك وضع اجتماعي منهك ومفكك وقيم شبه مدمرة، وطبعا هذه الامور هي تراكمات من قبل اندلاع الازمة الى وقتنا الحالي، ولذلك يجب اعادة بناء المجتمع بدون اي فوارق طبقية او مناطقية، حيث ان الجميع يعلم ان هناك مشكلة كبيرة بين ابناء المدن والارياف في سوريا، وهو امر القى بظلاله على الوضع بعد الحرب، حيث ان المدن الرئيسية لم تسقط، ولكن اريافها هي من اقسطها مثل حلب وادلب والرقة، وهو ما يحتم على الدولة الاهتمام بالارياف اكثر من قبل.
ثاني المخاطر هو الاطفال مجهولي النسب، وذلك بسبب الزواجات وحالات الاعتداء التي قامت بها الجماعات الارهابية في الاماكن التي كانت تحتلها، وهو ما يجعل مشكلة مجهولي النسب ازمة حقيقية في المجتمع السوري، وخصوصا ان بعضهم قد بلغ عمره 5 او 6 سنوات، وهو ما يحتم على الدولة السورية التصرف بطريقة سريعة لايجاد حلول لهذه الازمة المركبة من عدة ازمات، وذلك لكي لا يكونوا هؤولاء الاطفال نواة لازمة جديدة تخرج في البلاد بعد عقود.
ثالث الازمات التي تواجه سوريا هي ازمة الامان الاجتماعي، والتعايش بين افراد الطوائف الاخرى وخصوصا المدن والقرى التي خرجت عن سلطة الدولة السورية لاعوام فتم تغذية رؤوس السكان بافكار متطرفة، وباتت هذه القرى والبلدات تشكل خطرا على من حولها، ورأينا في العام المنصرم عندما قام بعض اهالي مدينة القريتين في ريف حمص بعد ان حررها الجيش السوري من “داعش”، قاموا بحمل السلاح مرة اخرى تحت ضغط من الارهابيين والقيام بمجازر في القرى المجاورة، وهذا مثال صغير عن امور قد تحدث بسبب طبيعة الحرب التي فرضت على سوريا.
رابع الازمات التي تواجه سوريا هي ازمة جرحى الحرب، حيث انه يجب ان يتم علاجهم بصورة دورية وبعضهم تعرض لاصابة خطرة ويحتاج لعدة عمليات وعلاجات قد تستمر لعقود، وهو ما يحتم على الحكومة السورية اتخاذ خطوات جوهرية وجريئة بهذا المجال، مثل انشاء وزارة خاصة بهم او مستشفايات مجانية وغيرها من الامور.
خامس المخاطر التي تهدد البلاد مستقبلا هو الفساد، حيث ان هذه الافة لاتزال تواكب الشعب السوري من قبل الازمة الى ما بعدها، وهو ما يهدد خطط اعادة الاعمار والوضع الامني وغيرها من الامور، حيث ان الفساد يدخل بعمل مؤسسات الدولة منذ فترة طويلة واتعبها.
قد لا تكون ولا دولة عربية واجهت ازمة مثل الازمة السورية، ازمة مركبة وتداعياتها اكبر منها، ولكن ان عدنا في التاريخ قليلا سنجد ان فيتنام قد واجهت نفس الازمة تقريبا وكانت محط صراع دولي واقليمي، وبعد انتهاء الحرب الاهلية وتوحيد فيتنام عام 1973، عملت الدولة الى المصالحة بين افراد المجتمع ومحاربة الفساد بشكل كبير، وبالوصول الى عام عام 86 وضعت خطة اقتصادية غيرت وجه البلاد كليا حتى عام 2000، فنحن هنا لا نقول المانيا ولا اليابان، بل نقول دولة ناشئة مثلنا، وقد نكون نملك مقومات النهوض اكثر منها.
على المجتمع السوري مساعدة الدولة للتخفيف من اعباء هذه الازمة وتداعياتها حاليا وفي المستقبل.