مقالات

استخدامات “انستجرام” بين المنافسة الانتخابية والتسلل الإرهابي

تسييس الصورة:

د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح

على الرغم من انتشار تطبيقات الهواتف المحمولة إلا أن عددًا محدودًا منها حقق انتشارًا عالميًّا كاد يقترب إلى حدود الاحتكار، لا سيما مع اتجاه عمالقة التكنولوجيا للاستحواذ عليها. ومن أهم هذه التطبيقات إنستجرام، المتخصص في مشاركة الصور والفيديوهات، وهو التطبيق الذي لاقى انتشارًا مضطردًا حتى وصل عدد الصور عليه إلى 40 مليار صورة حول العالم.

وعلى الرغم من استخدام التطبيق لأغراض التسلية والترفيه بالأساس، إلا أنه شهد أيضًا استخدامًا سياسيًّا تارة بغرض الدعم والتضامن، وتارة أخرى بغرض الدعاية السياسية والحروب الانتخابية، وتارة ثالثة لنشر الأفكار الإرهابية، لا سيما بعد إغلاق العديد من حسابات التنظيمات المتطرفة على فيسبوك ويوتيوب وتويتر، الأمر الذي حمل أبعادًا أكثر جدية للتطبيق.

انتشار مضطرد:

أطلق المبرمجان الأمريكيان “كيفن سيستروم” و”مايك كريجر” تطبيق إنستجرام على متجر “آبل” في أكتوبر 2010 كأول منصة اجتماعية لالتقاط الصور ومشاركتها. ورغم بساطة التطبيق، إلا أنه استطاع أن يحقق رواجًا هائلًا حتى بلغ عدد مستخدميه بعد شهرين فقط من إطلاقه مليون شخص حول العالم، وقبيل نهاية العام الأول بلغ عدد مستخدميه 10 ملايين شخص يتداولون 150 مليون صورة.

وفي أبريل 2012، تم طرح التطبيق على متجر أندرويد، وبعد ستة أيام تم الإعلان عن شرائه من قبل فيسبوك، وتضاعف عدد مستخدميه إلى 80 مليون مستخدم في يوليو من العام نفسه، وهو الرقم الذي ارتفع إلى 100 مليون في فبراير 2013، ثم 150 مليون مستخدم نشط شهريًّا في سبتمبر من العام نفسه، يتداولون 16 مليار صورة بمعدل 55 مليون صورة يوميًّا. وقد ساهم إطلاق التطبيق لخدمة الفيديو في يونيو 2013 في تدعيم هذا الرواج، وهي الخدمة التي شهدت رفع 5 ملايين مقطع فيديو في أول أربع وعشرين ساعة من إطلاقها.

وعقب خمس سنوات، وصل عدد المستخدمين النشطين شهريًّا إلى 700 مليون في أبريل 2017، يتداولون 40 مليار صورة، مقارنة بنحو 600 مليون في ديسمبر الماضي، ليسجل أعلى معدل نمو له منذ إطلاقه بإضافة 100 مليون مستخدم جديد خلال أربعة شهور فقط. ويبلغ معدل استخدامه 32% بين مستخدمي الإنترنت ليصبح ثاني أكبر شبكة اجتماعية انتشارًا بعد فيسبوك.

ويقدر تقرير الإعلام الاجتماعي العربي لعام 2017 الصادر عن كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية عدد مستخدمي إنستجرام في الدول العربية بنحو 7.1 ملايين مستخدم نشط، تستحوذ المملكة العربية السعودية على 30% منهم بإجمالي 2.1 مليون مستخدم، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة 1.2 مليون، ثم مصر 800 ألف، ولبنان 570 ألفًا، والكويت 360 ألفًا، فيما تستحوذ الإمارات على أعلى معدل انتشار بنسبة 13% من سكانها.

وتقل هذه الأرقام كثيرًا عما أعلنه جوناثان لابين، المدير العام لمنطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا وباكستان لدى شركة فيسبوك المالكة للتطبيق، والذي أفصح في فبراير 2017 عن أن مستخدمي التطبيق بالشرق الأوسط بلغ 63 مليون مستخدم ما يجعلها المنطقة الأكثر نموًّا في استخدامه عالميًّا، وقد يرجع هذا الاختلاف إلى المنهجية التي اتبعها تقرير الإعلام الاجتماعي الذي اعتمد على جمع البيانات بأسلوب العينات، وذلك بالتطبيق على عينة ضخمة قوامها 750 ألف مستخدم، مع استخدام طرق تحديد المواقع الجغرافية لتحليل بيانات الصور وغيرها من أساليب التحليل.

الاستخدام السياسي:

على الرغم من الطابع الخفيف لتطبيق إنستجرام والذي يتنافر مع النمط التقليدي للاتصال السياسي من حيث كونها أكثر جدية وصرامة، إلا أن هذا الطابع نفسه أتاح مزايا نوعية للتطبيق جعلت منه أداة جيدة للتواصل مع فئات جديدة وبأساليب غير مألوفة، وهي المزايا التي تتركز في ثلاثة عناصر؛ الأول الارتباط بالصورة والعناصر المرئية والتي تُعد الأكثر رواجًا وتشجيعًا على التفاعل، الثاني الطابع الحميمي الذي يتيح مساحات للاستمالات العاطفية والتواصل الإنساني خاصة في الحملات الانتخابية، أما الثالث فهو جمهور المستخدمين الذين تُظهر الإحصاءات أن النسبة الأكبر منهم من الإناث وصغار السن، وهي الفئات التي طالما كان من الصعب التوجه إليها. ففي الولايات المتحدة، أظهر استطلاع لمركز “بيو” للأبحاث في أغسطس 2017 أن 60% من مستخدمي التطبيق من النساء، و51% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا.

وتتضح تلك المزايا التي يوفرها إنستجرام للتواصل السياسي بالنظر إلى نتائج الدراسات التي أُجريت في هذا الشأن، فقد أظهر تقرير تويبلوماسي Twiplomacy المتخصص في استخدام القادة السياسيين للإعلام الاجتماعي والصادر عن “مؤسسة بيرسون مارستيلرز للعلاقات العامة” حول “قادة العالم على إنستجرام للعام 2017″، أن 144 دولة من 193 عضوًا بالأمم المتحدة (72.5%) يمتلك رؤساؤها أو قادة حكوماتها ووزراء خارجيتها حسابات على التطبيق، وأضاف التقرير أن الطبيعة المصورة له تجعله قناة مثالية للزعماء من أجل مخاطبة الناخبين بمكونات مصورة تسمح لهم بالمشاركة والتفاعل.

وكشف التقرير الذي تضمن تحليل 325 حسابًا لشخصيات رسمية يتابعها نحو 49 مليون شخص في أبريل 2017، أن حساب رئيس وزراء الهند ناردندرا مودي كان الأكثر متابعة بإجمالي 6.8 ملايين متابع، يليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإجمالي 6.4 ملايين، فيما ضمت قائمةُ العشرة الأوائل اسمين عربيين هما: الملكة رانيا العبدالله (عقيلة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية) التي يتابع حسابها 3.1 ملايين، وسمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس وزرائها بإجمالي 3.4 ملايين متابع، كما وُضع حساب وزير الخارجية البحريني أحمد بن خالد آل خليفة ضمن قائمة الحسابات الجديرة بالمتابعة والتي تنشر صورًا غير تقليدية وتتعامل بابتكار مع المتابعين.