مقالات

الأردن: دعوة “المصري” لروؤساء الحكومات: لماذا غاب الملقي والمجالي؟

عبد الفتاح طوقان
شارك رؤوساء حكومات سابقة ، في اجتماع دعي اليه رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري في منزله بالامس ، من الذين كانوا يؤيدون إلغاء قرار الرئيس الامريكي ترامب بخصوص نقل السفارة الامريكية الي القدس و الاعتراف بالقدس الموحده عاصمة لاسرائيل ، في المناقشات السياسية حيث نددوا بالمبادئ الأخلاقية المتدنية بسبب هذه الممارسات التي تنفي عن امريكا دورها الحيادي في الوساطة لاجل السلام في الشرق الاوسط، وشجعوا على متابعة الاحداث و التواصل.
غاب عن الاجتماع اثنان، مما اعطيا مؤشرا سلبيا بغض النظر عن الاسباب الموجبة و هما عبد السلام المجالي رئيس لجان التفاوض مع اسرائيل و رئيس الوفد الاردني لعملية السلام ‘وادي عربة’ ، و هاني الملقي مسؤول تفاصيل ملفات اتفاقية وادي عربه، و هذا الغياب اثار الاستياء، مهما كانت الاسباب لكن له اشاره واضحة سياسية مرجعيتها اتفاقية وادي عربة التي تحرم المشاركة في اي اعمال او ائتلافات عدائية لا تتوافق ودولة اسرائيل و وعدم الدعاية المضادة أو اظهار العداء الثقافي من خلال وسائل الاعلام.
كان الجدل الأخلاقي حول غيابهما، رغم تعلل احدهما بوفاة شقيقه رحمه الله عليه، الا ان غياب الاخر وهو رئيس وزراء في منصبه، و الذي لم يعلن او يصرح بأي كلمة تجاه ما يحدث في قضية القدس الموحده و السفارة الامريكية و ترك لنائبه الدكتور ممدوح العبادي ، و الذي عرف عنه رئاسته للجنة الانتفاضة وقت ان كان نقيبا للاطباء التصرف و التصريح و الحشد للتظاهر.
أن غياب الدكتور هاني الملقي عن الاعلام و من ثم عن اجتماعات روؤساء الحكومات السابقة يعتبر واحداً من الأسباب الرئيسية للخلاف السياسي في الساحة ، والذي يعتقد البعض انه سيؤدي إلى حكومة جديدة برئاسة الدكتور ممدوح العبادي تمتص غضب الشارع و تشكل من رموز وطنية و نقابية و قيادات اخوانية لمواجهة المد الامريكي في تهميش و تقليص وانهاء الدور الاردني لصالح نظام بديل، و في نفس الوقت اشارة لامريكا عن استعداد الاردن لتغيير قواعده السياسية و بوصلته من امريكا و محاربة الارهاب الي تركيا و دعم تنظيم الاخوان. و بات ذلك واضحا في زيارة ملكية الي تركيا فور اعلان القدس عاصمة لاسرائيل و مطالبات من النواب باعادة فتح مكاتب الجزيرة المعروفة بدعمها للتيار الاخواني و المعادي للسياسات الامريكية و لو شكليا.
بعد قرار الرئيس الامريكي الاعتراف بالقدس الموحده عاصمة لاسرائيل أصبح الدور الاردني لاغيا وغير قانوني من وجهة نظر اسرائيل في كل الاحوال ، وبات مخطط النظام البديل واضحا مما يحتاج الي ممارسة اردنية مختلفة مع إخضاع الحكومة الي رأي الشارع و الذي يتعارض مع الأمريكيين .
لم يجتمع رؤوساء الحكومات ، مثل هذا الاجتماع و بتلك السرعة الصاروخية حين النزاع الإسرائيلي الفلسطيني و قصف غزة ، وقت اثارة قضية اللاجئين والغاء مفهوم العودة , اثناء بناء الجدار الإسرائيلي العازل, عند مبادرة السلام العربية التي خرجت من السعودية, بناء المستوطنات الاسرائيلية و ضم الاراض الفلسيطينية, الحرب علي سورية ، الحرب علي اليمن ، الحرب علي العراق ، الافلاس الاقتصادي و تخطي حدود الدين الاردني ، قتل المواطنيين الاردنيين ، ارتفاع الاسعار و زيادة الضرائب و غيرها ، و لكنهم اجتمعوا وقت ان تمت الاشارة لهم أن الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن المقدسة في القدس في “خبر كان”. و لوحظ ايضا سرعة دعوة رئيس مجلس النواب لاجتماعات للبرلمان العربي، تصريحات من الامراء ، و السبب ان الاردن استشاط غضبا ان دوره الي رحيل اكثر من موضوع القدس عاصمة اسرائيل.
ايا كان، الاجتماع لرووساء الحكومات ايجابي و لا بد ان يستمر دوريا و يناقش كل امور الدولة و ما يخص الشعب و مستقبله ، و لقد سبق وأن تسآئل الملك عبد الله الثاني منذ عام تقريبا :؛اين هم المسؤولون السابقون مما يحدث؟”.
الاهم الان هو مصير الاردن، ليس في القدس فقط، فهذا ابسطها، و لكن المخطط القائم لقيام نظام بديل ؟ وكيف يمكن التخطيط لوقف هذا التوجه الصهيوني الامريكي الذي بدء مع الرئيس الامريكي رونالد ريجان و اوقفته رئيسة وزراء بريطانيا ؟ ، و ما هو الحل و البديل اذا ما تم ؟ ، لا بد من وجود خطة “ب” لا ان يترك الاردن لا سمح الله لمهب الرياح. ما هو تحليل الرووساء مثلا للاتجاه الي الحضن التركي ؟ الي طرد السفير الامريكي من عمان ؟ الي الغاء اتفاقيات التعاون العسكري و القواعد العسكرية المحلية ؟ الي الغاء معاهده وادي عربه ؟ الي و الي و الي العديد من القضايا الشائكة. القضية ليست استقبال جيد و حسن لقاء علي موائد المصري و كرم ضيافته . الموضوع اعمق من الكنافة النابلسية للتحلية بعد مناقشة القدس.
لقد ترك الرؤوساء احتلال اسرائيل لفلسطين و بات التفكير هل القدس عاصمة لدولة غاصبة ام لا ؟ . الاساس ياسادة هو الاغتصاب لفلسطين والاحتلال و التشريد و مذابح صبرا و شاتيلا و دبر ياسين . اين دوركم السياسي ايها الروؤساء و مواقفكم ؟.
الاردن بحاجة الي خطط عملية ، لا تنظير و اجتماعات و مناسف و خدمات من الماريوت و الميريديان اثناء الاجتماع، و يحتاج بقوة الي وزرآء ذو فكر استراتيجي و رؤية مستقبلية و حكمة تحليلية قادرة علي فهم المجريات و توقع خطوات الخصم و يجد البدائل و الحلول.
لقد جرب الاردن المجمتعين في منزل رئيس الحكومة “المصري “ و بعض منهم فاشل و افشل الاردن و اوصل الاردن الي ٣٠ مليار دين و الي حالة من الاسفاف السياسي، الصراحة و المصارحة يجب ان تكون الاساس لاحداث نقلة نوعية و عدم الوقوع في نفس الاخطاء نتيجة تدوير الفشل و المفشلون. اعلان ما تم و طرحه علي الشعب و الحديث حوله اساس لبناء ثقة مفقودة و للوصول الي حلول غائبة.
الاردن تسع مليون و ليس خمسة عشر من رؤوساء حكومات و ثلاثمآئة وزير.
كفي حكومات كياناتها ضعيفة هشة ممتلئة بالفساد والتي تقوم على هدر الموارد، خالية من قوة الرقابة وإدارتها مقيدة والتزاماتها بالخدمة العامة ضعيف والتوظيف بالواسطة و الجغرافيا.
مطلوب حكومة قوية قادرة علي ابقاء الاردن حيا و تجهض كل محاولات تهميش الاردن و افكار النظام البديل الذي يلوح في الافق القريب.
اليوم هو افضل يوم لحكومة جديدة، حكومة بورقها و سخونتها قادرة علي صنع الاحداث لا التعامل برد الفعل مع الحدث.